تسببت أزمة نقص عملة الدولار الأميركي في مشاكل عدة لمصر، من بينها تأخر رواتب العاملين في وزارة الخارجية، لاسيما السفارات المصرية بالدول الأخرى، بالإضافة إلى تأخر سداد مستحقات شركات الطيران الأجنبية، كما تسببت الأزمة في تقليل الواردات من مختلف السلع.
إيلاف من القاهرة: ألقت أزمة نقص الدولار الأميركي في مصر بظلالها على العديد من القطاعات بالدولة، وتأثرت رواتب العاملين في وزارة الخارجية بالأزمة. وتأخر صرف رواتب البعثات الدبلوماسية المصرية في السفارات، عن شهر أغسطس الماضي.
وكشفت برقية مرسلة من وزارة الخارجية بالقاهرة إلى البعثات الدبلوماسية بالخارج، عن تأخر صرف الرواتب الشهر الماضي، وطلبت من السفراء تأجيل دفع الالتزامات المالية، "لحين موافاتكم بآليات صرف المرتبات"، على حد تعبير البرقية الموقعة باسم مدير عام الإدارة العامة للاستحقاقات بالخارجية عماد سمير.
ويبلغ عدد البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج 162 بعثة، تضم نحو 531 دبلوماسيًا، ونحو 230 معاوناً وإدارياً، ويتقاضون رواتبهم بالدولار.
وأقرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب في شهر يونيو الماضي، ميزانية أجور العاملين في وزارة الخارجية، بإجمالي مبلغ 2.4 مليار جنيه، في موازنة 2016/ 2017، بزيادة قدرها 9.7% عن موازنة العام الماضي.&
وشهدت رواتب العاملين في ديوان عام الوزارة، زيادة تقدر بـ 216 مليون جنيه للعام، وبلغت تقديرات "الأجور وتعويضات العاملين في ديوان وزارة الخارجية فقط" مليارين و437 مليونًا و 858 ألف جنيه في السنة المالية 2016/ 2017، مقابل مليارين و221 مليونًا و551 ألف جنيه في السنة المالية 2015/ 2016، بزيادة قدرها 216 مليونًا و307 آلاف جنيه، بنسبة 9.7%.
زيادة
وأقر البرلمان زيادة أخرى في ميزانية وزارة الخارجية للاحتياطات الأمنية، تقدر بـ4.1 ملايين جنيه، لتبلغ مخصصات هذا البند فقط، 89 مليونًا و300 ألف جنيه، بزيادة قدرها 4 ملايين و150 ألف جنيه عن العام الماضي.&
وقال تقرير لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان إن الزيادة ستُستخدم في شراء الأجهزة اللازمة لتأمين الاتصالات وأحدث معدات التراسل والحاسبات الآلية للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات سواء في الوزارة أو في البعثات الخارجية، كما تستخدم في تأمين البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتعزيز الإجراءات الأمنية بها، من خلال تزويدها بكاميرات للمراقبة ومصدات وعناصر أمن مدربة ومفارم إعدام المستندات، وفى إحلال وتجديد الأثاث والآلات وتجديد السيارات التي تجاوز عدد كبير منها العمر الافتراضي.
وتسبب نقص الدولار في أزمة أخرى مع شركات الطيران الأجنبية، لاسيما في ظل تكرار تأخر صرف مستحقاتها، ما أدى إلى &تعليق الخطوط الجوية الهولندية رحلاتها إلى القاهرة اعتبارًا من السابع من يناير المقبل، وقالت إنها "تواجه صعوبات في تحويل العملة من مصر".
ويقدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، إجمالي مستحقات شركات الطيران الأجنبية العاملة في مصر، بمبلغ 275 مليون دولار.
وتأتي الأزمة مع شركات الطيران الأجنبية، بسبب شراء المصريين تذاكر السفر من مكاتب ووكلاء شركات الطيران الأجنبي بالجنيه المصري، وتعجز المكاتب عن تحويل الأموال للشركات الأم في الخارج، بسبب نقص الدولار الأميركي.
وقال وزير الطيران المدني المصري شريف فتحي، نهاية الشهر الماضي، إن وزارته تتواصل مع البنك المركزي المصري؛ لحل أزمة المستحقات المتأخرة لصالح شركات الطيران الأجنبية العاملة في البلاد.
ووفقًا لتصريحات رئيس شعبة شركات السياحة والطيران بالغرف التجارية، عماري عبد العظيم، فإن شركات الطيران الأجنبية تواجه مشكلة في &تحويل أموالها إلى الشركات الأم بالخارج بالدولار.
وقال لـ"إيلاف" إن شركات أخرى بخلاف الخطوط الجوية الملكية الهولندية "كيه . إل . إم" قد تعلق رحلاتها إلى مصر، &بسبب نقص الدولار، مشيراً إلى أن الأزمة تفاقمت بشكل واضح خلال سبعة أشهر. ولفت إلى أن البنك المركزي وعد لجدولة هذه الأموال، وسدادها إلى الشركات.
حل عملي&
وقال الاتحاد الدولي للنقل الجوي، إنه يتواصل مع البنك المركزي المصري وسلطة الطيران المدني في مصر نيابة عن شركات الطيران العاملة في البلاد، لإيجاد حل عملي للإفراج عن النقد الأجنبي لشركات الطيران، من أجل تجنب أية آثار سلبية غير مقصودة على صناعة الطيران في البلاد.
وحذر الاتحاد من، أن "مصر تخاطر بتدمير صناعة الطيران لديها، إذا ما واصلت احتجاز الأموال المستحقة لشركات الطيران الأجنبية".
وفي المقابل، قال مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري، لـ"إيلاف"، إن وزارة الطيران اتفقت مع البنك على جدولة مستحقات شركات الطيران الأجنبية. وأوضح المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن البنك يسدد مستحقات الشركات وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه، رافضاً الإفصاح عن تفاصيل الاتفاق، وقال إنه من أسرار البنك المركزي، ولا ينبغي اطلاع الإعلام على بنوده.
ونفى في الوقت نفسه تعليق شركات الطيران أعمالها في مصر، بسبب شح الدولار، وأضاف أن ما أثير بشأن تعليق الخطوط الهولندية رحلاتها غير دقيق.
وأوضح أن السبب الحقيقي يرجع إلى عقد الخطوط الهولندية اتفاق شراكة مع الخطوط الجوية الفرنسية "اير فرانس"، سيتم بمقتضاه نقل الركاب على الخطوط الفرنسية، ولا علاقة لأزمة الدولار في مصر بهذا الاتفاق.
ولم تقف الآثار السلبية لأزمة الدولار في مصر عند هذا الحد، بل أدت إلى تراجع الواردات بنسبة 6.3%.
وأوضح تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن التغيير في نسبة الواردات يعود إلى تراجع قيمة الواردات من المنتجات البترولية بنسبة 3.9%، والمواد الأولية للحديد والصلب 13.2%، والخشب والمصنوعات 23.8%، والألبان ومنتجاتها 13.8%. في حين ارتفعت قيمة الواردات من سيارات الركوب بنسبة 10.2%، والأدوية ومحضرات صيدلية 21.6%، واللحوم 26.2%.
ويرجع الخبير الاقتصادي، الدكتور عمر اسحاق، انخفاض الواردات إلى القيود التي تفرضها الحكومة المصرية على الاستيراد من الخارج.
وأضاف لـ"إيلاف" أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر قراراً منذ ثمانية أشهر بفرض رسوم جمركية على الكثير من السلع منها سلع غذائية وأجهزة كهربائية وملابس، بنسب تتراوح ما بين 5 و40%، مشيراً إلى أن الهدف من القرار هو إيقاف نزيف الدولار، والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي.
وأشار إلى أن فاتورة الواردات المصرية تبلغ نحو 80 مليار دولار سنوياً، منوهاً بأن الحكومة تتخذ اجراءات وتفرض قيوداً على الإستيراد، وصولاً إلى تخفيض الواردات بنسبة 25% خلال السنة المالية الجارية.
&
التعليقات