الرباط: اعتبر البنك الدولي في تقرير جديد، أن المغرب أمامه فرصة سانحة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل للشباب في السنوات المقبلة، وتسريع وتيرة "اللحاق بركب البلدان المتقدمة اقتصاديا،" وذلك من خلال "الاستثمار في الرأسمال البشري وتحديث الاقتصاد وتحسين أداء المؤسسات العامة".
وقدمت المذكرة الاقتصادية للبنك الدولي بخصوص المغرب برسم سنة 2017، التي عرضت خلاصاتها المؤسسة الدولية صباح اليوم الاثنين في مؤتمر صحافي بالرباط، تحليلا يحدد المسار نحو تحقيق المغرب لـ "نمو اقتصادي مستدام وأسرع وتيرة وتنمية إنسانية واجتماعية أكثر شمولا".
وسجلت المذكرة التي صدرت تحت عنوان: "المغرب في أفق 2040 - الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي"، أن النهوض بنتائج التنمية في المغرب إلى مستوى أعلى وتحقيق التقارب الاقتصادي مع بلدان جنوب أوروبا يتطلب "المزيد من تعميق إصلاح القطاعات والحكامة وإدماجها".
وأكدت المذكرة الاقتصادية للبنك الدولي أنه على الرغم من أن تشغيل الشباب "لا يزال يشكل تحديا كبيرا، فإن المملكة لديها القدرة على خلق فرص شغل وتحقيق الإصلاحات اللازمة لتحسين الإنتاجية والظروف المعيشية للسكان".
ماري فرانسواز ماري نيللي ولحسن الداودي وجان بيير شوفور |
ودعا التقرير السلطات المغربية إلى إعادة النظر في "نموذج الأعمال في البلاد من أجل حفز القدرة التنافسية، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز شروط السوق العادلة للمستثمرين، سواء كانوا من صغار أو كبار المستثمرين"، معتبرا أن من شأن ذلك أن يزيد من "تكافؤ الفرص في القطاع الخاص كي ينمو ويخلق المزيد من فرص الشغل للشباب والنساء على وجه الخصوص".
وطالبت المذكرة بزيادة الاستثمار في "الرأس المال البشري الثمين بالمغرب"، كما أشارت إلى أن نجاح الخطة الطويلة الأجل رهينة بقطاعي التعليم والصحة، حيث أفادت بأن المغرب في حاجة إلى "معجزة تعليمية ويحصل الطلاب المغاربة على المهارات اللازمة للاندماج في سوق عمل أكثر تنافسية"، كما تدعو المذكرة الاقتصادية إلى "إصلاح شامل لنظام التعليم بهدف تعزيز أداء قطاع التعليم والحكامة والنتائج".
وبخصوص قطاع الصحة، سجلت مذكرة البنك الدولي أن المغرب يحتاح "جهودا مستدامة وضخمة لسد فجوة الحصول على الخدمات بين الأغنياء والفقراء وكفالة رعاية صحية عامة فعالة وخاضعة للمساءلة"، وأكدت المؤسسة الدولية في تقريرها أن "قدرة المغرب على اتاحة وتعبئة المزيد من الفرص الاقتصادية للمرأة سوف تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي بشكل كبير"، مشددة على أن المساواة بين الجنسين مدخل أساسي لتحقيق الأهداف المرجوة.
وقالت ماري فرانسواز ماري نيللي، مديرة مكتب المغرب العربي ومالطا للبنك الدولي، في كلمة بالمناسبة، إن إعداد المذكرة استغرق "عامين من البحوث والتحليلات التي جرت بالتعاون الوثيق مع الحكومة والأطراف المعنية الرئيسية بالمغرب"، وأكدت أن التقرير يأتي في "الوقت المناسب مع انخراط البلد في مرحلة جديدة من التنمية".
وأضافت ماري نيللي "يسرنا أن نساهم في ظل جهوده نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة"، كما أعلنت أن التوصيات الرئيسية للتقرير ستقدمها إلى "مجموعة من الأطراف المعنية، من الحكومة والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص والشباب".
وأعربت مديرة مكتب المغرب العربي ومالطا للبنك الدولي، عن أملها في أن تؤدي هذه الوثيقة إلى "إثارة نقاش غني بين جميع شرائح المجتمع وتعبئة المزيد من الدعم والتفاهم للإصلاحات اللازمة لبناء مستقبل قائم على الرخاء المشترك".
فتح الله ولعلو وزير الاقتصاد والمالية المغربي الأسبق يحضر الندوة |
أما جان بيير شوفور، الباحث الاقتصادي الرئيسي بالبنك الدولي ومؤلف المذكرة الاقتصادية، فأبرز بدوره في كلمة بالمناسبة، أن إقامة مؤسسات شاملة وفرص اقتصادية متكافئة، وتعزيز المساواة بين الجنسين والثقة بين الأشخاص، والمساهمة بثقة في بناء مستقبل المغرب يتطلب "عملية تشاورية شاملة للأطراف المعنية بالبلاد لمناقشة كيف يودون رؤية بلادهم بحلول عام 2040 والاتفاق عليها".
وأضاف شوفور "نأمل أن نساهم على الأقل في تحريك هذه المناقشة من خلال التحليلات والتوقعات الواردة في هذا التقرير"، حيث يتوقع أن تثير الخلاصات التي وردت في المذكرة الاقتصادية للبنك الدولي نقاشا واسعا في المغرب بين مختلف الفاعلين والمتدخيل.
من جهته، سجل لحسن الداودي، الوزير المنتدب المكلف الشؤون العامة والحكامة، بأن المغرب انطلق في الإصلاحات الديمقراطية واتجه نحو الاستقرار، مؤكدا أن البلاد تواجه تحديين كبيرين ينبغي معالجتهما هما "البطالة والتعليم".
وشدد الداودي، في تصريح لـ"إيلاف المغرب"، على هامش حضوره ندوة تقديم المذكرة الاقتصادية للبنك الدولي، على أن تشغيل الشباب يمثل تحديا كبيرا بالنسبة للحكومة والبلاد، حيث قال: "أخطر حاجة نعاني منها هي البطالة"، مبرزا أن الحكومة تعتزم إطلاق مجموعة من المبادرات للحد منها "لدينا برنامج سنشرع في تنزيله خلال هذه السنة".
وأشار الداودي إلى أن المغرب يواجه إشكال إصلاح التعليم، واعتبر أن الحكومة عالجت إشكالية التعميم ولم تنجح في تحقيق الجودة "عالجنا إشكالية العدد ولم نعالج إشكالية الجودة، إذا أمامنا تحدي تحسين جودة التعليم".
وأفاد الداودي ان الحكومة مطالبة أيضا ب"تغيير بعض القوانين وإصلاح القضاء ومعالجة اختلالات العقار"، مؤكدا أن الإرادة لتخطي هذه التحديات "متوفرة في الحكومة الجديدة ولدي اليقين أننا سننجح".
أما مريم بنصالح شقرون ، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فقالت إن عددا من النقاط التي تضمنها تقرير البنك الدولي حول المغرب "تبين أنها مقترحات للاتحاد العام لمقاولات المغرب سبق وقدمها الاتحاد للحكومة والبرلمان المغربي".
وشددت بنصالح، في تصريح صحافي على هامش الندوة، على ضرورة "الرفع من تنافسية المقاولة المغربية وتحسين جذب الاستثمارات الأجنبية"، كما دعت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب لعقد "شراكة قوية بين القطاعين الخاص والعام"، وطالبت بالمزيد من الحكامة في المجال.
التعليقات