نيويورك: في الأيام الأخيرة المتبقية من ولايته تتخلى كبريات الأسماء في قطاع الأعمال الأميركي عن الرئيس دونالد ترمب على خلفية اتهامات له بالتحريض على الهجوم الدامي الذي شنه حشد من مناصريه على مبنى الكابيتول الأسبوع الماضي.

فقد حظرت تويتر الرئيس عن منصتها التي كان يعوّل عليها لإيصال رسالته، كما أغلقت شوبيفاي صفحات التجارة الالكترونية التي تبيع لوازم متعلقة به، فيما تقول منصة الدفع سترايب إنها لن تجري بعد الآن معاملات لحملة ترمب.

وحوّلت شركات أخرى أنظارها إلى السياسات الحادة للحزبين مع إعلان كل من مايكروسوفت وفيسبوك وغوغل تعليق التبرعات للمرشحين الجمهوريين والديموقراطيين على حد سواء.

لكن لا شيء يضمن استمرار هذه البرودة المفاجئة في علاقة عالم الأعمال الأميركي بواشنطن، خصوصا في وقت يسعى جو بايدن لإبطال العديد من سياسات ترمب المراعية للشركات عندما يتولى مهامه الأسبوع القادم.

وقال رئيس مركز المحاسبة السياسية بروس إف فريد لوكالة فرانس برس "إنها لحظة الحقيقة فعلا. هل يغيرون سلوكهم؟ أو يعودون إلى سابق عهدهم بعد فترة من الوقت"؟.

هز الهجوم على الكونغرس الأسبوع الماضي الديموقراطية الأميركية في الصميم واستدعى إدانات دولية. وولد أيضا جهدا جديدا لإزاحة ترمب المتهم بتحفيز الحشد لاقتحام المجلس فيما كان المشرعون يصادقون على فوز بايدن في انتخابات الثالث من نوفمبر.

وسارعت مجموعات صناعية كبيرة ونقابات تجارية لإدانة ترمب حتى فيما كانت أعمال الشغب مستمرة.

ودعت الجمعية الوطنية للصناعيين التي طالما كانت مؤيدة لأجندة ترمب، نائب الرئيس مايك بنس إلى أن "يفكر جديا" بتفعيل التعديل الخامس والعشرين للدستور والذي يسمح له بتولي الرئاسة موقتا بعد اعتبار ترمب غير أهل للحكم.

أما شركات التواصل الاجتماعي القلقة لاستخدام ترمب ومناصريه منصاتها للترويج للهجوم وتنظيمه، فتحركت تاليا مع حظر تويتر وفيسبوك وانستاغرام وسنابتشاش الرئيس، فيما قامت أمازون بوقف منصة بارلر المحافظة للتواصل الاجتماعي.

لكن عندما يتعلق الأمر بالتبرعات السياسية، التي كثيرا ما تمر من خلال لجان العمل السياسي، فقد كانت الشركات أكثر حرصا.

وقد أعلنت مجموعة فنادق ماريوت الضخمة وجمعية شركات التأمين الصحي بلو كروس بلو شيلد وشركة الخدمات المالية أميركان اكسبرس عن وقف التبرعات للمشرعين الجمهوريين الذين حاولوا وقف المصادقة على فوز بايدن.

ومساعي حلفاء ترمب التي باءت بالفشل كانت تجري في المجلس عندما قام متظاهرون، العديد منهم ممن يؤمنون بأن الانتخابات كانت مزورة، باقتحام الكابيتول.

لكن مصرف جي بي مورغان تشايس قال إنه بصدد وقف التبرعات لمرشحين من الحزبين، وكذلك فيسبوك ومايكروسوفت وغوغل، ما يعني أن الديموقراطيين الذين يستعدون للهيمنة بفارق ضئيل على مجلسي الكونغرس، لن يروا بالضرورة فائدة من تعليق التبرعات.

وقال دانيال جي نيومان رئيس مؤسسة مابلايت التي تعني برصد تأثير المال على السياسات الأميركية إن "تعليق المساهمات السياسية للمشرعين الذين صوتوا برفض المصادقة على فوز جو بايدن الأسبوع الماضي قرار مبرر".

لكنه شدد على ضرورة القيام بمزيد من الخطوات للتقليل من تأثير الشركات مشيرا إلى مشروع قانون في ذلك الاتجاه عرضه الديموقراطيون الذين يسيطرون على مجلس النواب قبل أيام من الهجوم على الكابيتول.

أعلنت العديد من الشركات أنها تأخذ فحسب فترة استراحة من عالم التمويل السياسي.

وقالت غوغل إن إسهاماتها مجمدة "ريثما نقوم بمراجعة وإعادة تقييم سياساتها في أعقاب الأحداث المقلقة للغاية الأسبوع الماضي"، فيما لفتت مايكروسوفت إلى أنها "تقوم دائما بتعليق تبرعاتها في الربع الأول من الكونغرس الجديد".

وقالت فيسبوك في بيان إن التعليق سيطبق فقط خلال الربع الأول "على الأقل" لكن فقط ذلك المتعلق بلجان العمل السياسي، وليس بالانفاق السياسي العام.

ولا مفر على ما يبدو من عودة مؤسسات كبرى مجددا إلى مجموعات ضغط في الكونغرس مجددا، وخصوصا مع وعود بايدن بإصلاحات مثل زيادة الضرائب على الشركات ورفع الحد الأدنى للأجور للساعة الواحدة.

وتلوح في أفق 2022 الانتخابات التشريعية التي يمكن أن تعيد مجلسي النواب والشيوخ إلى سيطرة الجمهوريين الذين غالبا ما تعتبر سياساتهم أكثر مراعاة للشركات.