دعت نقابة "بروسبكت" المهنية، التي تتعامل مع كبرى المؤسسات في المملكة المتحدة مثل بي بي سي ووزارة الدفاع وغيرها، البلاد إلى إصدار قانون عمل على غرار ما تقوم به فرنسا منذ أربع سنوات، يمنح من خلاله العمال "الحق في قطع الاتصال بأرباب العمل خارج ساعات الدوام المحددة".

وتقول كلير مولالي، وهي خبيرة في تكنولوجيا المعلومات من إيرلندا الشمالية: "لقد أصبح العمل أكثر إرهاقاً خلال العام الماضي، ثمة ضغط على الموظفين بسبب تفقدهم المستمر لبريدهم الالكتروني والرد على المكالمات الهاتفية ومكالمات الفيديو والتأكد من توفرهم في متناول اليد طوال اليوم، فيصبح من الصعب الفصل بين العمل والحياة الشخصية".

وتجادل كلير، بأن الوضع الذي تواجهه هي وملايين من الموظفين الآخرين الذين يعملون من منازلهم خلال الوباء "لا يحتمل".

ومع تنبيه العديد من أعضائها من تعرض صحتهم العقلية للخطر، دعت "بروسبكت"، الحكومة إلى منح الموظفين "حقاً قانونياً في قطع الاتصال عند الانتهاء من الدوام".

وهذا من شأنه أن يمنع الرؤساء من "إرسال إيميلات أو أن يتصلوا بهم بشكل روتيني" خارج ساعات العمل المحددة.

ويمكن أيضاً أن تُحذف رسائل البريد الإلكتروني المرسلة خارج ساعات العمل بشكل تلقائي، الأمر الذي يؤدي إلى عدم تفكير الموظفين خارج أوقات الدوام بمراقبة بريدهم الالكتروني باستمرار.

ويقول أندرو باكاس، نائب الأمين العام لـبروسبكت: "في الوقت الذي تم فيه الحفاظ على سلامة استمرار عمل التكنولوجيا الرقمية أثناء الوباء، إلا أن العمل من المنزل بات أشبه بالنوم في المكتب بالنسبة لملايين الأشخاص، مما يجعل من الصعب التوقف عن العمل بشكل كامل".

ووجد مكتب الإحصاء الوطني أن 35.9 في المئة من العاملين في المملكة المتحدة، قاموا على الأقل بجزء من وظائفهم من المنزل خلال العام الماضي، وأن هذه المجموعة - مع توفير الوقت في التنقل - كانت تقضي وسطياً حوالي ست ساعات من العمل الإضافي غير مدفوع الأجر كل أسبوع.

يذكر أن "الحق في قطع الاتصال" أصبح قانوناً إلزامياً في فرنسا منذ أربع سنوات، إذ يُطلب من الشركات تحديد "ساعات محددة" متفق عليها "للعاملين عن بُعد".

كما أصدرت آيرلندا الشمالية الشهر الماضي، قواعد عمل يتعيّن بموجبها على أرباب العمل إضافة "ملاحظات ورسائل تلقائية تظهر في أسفل الرسالة الالكترونية، لتذكير الموظفين بعدم التزامهم بالرد على رسائل البريد الإلكتروني التي تُرسل إليهم خارج ساعات العمل المحددة".

وتريد النقابة التي تضم في صفوفها مديرين وموظفين مدنيين ومهندسين وعلماء، أن تضع حكومة المملكة المتحدة تدابير حماية مماثلة في مشروع قانون التوظيف، المتوقع نشره في وقت لاحق من هذا العام.

وتقول كلير: "إن إنهاك الناس ليس مجدياً لا للعمال ولا لأرباب العمل، لذا علينا أن نمنح الناس وقتا كافيا للتوقف عن العمل والحصول على راحة كافية للعودة لاحقاً إلى العمل بنشاط وحيوية".

فيروس كورونا: غوغل تغير سياسة "العمل من المنزل"

"العمل الهجين": هل سيصبح نمطا سائدا؟


"أهرع إلى اللابتوب قبل الإفطار"

يقول موظف مصرفي اسمه عمر، إنه لا يصدق أحد ممن يعرفهم أنه بإمكاننا أن نكون منتجين عند العمل من المنزل تماماً كما العمل في المكاتب، التي تكون عادة مجهزة بشاشات كبيرة ووسائل التكنولوجيا والتفاعل مع الزملاء.

ووجد عمر أن العمل من المنزل يسيطر كليا على حياة الموظف الشخصية.

ويقول: "في المنزل، تتجه نحو الكمبيوتر الخاص بك قبل الإفطار، ولكن، عندما تعمل في المكتب، فالرحلة تبدأ بشراء كوب من القهوة والدردشة مع أحد الزملاء ومن ثم الجلوس إلى مكتبك في الساعة 8:30 أو 9 صباحاً".

لكن الشركات والمحامين أثاروا شكوكهم حول ما إذا كان الحق في قطع الاتصال قابلاً للتطبيق في وقت يطلب فيه العديد من الموظفين بأسلوب العمل المرن، (أي ساعات عمل مختلفة بحسب الحاجة وترتيب جدول أعمال الشخص).

ويقول بيتر تشيز، الرئيس التنفيذي لمعهد "تشارترد" للأفراد والتنمية: سيكون من "الصعب للغاية" إنجاح اقتراح بروسبكت.

ويضيف: "السؤال الكبير هو كيف نبتكر طرق عمل جيدة تخلق توازناً بين حياة الناس الشخصية والعملية".

رجل يعمل على اللابتوب
Getty Images

احترام الفصل بين العمل والحياة الشخصية

إن نصيحة العمل الرسمية الصادرة من قبل الحكومة في جميع أنحاء المملكة المتحدة في الوقت الحالي، هي أن يستمر الناس في العمل من المنزل حيثما أمكن.

وللحفاظ على صحة الناس، توصي مؤسسة الصحة العقلية بأن يظل الرؤساء على اتصال يومي مع الموظفين. لكنها تنصح أيضاً باحترام الحدود بين العمل والحياة الخاصة".

ويقول متحدث باسم وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية: "نحن ندرك أن هذا العام كان عاماً صعباً للغاية، وكان للوباء تأثير على الصحة العقلية، لذلك، نتعهد بكل صدق بتحسين حقوق العمال ودعمها، وهذا هو السبب في أننا سنفي بالتزام حزب المحافظين بالتشاور لجعل نمط العمل المرن هو الشكل التلقائي الدارج".

وتقوم فرقة العمل المرنة التابعة للحكومة بدراسة كيفية خلق "العمل الهجين" أي أداء الوظائف لبعض الوقت من المكتب وبعضها الآخر عن بُعد - ليصبح النمط السائد في فترة ما بعد الوباء.

وهذا يشمل النظر إلى الحق في قطع الاتصال أيضاً.