بيروت: أقرّ مجلس النواب اللبناني، اليوم الأربعاء، بطاقة تمويلية مخصصة للأسر الأكثر فقراً بالتزامن مع بدء رفع الدعم تدريجياً عن موادٍ أساسية آخرها المحروقات في بلدٍ غارق في دوامة انهيار اقتصادي متماد.

وعلى وقع شحّ احتياطي المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في البحث في ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، لتبدأ تدريجاً من دون إعلان رسمي رفع الدعم عن سلع عدة.

وربطت السلطات رفع الدعم بإقرار البطاقة التمويلية للعائلات الأكثر حاجة في بلد بات 55 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، على وقع أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي بين الثلاث الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

556 مليون دولار
وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن مجلس النواب "أقرّ في جلسته التشريعية (...) البطاقة التمويلية مع فتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها".

وقدّرت الحكومة كلفة البطاقة التمويلية بـ556 مليون دولار، وتأمل أن تتمكن من تمويل 300 مليون منها عبر قروض من البنك الدولي على أن يتكفل المصرف المركزي بالمبلغ المتبقي، وفق ما قال مصدر حكومي مطلع على ملف البطاقة التمويلية لفرانس برس.

وأضاف المصدر أن الهدف من البطاقة دعم نصف مليون عائلة، مشيراً إلى أنه ما زال على الحكومة التفاوض مع كل من البنك الدولي والمصرف المركزي.

وأوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "كيفية توزيع الأعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد فستبقى على عاتق الحكومة"، مشيراً إلى أنه بحسب كتاب من حكومة تصريف الأعمال فإن معدل البطاقة التمويلية سيتراوح بين 93,3 دولاراً و126 دولاراً.

وتستثني البطاقة التمويلية السكان الذين يتلقون مساعدات من برامج أخرى.

ارتفاع أسعار المحروقات
وأقرّ البرلمان البطاقة التمويلية غداة رفع السلطات أسعار المحروقات بنسبة تجاوزت ثلاثين في المئة، في خطوة تأتي في إطار رفع الدعم جزئياً عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان.

وسيؤدي ارتفاع أسعار المحروقات إلى ارتفاع في أسعار سلع وخدمات أساسية، بينها فاتورة مولدات الكهرباء الخاصة، التي تعوض نقص إمدادات الدولة، ووسائل النقل، وحتى الخبز. ومن شأن ذلك أن يعمّق معاناة اللبنانيين الذين بات يئنون تحت وطأة تراجع استثنائي لقدراتهم الشرائية، فيما خسرت الليرة اللبنانية حتى الآن أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار.

ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، ويغرق المسؤولون في خلافات سياسية حادة حالت دون تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لحصول لبنان على دعم مالي.

ولم تثمر الضغوط الدولية، التي تقودها باريس، عن أي نتيجة لجهة تشكيل حكومة جديدة تحل محل حكومة حسان دياب التي استقالت بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت الصيف الماضي.

وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص. لكن الانهيار الاقتصادي الذي فاقمه انفجار المرفأ في آب/أغسطس الفائت وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمراً ملحاً.