كابول: شكرت طالبان العالم على تعهّدات بمئات ملايين الدولارات من المساعدات الطارئة لأفغانستان، وحضّت الولايات المتحدة على إظهار "تعاطف" في تعاملاتها المستقبلية معها.

جاء ذلك بعد عقد مؤتمر للمانحين الإثنين في جنيف أعلنت خلاله الأمم المتحدة عن تعهّدات بقيمة 1,2 مليار دولار من المساعدات لأفغانستان التي سيطرت عليها حركة طالبان المتطرّفة في 15 آب/أغسطس في هجوم خاطف فاجأ القوات الأميركية التي كانت تنفّذ انسحابها.

أزمة وعجز

تُواجه أفغانستان، التي تعتمد أساسًا بشكل كبير على المساعدات، أزمة إقتصادية مع عجز السلطات الجديدة عن دفع الرواتب وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقال وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة أمير خان متّقي خلال مؤتمر صحافي إنّ الحركة ستنفق أموال المانحين بحكمة وتستخدمها لتخفيف الفقر.

وأعلن "نشكر العالم ونرحّب بتعهّداته لتقديم نحو مليار دولار كمساعدات ونطلب منهم مواصلة دعم أفغانستان".

وقال إنّ "الإمارة الإسلامية ستبذل كل ما بوسعها لإيصال هذه المساعدة إلى المحتاجين بكل شفافية".

وشكر أيضًا واشنطن على إظهار تقدير لطالبان بعد استكمال الإنسحاب الأميركي وإجلاء أكثر من 120 ألف شخص الشهر الماضي.

وقال إنّ "أميركا بلد كبير ويجب أن يكون قلبها كبيرًا".

وقال متقي إنّ أفغانستان التي تواجه أيضًا مشكلة الجفاف، تلقّت مساعدات من دول مثل باكستان وقطر وأوزبكستان، لكنه لم يعطِ تفاصيل أخرى.

وقال إنّه أجرى مناقشات مع سفير الصين بشأن لقاح فيروس كورونا وقضايا إنسانية أخرى، حيث تعهّدت بكين بتقديم 15 مليون دولار ستكون متاحة "قريبًا".

المساعدات وسيلة ضغط

منذ استيلاء طالبان على السلطة، أوقف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حصول أفغانستان على تمويل بينما جمدت الولايات المتحدة أيضًا السيولة النقدية من الإحتياطات الخاصة بكابول لديها.

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين إنّه يعتقد أنّه يمكن استخدام المساعدات كوسيلة ضغط على الإسلاميين المتشدّدين لفرض تحسين وضع حقوق الإنسان، وسط مخاوف من العودة إلى الحكم الوحشي الذي ميّز حكم طالبان من 1996 إلى 2001.

وقال غوتيريش خلال مؤتمر صحافي على هامش إجتماع وزاري في جنيف سيسمح بجمع مساعدات تزيد قيمتها عن 600 مليون دولار لمساعدة المنظّمات الإنسانية في هذا البلد "يستحيل توفير المساعدة الإنسانية في أفغانستان من دون التواصل مع حركة طالبان في هذه المرحلة".

وأضاف "أرى أنّه من المهم جدًّا التواصل مع طالبان في هذه المرحلة على صعيد كل الجوانب التي تثير قلق الأسرة الدولية أكان الإرهاب أو حقوق الإنسان أو المخدّرات أو طبيعة الحكومة".

حكم أكثر اعتدالًا

وعدت حركة طالبان هذه المرة بحكم أكثر اعتدالًا، لكنها سرعان ما تحركت لسحق المعارضة، بما في ذلك إطلاق النار في الهواء لتفريق الإحتجاجات الأخيرة التي نظّمتها نساء للمطالبة بالحق في التعليم والعمل.

وأعربت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه الإثنين عن "خيبة أمل" لافتقار حكومة طالبان للتنوّع، معربة عن قلقها بشأن معاملة النساء والقمع الذي يزداد عنفاً ضد الأصوات المعارضة.

وقالت باشليه في افتتاح الدورة 48 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف "أشعر بخيبة أمل بسبب عدم شمولية ما يسمى بالحكومة الإنتقالية التي لا تضم أي امرأة وتضم عددًا ضئيلًا من الأعضاء غير البشتون". من جهته حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في وقت سابق من أنّه سيتعيّن على طالبان كسب الشرعية والدعم، بعد محادثات مع الحلفاء حول كيفية تشكيل جبهة موحّدة.

وقال إنّ الحكومة المؤقتة سيحكم عليها "من خلال أعمالها".

في الأثناء، يلجأ الأفغان إلى بيع أغراضهم المنزلية لجمع الأموال لشراء مستلزمات أساسية، وانتشرت أسواق بيع السلع المستعملة في معظم المدن.

وكتب أجمل أحمدي الحاكم السابق للبنك المركزي الأفغاني الأسبوع الماضي في تغريدة أنّ البلاد لم تعد قادرة على الوصول إلى المساعدات والقروض والأصول التي تبلغ قيمتها حوالى 9 مليارات دولار في الخارج.

مسيرات معارِضة

ونظّم مئات المحتجّين من حي يسكنه جنود سابقون في الجيش الأفغاني مسيرة في قندهار الثلاثاء احتجاجًا على عزم طالبان طردهم من منازلهم.

وقال سكان زارا فرقا وهي ضاحية تضم مساكن حكومية وأكواخًا متداعية، إنّ حركة طالبان أمرتهم بالرحيل لكن ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه.

وقال السكان إنّ أكثر من 10 آلاف شخص يعيشون في الحي، العديد منهم أرامل أو زوجات جنود قتلوا أو أصيبوا في معارك ضد طالبان في السنوات العشرين الماضية.

خرج المحتجّون ومعظمهم رجال وشباب وبينهم عدد من النساء اللّواتي ارتدت العديد منهنَّ البرقع إلى الشارع رغم حظر طالبان الإحتجاجات غير المصرّح بها بعد تولّيها السلطة منتصف الشهر الماضي.

وقال مراسلون قاموا بتغطية تظاهرة الثلاثاء إنّ حراس طالبان ضايقوهم وتعرّضوا لهم بالضرب على طول الطريق.