إيلاف من بيروت: يحاول ممثلو تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة إيجاد حل "لمشكلة الحبوب" في اسطنبول، وإخراج 20 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا. ضروري مناقشة المسار، وإزالة الألغام من الموانئ والمناطق البحرية، وقضايا سلامة وتأمين السفن. سيتم التعامل مع عملية تصدير الحبوب، وفقًا للمخطط الجاري تطويره، من قبل مركز القيادة. طورت الأمم المتحدة خارطة الطريق، وبحسب تقارير إعلامية فإن حركتها جاهزة بنسبة 80 لى 90 في المئة.
مع ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه لا توجد "خطوط عريضة" لحل القضية حتى الآن. كييف ليست في عجلة من أمرها للإدلاء بتصريحات رسمية. توجه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الثلاثاء 7 يونيو إلى تركيا، لكن وزارة الخارجية الأميركية تعتقد أنه لن ينجح في تحقيق نتيجة إيجابية.
القمح مسألة حساسة
لا يستبعد الخبراء أن يصبح تصدير الحبوب الدافع لعمليات سياسية وعسكرية جديدة، تؤثر في مسار العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وتغير سياسة العقوبات الغربية ضد روسيا وبيلاروسيا. لذلك، تعالج هذه المسألة بعناية.
قد يتفاقم خطر المجاعة على خلفية الأزمة الأوكرانية. تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن هذا منذ عدة أشهر حتى الآن. يذكر الخبراء أن أوكرانيا توفر 11 في المئة من سوق الحبوب العالمي، و55 في المئة من زيت عباد الشمس. في العام الزراعي الأخير (من 1 يوليو 2020 إلى 30 يونيو 2021)، صدرت البلاد ما يقرب من 44 في المئة من الحبوب والبقوليات. تم تسليم المحاصيل إلى العديد من البلدان الأفريقية من موانئ البحر الأسود في روسيا وأوكرانيا. على سبيل المثال، ذهب ما يقرب من 90 في المئة منها إلى الصومال، و80 في المئة إلى الكونغو، و70 في المئة إلى مدغشقر.
في البلدان المغاربية، كان الوضع هذا العام معقدًا بشكل كبير بسبب الجفاف. تواجه مصر بالفعل مشاكل خطيرة، لأن جميع وارداتها من القمح تعتمد على روسيا (60 في المئة) وأوكرانيا (40 في المئة)، ووارداتها تعاني من نقص شديد. قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين إن الأعمال العدائية في أوكرانيا قد تؤدي إلى مجاعة نحو 40 مليون شخص في العالم، معظمهم من الأفارقة. ولا يستبعد الخبراء أن تحصل الحروب والانقلابات في بعض دول العالم نتيجة لهذه الأحداث.
لكن هناك رأي مفاده أن السياسيين والخبراء الغربيين يبالغون وأن 20 مليون طن من الحبوب الأوكرانية لن تغير بشكل أساسي مشكلة الجوع على الكوكب. وفقًا للخبراء، هناك أكثر من 150 مليون جائع في العالم، منهم ما يقرب من 100 مليون من الأفارقة. لقد نشأ مثل هذا الوضع المأساوي بالنسبة لهم من عدة عوامل، تتراوح من العوامل السياسية والاقتصادية إلى العوامل المناخية. ولكن على أية حال، فإن الأزمة الأوكرانية لن تؤدي إلا إلى تفاقم حالة الناس في البلدان الفقيرة.
مخطط تركيا
في مقابلة مع قناة روسيا 1 التلفزيونية، اقترح الرئيس فلاديمير بوتين خمسة اتجاهات لتصدير الحبوب الأوكرانية:
- عبر موانئ منطقة نيكولاييف وأوديسا
- عبر بولندا
- على طول نهر الدانوب عبر رومانيا
- عبر موانئ البحر الأسود وبحر آزوف الخاضعة لسيطرة موسكو
- عبر بيلاروسيا
لكن يجب إزالة الألغام من الموانئ الأوكرانية، ورفع العقوبات عن بيلاروسيا. وفي هذا الصدد، رفض بوتين الاتهامات الموجهة لروسيا بأنها لا تسمح باستيراد الحبوب الأوكرانية.
وفقًا للخبراء، طرق نقل الحبوب البرية والنهرية منخفضة السعة. عبر بولندا، سمح النقل بالسكك الحديدية لأوكرانيا بتصدير 638 ألف طن فقط من الحبوب في أبريل، ويمر "الدانوب" عبر موانئ نهرية منخفضة السعة، إضافة إلى أنه يتطلب أيضًا نقلًا بريًا بالسيارة.
لذلك، دار النقاش كله حول الطرق البحرية. مع ذلك، رفضت ليتوانيا نقل الحبوب من بيلاروسيا إلى موانئها، ومن غير المرجح رفع العقوبات المفروضة على نظام لوكاشينكو. هناك طريق عبر البحر الأسود. أصبح من الواضح أن المشكلة لا يمكن حلها بدون أنقرة، خاصة أنها تعلن منذ عدة أشهر عن استعدادها لأن تصبح وسيطًا بين موسكو وكييف.
في أنقرة، يتم تطوير المخطط من دون مشاركة كييف التي ليست متعجلة لإعطاء موافقتها. لا توجد بيانات رسمية حول هذا الموضوع حتى الآن، لكن مصدرًا قال بالفعل إن القيادة الأوكرانية غير راضية عن الممر الذي تم تطهيره من المياه المحايدة إلى ساحل أوديسا. كييف تثق في الأمم المتحدة وأنقرة، لكنها تخشى السفن الحربية التي تحمل قوات روسية. ستكون خسارة أوديسا بمثابة ضربة غير مسبوقة، وقادرة على تغيير مسار الحرب بشكل جذري. يجب أن توضح المحادثات الرباعية في اسطنبول أخيرًا موقف كييف بشأن هذه القضية.
وكما أشار بوتين، "لن نستخدم وضع إزالة الألغام لشن أي هجمات من البحر". في الوقت نفسه، تعرب موسكو عن قلقها من أن كييف قد تستخدم "طريق الحبوب" للحصول على الأسلحة الغربية. يصر الجانب الروسي على تفتيش جميع السفن المشاركة في العملية، لكن الجانب الأوكراني يرفض.
هل ستغير الجغرافيا السياسية للحبوب العالم؟
واضح أن واشنطن تدرك جيدًا مزاج كييف، حيث يتنبأ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بثقة بعدم جدوى محاولات لافروف لحل مسألة إمدادات الحبوب من أوكرانيا.
بحسب برايس، الاجتماع في أنقرة لن يحقق شيئاً من دون منح أوكرانيا "دوراً مركزياً" في القضية. المفاوضات التركية قد تطول، وتعيد مصير السياسية، ولا تؤدي إلا لتفاقم أوضاع الدول المحتاجة إلى الحبوب.
هناك رأي بين الخبراء بأن "قضية الحبوب" متعددة الأوجه أكثر مما تبدو للوهلة الأولى. يسعى كل جانب إلى تحقيق مصلحته العالمية فيها. البلدان الأفريقية بحاجة ماسة للحبوب لتجنب المجاعة والكوارث الجماعية. يحاول الاتحاد الأوروبي تخزين الحبوب لاستخدامها في المستقبل، حيث يخشى تدفق اللاجئين من أفريقيا، إذا حدثت مجاعة في هذه القارة.
مقابل المساعدة في تصدير الحبوب، تريد روسيا وبيلاروسيا من الغرب رفع عقوباته. أوكرانيا بحاجة إلى الأموال من الواردات لمواصلة التسلح. تعزز تركيا صورة الوسيط، وفي نفس الوقت تحل مشاكلها الاقتصادية. على سبيل المثال، تخطط أنقرة لشراء الحبوب من أوكرانيا بخصم يزيد على 25 في المئة. هناك فوائد أخرى أكثر خفية من العملية للاعبين السياسيين والاقتصاديين الرئيسيين.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "نيوز.آر يو" الروسي
التعليقات