ايلاف من الإسكندرية: انطلقت اليوم الخميس الموافق الأول من مارس، فعاليات المؤتمر السنوي الرابع للإصلاح العربي. والذي يتناول هذا العام موضوع quot;حقوق الإنسان والمرأة وعلاقتهما بتحقيق التنميةquot; من خلال مناقشة الدور الذي يمكن أن تساهم به منظمات المجتمع المدني من جهود للإصلاح في هذه المجالات على أساس الأوضاع الحالية، كما يتناول الجهود المطلوب بذلها لتحسين الأوضاع في هذه المجالات، وخاصة بالنسبة للأجيال الجديدة وذلك من خلال تحليل ومناقشة عدد من الموضوعات التي تتعلق بالعنف ضد المرأة والقروض الصغيرة كأحد الأدوات لدعم التمكين وخاصة بالنسبة للمرأة وموضوع حقوق الإنسان وعلاقته بالبيئة وضرورة تكافؤ الفرص للحصول على التعليم على اعتبار ذلك من الحقوق الأساسية لكل الأفراد وعلاقة كفالة حقوق الإنسان بتحقيق التنمية وأخيرًا دور رأس المال الاجتماعي في الإصلاح.
ينظم المؤتمر منتدى الإصلاح العربي بمكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، ومجلس الأعمال العربي، ومنتدى البحوث الاقتصادية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومنظمة المرأة العربية، وذلك في الفترة من 1 إلى 3 مارس الجاري. ويشارك فيه أكثر من 700 مفكر وكاتب وباحث من 18 دولة عربية، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني العربية والعالمية.
افتتح المؤتمر الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة، والذي تناول في كلمته دور مكتبة الإسكندرية في دفع عجلة الإصلاح في العالم العربي منذ أن عقد مؤتمر الإصلاح العربي الأول في العام 2004 وحتى الآن. فلقد قدم مؤتمر الإصلاح بالإسكندرية وثيقة تضمنت اكثر من 64 توصية تشكل رؤية اعضائة لإصلاح عالمنا العربي أعدها وبحثها 151 شخصية من 18 دولة عربية. وقد انتهت مناقشاتهم إلي ضرورة الإعلان عن اقتناعهم الكامل بأن الإصلاح أمر ضروري وعاجلrlm;، ينبع من داخل المجتمعات العربيةrlm;، ويستجيب إلي تطلعات أبنائها في بلورة مشروع شامل للإصلاحrlm;،rlm; يضم الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافيةrlm;،rlm; مشروع يسمح بالتعامل مع أوضاع كل قطر علي حدةrlm;،rlm; وينتظم في نسق عام يحدد القواسم العربية المشتركةrlm;،rlm; بما يتيح الفرصة لكل مجتمع عربي كي يدفع خطوات الإصلاح الخاصة به إلي الأمامrlm;،rlm; ويزيد من الوجود العربي علي الساحة الدولية ويبعده عن التقوقع والتمحور علي الذاتrlm;. وعرض الدكتور سراج الدين أهم ما تمخض عن هذا المؤتمر وهو مشروع المرصد الإلكتروني Info Mall وهو المرصد الذي تعرض فيه منظمات المجتمع المدني العربي أنشطتها، وأشار الدكتور سراج الدين أن لكل منظمة موقعاً خاصاً بها داخل المرصد الإلكتروني، يحتوي على اسم المنظمة وطريقة الاتصال بها ومجال عملها وأنشطتها وكل الأخبار المتعلقة بها، وذلك بهدف التعريف بهذه المنظمات وما تقوم به من أنشطة إلى جانب إثراء معرفتها بما تقوم به المنظمات الأخرى التي تعرض أيضاً أنشطتها ونماذج من مشروعاتها الناجحة في داخل إطار المرصد الإلكتروني.
واستكمل الدكتور سراج الدين كلمته فيقول أنه بعد عام عقد بمكتبة الإسكندرية مؤتمر الإصلاح العربي الثاني تحت عنوان التجارب الناجحة، والذي تناول التجارب الناجحة لمنظمات المجتمع المدني، التي تتأكد من خلالها قدرة منظمات المجتمع المدني على الإصلاح من خلال آليات التنفيذ في تجارب حقيقية وناجحة تمت في البلاد العربية وتعكس الاحتياجات الحقيقية للمجتمع وتستجيب لتطلعات الأفراد، ولقد أظهرت هذه التجارب الاتجاهات الإيجابية في المجتمع العربي وكما ساهمت في التعرف على تفاصيلها ومناقشتها من أجل تبني الأسس التي قامت عليها وذلك لزيادة فعاليات الإصلاح في العالم العربي في مختلف المجالات.
وأضاف أن مسيرة مكتبة الإسكندرية استمرت في المؤتمر الثالث للإصلاح العربي بعنوان (التحديات والمشاغل التي تواجه منظمات المجتمع المدني) وكان من بين التحديات التي تعرض لها المؤتمر والتي تواجه تفعيل دور المجتمع المدني في المنطقة العربية، أزمة بناء الثقة بين الحكومات والمجتمع المدني، وتوفير بيئة تشريعية ملائمة تحفز وتشجع عمل المجتمع المدني، بالإضافة إلى الاعتراف بشراكات القطاع الثالث لكل من الحكومة والقطاع الخاص وتوجيه اهتمام خاص لتطوير مفاهيم وممارسات الشراكة، وغيرها من التحديات التي تواجه المجتمع المدني.
وفي نهاية كلمته أشار الدكتور سراج الدين إلى أهمية الموضوعات التي يتناولها مؤتمر هذا العام، مؤكداً على الزخم الثقافي والنتائج الفعلية التي طالما ما صاحبت مؤتمرات الإصلاح بمكتبة الإسكندرية. وأكد أن أهم عناصر التنمية المستدامة ndash; وهي التي تنطوي على شروط إدامتها واستدامتها ndash; هو أن ينخرط فيها جميع المستهدفين لهذه التنمية كحزمة واحدة تتعاضد عناصرها وشروطها مع بعضها البعض لتحقق استمرارية تراكمية تتبدى نتائجها واضحة جلية في كل منعطفات المجتمع.
تلى ذلك كلمة السيدة لاما الخطيب من الأردن وهي ممثل عن منتدى الشباب العربي، والذي عقد دورته الثانية بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 26 إلى 28 فبراير، تناولت في كلمتها أهم ما توصل إليه هذا المنتدى كرمز لمشاركة الشباب العربي في دعم مسيرة الإصلاح والتنمية والتركيز على قضايا حقوق الإنسان والمرأة في العالم العربي وهي موضوعات مؤتمر هذا العام. فأشارت في كلمتها الإعلان عن عزم الشباب العربي المشاركة وبقوة في دعم مسيرة الإصلاح العربي مشيراً إلى ثقل هذا الواجب على أكتاف الشباب الطامحين لمستقبل أفضل لأوطانهم، وأكدت على مخاطر تهميش الشباب العربي وأهمية إتاحة منافذ التأثير والمشاركة لهذا القطاع الفاعل والحيوي في العالم العربي. واستطردت أن المطلوب هو صياغة سياسة عامة ومشتركة في كافة الدول العربية لتتعامل مع مشاكل الشباب في الأقطار العربية وتقترح حلول فعالة لها. وكذلك دعت في كلمتها إلى العمل على تحديد المبادئ والأهداف المرجوة من تنمية وتفعيل دور الشباب العربي، وأكدت أن الشباب العربي يتعهد ببذل كل الجهود الممكنة لتحقيق هذه الأهداف.
ثم ألقت الدكتورة ودودة بدران ممثلة منظمة المرأة العربية من مصر كلمتها، والتي أشارت في بدايتها إلى أهداف المنظمة وأهمها تحقيق تضامن المرأة العربية باعتباره ركنا أساسيا للتضامن العربي، وتنمية الوعي بقضايا المرأة العربية في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والإعلامية، وكذلك تنمية إمكانات المرأة وبناء قدراتها كفرد وكمواطنة على المساهمة بدور فعال في مؤسسات المجتمع وفي ميادين العمل والأعمال كافة وعلى المشاركة في اتخاذ القرارات. وأيضاً النهوض بالخدمات الصحية والتعليمية الضرورية للمرأة. وأشارت أن المنظمة تعمل على تمكين المرأة في سبع مجالات مختلفة من السياسية والاقتصاد والإعلام والثقافة وغيرها. وأكدت أن إنشاء المنظمة تحت لواء جمعة الدول العربية جاء ليجسد ما نادت به وثيقة الإسكندرية في كون الإصلاح الفعال الذي ينبع من داخل الأقطار العربية ذاتها، وأخيراً أكدت على أهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني في صورته العامة لتحقيق التمكين الكامل والشامل للمرأة.
ثم تلى السيد محمد فايق ممثل المنظمة العربية لحقوق الإنسان كلمته، في البداية تناول ما أسماه واقع حقوق الإنسان في العالم العربي، والذي اعتبره مسار بطئ وغير فعال. فلقد بدأ الصلاح في العالم العربي بالمعايير الإقتصادية ثم تحول الإهتمام بالإصلاح السياسي في ظل زخم من الجدال حول مصدر هذا الإصلاح من الداخل أم الخارج بشكل أعاق تنفيذ الإصلاح في حد ذاته. وانتهى في كلمته إلى تناول موضوع الجدل الدائر حول الإصلاح الدستوري في مصر كمثال على تعثر الإصلاح السياسي في العالم العربي.
ومن جانبه تناول السيد جهاد الخازن الكاتب اللبناني المعروف، في كلمته ما أسماه قصور الجوانب التطبيقية في العالم العربي حيث أشار أن مسيرة الإصلاح رغم ثرائها الفكري إلى أن الواقع يفتقر لأبسط المبادئ الديمقراطية، وضرب مثال على ذلك في قضية تمكين المرأة حيث أشار إلى ضعف الوجود النسائي على ساحة اتخاذ القرار العربي رغم ما تمتلئ به الساحة العربية من مبادرا تتعلق بهذا الشأن.
وتلى ذلك كلمة السيدة سلمى الجزائري ممثلة عن جامعة الدول العربية، والتي تناولت فيها تسليط الضوء على أهمية التكامل القائم على تقسيم العمل بين الحكومات العربية والمجتمع المدني العربي، مؤكداً على حقيقة أن المستقبل العربي في العديد من المجالات مرهون وبشكل كبير بنشاط المجتمع المدني وتوجهاته.
وفي ختام الجلسة الإفتتاحية ألقت السيدة سهام فريح أستاذ اللغة العربية بجامعة الكويت ونائب رئيس منظمة حقوق الإنسان كلمتها، والتي تناولت فيها العديد من أبعاد قضية الإصلاح العربي بدءاً بأهمية الالتزام بالاتفاقات الدولية التي وقعت عليها الدول العربية وتنفيذ بنودها مما يعمل على النهوض بالحريات والحقوق العربية، كما أشارت إلى أن الطائفية والقبلية التي تزايدت وتيرتها مؤخراً ما هي إلا نتيجة انتهاكات حقوق الإنسان العربي على حد قولها. وعبرت في هذا الإطار عن تجربة منظمة حقوق الإنسان في الكويت حيث عملوا على دمج المفاهيم المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق المرأة في الكتب الدراسية في المراحل التعليمية المختلفة بالكويت بهدف زيادة التوعية الشعبية بهذه القضايا وأثارها على تطور المجتمع.