خميس مشيط: علي مرزوق
عبر الفنان التشكيلي السعودي عبدالله البارقي عن دهشته بعد أن رأى أحد الأشخاص quot;يعتديquot; على جدارية كان نفذها في الشارع العام بمركز بارق التابع لمحافظة المجاردة في منطقة عسير بطول 50 متراً، وارتفاعات متباينة يصل أقصاها إلى 4 أمتار، واستخدم فيها مواد وخامات مختلفة ابتداء من أعمال البناء بالطوب والأسمنت والتي أكدت على الغائر والبارز، وانتهاء بألوان الأكريلك، واستغرق تنفيذها عدة أشهر، دون أي مقابل يذكر، برغم أنها كلفته الكثير من الجهد والوقت والمال (حسب ما ذكره لـquot;الوطنquot;).
ويضيف البارقي بقوله: انتظرت كثيراً أحرس الجدارية بعد أن رأيت quot;البوياتquot; والفرش بجانبها على الأرض؛ لأنني كنت أعتقد أن مثل هذا الفعل يقوم به أحد العابثين في بادئ الأمر، غير أن هذا الشك زال بعد أن عرفت أن المجمع القروي في مركز بارق هو الذي قام بتكليف أحد الأشخاص لتجديد الجدارية دون أخذ الإذن مني، أو إعطائي فرصة لتجديدها.
وأضاف البارقي: الأمر لم ينته عند هذا الحد بل إن هذا الشخص قام بشطب اسمي وتوقيعي، ووضع اسمه بدلاً عنه، الأمر الذي أثار حفيظتي، وجعلني أتصل بالمركز مرة أخرى ولكن دون أي اهتمام وكأن الأمر لا يعنيهم.
ويضيف البارقي: لا أخفيك هذه ليست المرة الأولى حيث سبق أن هدم المجمع جدارية نفذتها بطول 55 م في مدخل المركز بحجة أن الأرض يملكها أحد الأشخاص.
ويضيف البارقي العجيب أن المجمع ينتهج سياسة التهميش لفناني بارق، في تنفيذه لبعض الجداريات والمجسمات الجمالية مكتفياً ببعض الآراء والمقترحات التي يمليها عليه موظفوه، ويقوم بتنفيذها عمالة لا تملك أساسيات التشكيل وكل ما يجيدونه هو دهن الجدران فقط.
وفي ختام حديثه يقول البارقي إن الاعتداء على أعماله الجدارية لم يتوقف عند حدود مركز بارق بل تجاوز ليشمل مدينة أبها إذ فوجئ بأن إحدى جدارياته هناك أيضاً تم quot;الاعتداءquot; عليها باسم التجديد، على الرغم من أنه كان على استعداد تام لتجديد جدارياته التي تجمل كل من (أبها، ومحافظة محايل، ومركز بارق، ومحافظة المجاردة) حتى دون مقابل إذا لزم الأمر، للحيلولة دون قيام جهات أخرى لا تعي قيمة العمل الفني بتجديد الأعمال الفنية. quot;الوطنquot; اتصلت بمدير المجمع القروي في بارق خالد مستور الذي علق بقوله: إن الجدارية فقدت بريقها وأصبحت تشوه المكان، حيث عرضنا على البارقي تجديد الجدارية، ولم يتجاوب معنا رغم أن هذه الجدارية لا تعني له شيئاً لأنها تلاشت وبهتت، فقمنا بالاتصال بالتشكيلي أحمد إبراهيم الذي قام بتجديد الجدارية. وفي ختام حديثه أكد مستور على أن إبراهيم ليس له علاقة بقرار تجديد الجدارية وأن الأمر يخص المجمع وحده.
ولكي تكتمل الحلقة اتصلت quot;الوطنquot; بأحمد إبراهيم الذي أحال الأمر بدوره إلى المجمع القروي وأوضح أنه هو المسؤول عن هذا اللبس بالدرجة الأولى، ثم يقول: بعد التنسيق مع المجمع قمت بتجديد الجدارية دون أي مقابل، سوى قيام المجمع القروي بتوفير خامات وأدوات التجديد، على الرغم من أن هناك شخصاً كان قد طلب مبلغ 6 آلاف ريال مقابل عمل التجديدات. ويضيف إبراهيم: قبل التنفيذ ذكرت لهم أن الجدارية تخص البارقي وليس لي الحق في تجديدها، وأجابوني بأن الجدارية أصبحت ملكاً للمجمع، وقد اتصلت بالبارقي وقلت له إنني مستعد لشطب اسمي إذا رغب في ذلك، كما أنني على استعداد لتقديم الاعتذار له.
من جانبه علق أمين عام جمعية الثقافة والفنون الدكتور محمد الرصيص على هذا السلوك بقوله: إذا كانت اللوحة الجدارية المجددة ما يزال فيها ملامح من التكوين والتصميم المنفذ من قبل الفنان الأول وجُددت بخامات جديدة ووقِعَّت باسم جديد فهذا اعتداء واضح على صاحب العمل الأول. وأضاف أن ثقافة الحقوق لدى الفنان ضعيفة بالرغم من مرور أربعة عقود على الفن التشكيلي السعودي، إلا أننا لازلنا في طور التأسيس، مما أوجد مساحة كبيرة للاختراقات والاعتداءات، كما أن الكثير من القضايا التشكيلية باهته ليس لها حل. وشدد على ضرورة أن يحرص التشكيلي على توقيع عقود مع الجهات الحكومية والمؤسسات لحفظ حقوقه وحقوق الطرف الآخر، كما نصح التشكيليين بأن يسارعوا في تسجيل لوحاتهم لدى مكتبة الملك فهد الوطنية حتى لا تضيع حقوقهم. وعن الجهة التي يذهب إليها الفنان ليقدم لها شكواه في مثل هذه الحالة أجاب بأنه ليس هناك جهة محددة للأسف، ولكن ممكن أن تقوم الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بهذا الدور مستقبلاً حسب ما جاء في لائحة الجمعية. وأضاف بأنه يمكن للفنان أن يذهب بشكواه إلى إدارة المطبوعات العامة أو إدارة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والإعلام عله يجد الحل المناسب.
الناقد التشكيلي أحمد طيب منشي علق بقوله: من الطبيعي أن تحدث هذه التجاوزات في ظل انعدام اللوائح والأنظمة التي تحفظ حقوق المبدعين في شتى المجالات الإبداعية، فعندما تقتني أي جهة أو مؤسسة حكومية أي عمل فني تشكيلي؛ فإن من حقها امتلاك العمل، والمتاجرة به في البورصات التجارية، وتتصرف به كيفما تشاء،ولكن ليس من حقها مصادرة حقوق الفنان التشكيلي quot;الفكرية والأدبيةquot; كما حدث في عمل البارقي، مستغرباً قيام أحد الأشخاص بتجديد هذه الجدارية دون الرجوع للفنان المنفذ للعمل مما أجاز التجاوز على عمله وإلغاء انتساب العمل الفني إليه.
ويعتقد منشي أن السبب وراء مثل هذا الفعل المشين يكمن في عدم وجود قانون يحمي حقوق الفنان التشكيلي راجياً وزارة الثقافة والإعلام سرعة العمل على إيجاد لوائح وأنظمة تحمي حقوق المبدعين وتبتعد عن الدور الباهت الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم. ورأى أهمية أن تثار مثل هذه القضايا؛ كي تطفو على السطح، بما يضمن عدم انتشارها إلى بقية مناطق المملكة الأخرى، ولكي ندرك أهمية هذه القضية حيث بات هضم وسلب حقوق المبدعين في وضح النهار.
- آخر تحديث :
التعليقات