المنامة ndash; خليل النعمة:
قال متعاملون في سوق العقار ان تأثير الازمة المالية العالمية على سوق العقارات في البحرين بدأ يشكل ضغطا، اذ انخفضت حركة التداول العقاري، وبدا ذلك من خلال العروض المقدمة من بعض الملاك بعرض عقاراتهم بأسعار منخفضة في بعض المناطق، في حين تم تجميد وتأجيل مشروعات عقارية اخرى، وذلك تفاديا لتكبد خسائر من حيث الاسعار، مفضلين الانتظار حتى تتضح الرؤية عن الوجه الواقعي للسوق في الفترة المقبلة من هذا العام.
وتأتي هذه الاخبار سارة للمواطن وسلبية للمستثمرين ويترقب المواطن وسط صعوبات كانت بالنسبة للمواطنين الذين يرغبون في شراء العقارات من اجل السكن، بعد ان وصلت الاسعار الى مؤشرات خيالية لا يمكن للمواطن شراء ارض يبني عليها مسكن المستقبل كما كان في السابق وذلك لاسباب عدة اولها صغر الرقعة المخصصة للسكن، وما وصلت اليه الاسعار من ارتفاعات عالية جدا.
لا أحد يشتري أو يبيع
ويؤكد خبراء في القطاع بالبحرين ان السوق العقاري في المملكة بدأ يشعر بآثار الازمة المالية العالمية، لكن من المتوقع ان يمنعها معدل النمو الأبطأ من نظيره في دبي من ان تشهد انخفاضا حادا.
وقال مايك وليامز من laquo;سي. بي ريتشارد ايليسraquo; في البحرين: كانت الاسعار مستقرة الى حد كبير خلال الاشهر الماضية.. لا احد يشتري او يبيع.. لا يوجد نشاط يذكر.
واضاف ان المشترين ينتظرون اتضاح تأثير الازمة العالمية على القطاع المحلي، بينما البائعون ليسوا في عجلة من امرهم، اذ ان الغالبية منهم لم يشتروا بقصد المضاربة.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة الاوراق المالية والاستثمار laquo;سيكو انتوني ماليسraquo; - وهو بنك استثماري مقره البحرين ndash; ان الاسعار بدأت في النزول بشكل طفيف في مناطق بالعاصمة المنامة غالبية سكانها من الوافدين، لكنها لا تزال في صعود في مناطق تسكنها اعداد كبيرة من البحرينيين من الطبقتين المتوسطة والعليا.
وفي حين كان هناك توازن بشكل عام بين العرض والطلب بالنسبة للشريحتين الفاخرة والمتوسطة من السوق فان شركات التطوير اهملت الشريحة الرخيصة. واوضح وليامز انه يختلف مع الاخرين حول سوق البحرين العقاري، حيث ان هناك نقصا كبيرا في سوق الاسكان الرخيص ولم يتاثر قطاع العقارات التجارية حتى الآن، اذ ابدى النظام المالي صمودا حتى الان في مواجهة الازمة.
تداعيات غير مكتملة
وتحدث البروفيسور في كلية الادارة والاقتصاد في جامعة الامارات العربية المتحدة يوسف اليوسف عن اسباب الازمة المالية العالمية وآثارها وسبل العلاج، وكيف يمكن لدول الخليج الاستفادة منها، وقال: laquo;ان اهم الاسباب الكامنة وراء الفقاعة العقارية التي بدأت في الولايات المتحدة في اواخر عام 2007 هي: توافر السيولة بأحجام كبيرة، الفساد الاداري في مؤسسات القروض، لا عقلانية المقترضين، وضعف الرقابة الحكومية على النظام المصرفي، هذه الازمة التي ما زالت تداعياتها غير مكتملة، وقد تنتهي بانتقال ملكية كثير من المؤسسات المالية للحكومات ولفترة تزيد او تنقص تبعا لانعكاسات الازمة في كل دولة. واضاف: laquo;عندما تنفجر الفقاعة العقارية وتنكسر فيها اسعار العقارات او الاسهم او أي سلعة اخرى, فانها مكلفة اقتصاديا واجتماعيا كذلك كما يشهد بذلك تاريخ هذه الفقاعات.
عدم الشفافية
واشار اليوسف الى انه من المؤسف حقا ان غياب الشفافية في الحكومات الخليجية يمنعنا من معرفة حجم الخسائر التي تعرضت لها مصارف هذه الدول والصناديق السيادية كجهاز أبوظبي للاستثمار، وبقية الصناديق الخليجية، لكننا شبه متيقنين بأنها خسرت كثيرا من مواردها، وستزداد خسائرها عندما تساعد في عمليات الانقاذ المختلفة التي تطبخها حاليا الحكومات الغربية.
وقال ان التعامل مع انهيار اسعار العقارات او الفقاعة العقارية بإنقاذ او اسعاف المتضررين يثير اشكاليتين: الاولى تتعلق بمنطقية او عدالة هذا الانقاذ، والثانية تتعلق بكيفيته ووسائله، واوضح ان اشكالية الاعتراض على علاج الفقاعة العقارية، هو ان تدخل الدولة في الازمات الاقتصادية بما فيها الفقاعات العقارية وتوفير الموارد اللازمة لتخفيف حدة هذه الازمات، وهي موارد يخسرها القطاع العام في اي دولة، وهذه الموارد سواد كانت ضريبية او غير ضريبية هي ملك لابناء المجتمع كافة، وهذا يعني ان هناك من ابناء المجتمع من يتحمل تكاليف هذه الانهيارات او الفقاعات من دون ان يكون سببا لها او طرفا فيها، وهذا فيه شيء من الظلم لهؤلاء.
كما ان انقاذ المتضررين هو تشجيع لهم على تكرار السلوك الذي ادى الى الفقاعة الاقتصادية اصلا، سواء كان هذا السلوك من قبل المؤسسات المالية التي تقدم القروض او المقترضين او المنظمين لهذه الاسواق، بل والاكثر من ذلك ان انقاذ هؤلاء المتضررين سيشجع غيرهم على المخاطرة بأموالهم واموال غيرهم في مضاربات وصفقات غير مجدية، وبذلك تفقد القوانين التي تضعها الدول صدقيتها، ويظل الاقتصاد في حالة غير مستقرة قد تؤدي في النهاية الى ركود او حتى كساد اقتصادي.
كيفية العلاج
قال يوسف اليوسف: هناك حلول سريعة لتقليل امكان انتشار آثار الازمة العقارية الى بقية القطاعات الاقتصادية، اضافة الى اسعاف اكثر المتضررين حاجة الى الاسعاف، وهناك حلول طويلة المدى هي اقرب الى ايجاد ضوابط وقوانين وبيئة مؤسسية تقلل من احتمال حدوث هذه الفقاعات وتقليل آثارها في حال حدوثها، ولنبدأ بالحلول السريعة او قصيرة المدى.
التعليقات