عبد الرحمن مصطفى : لم يكن أمجد يتصور أنه سيتحول بين ليلة وضحاها إلى قصة صحفية أو خبر في صفحة الحوادث، فكل ما كان يطمح اليه هو الحصول على إجازة يستجم فيها على أحد شواطئ البحر الأحمر مع زوجته وأحد الاصدقاء . إلا أن أحد أفراد الشرطة المصرية كان له رأي آخر حينما تعنت في طلب الاطلاع على بطاقة العمل الخاصة بأمجد، ليتحول الأمر سريعا إلى تحد شخصي، ثم مشادة مع أحد ضباط الكمين على الطريق السريع.. وتتطور الأحداث ليتحول الموقف إلى جلسة تنكيل علني وإذلال لأمجد الذي تم تجريده من ملابسه، والتحرش به، واهانته بألفاظ نابية على أيدي أفراد الأمن، ليكون ذلك اليوم هو أتعس أيام حياة الشاب أمجد مختار، الذي لم يجد أمامه حلا سوى الشكوى الى الأجهزة المسؤولة ووسائل الإعلام المختلفة، ليعيد بذلك ملف انتهاك حقوق المواطن المصري إلى طاولة الحوار من جديد .

لعل أهم سمات هذا الحادث أن ضحيته لم يتم التنكيل بها على أساس سياسي، إضافة إلى أن الحادث قد وجد صدى سريعا لدى وزارة الداخلية المصرية التي أحالت الضابط المسؤول ومعه خمسة جنود إلى المحاكمة العسكرية.

وكانت الفترة الماضية قد شهدت قضايا تعرضت فيها أجهزة الأمن المصرية للاتهام بأنها تقوم بانتهاك حقوق المواطنين داخل الأجهزة الأمنية، عندما اتهم محاموه أجهزة الأمن المصرية بأنها قامت بانتهاكات داخل أحد أقسام الشرطة، الامر الذي نفته وزارة الداخلية حينها واصفة هذا الاتهام بأنه quot;مزاعم غير صحيحةquot;، إلا أن هذا النفي لم يمنع صدور العديد من التقارير الحقوقية التي يشير بعضها إلى وقوع حالات تعذيب اهانة للمواطنين على أيدي أفراد ينتمون للجهاز الأمني، كالتقارير المنشورة على موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وما أورده التقرير العالمي السنوي الصادر عن منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot; والذي أشار إلى وجود انتهاكات تتم من قبل بعض أفراد الأمن والشرطة المصرية.

وقد انتشرت في الفترة الأخيرة على شبكة الإنترنت بعض لقطات الفيديو القصيرة التي تعرض مشاهد ضرب وإذلال لمواطنين مصريين تمت على أيدي بعض أفراد الشرطة على حد قول ناشري هذه اللقطات، وقد عرفت تلك اللقطات المصورة طريقها إلى مواقع الفضائيات العربية حتى وصلت إلى ركن الفيديو الخاص بموقع قناة العربية.

وقد أثيرت القضية مؤخرا في فيلم quot;عمارة يعقوبيانquot; المقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه للروائي علاء الأسواني والذي عرض لنموذج المعتقل طه الذي تم التعرض له داخل أحد المعتقلات خلال فترة المد الإرهابي في التسعينات، ليترك الفيلم مساحة جديدة من الجدل حول تلك القضية إضافة إلى عدد من القضايا الأخرى التي أثارها الفيلم، وكان مشهد مقتل طه مع الضابط - الذي كان وراء مأساته - أحد أهم المشاهد التي علق عليها النقاد والتي أثرت في العديد من مشاهدي الفيلم .

ما زالت قضية انتهاك حقوق المواطنين مطروحة على الساحة ، حيث انه لا توجد ضمانات كافية لمنع تكرار مثل تلك الحوادث التي غالبا ما تترك أثرا عنيفا لدى الضحية.. إلا أن تعامل وزارة الداخلية الأخير مع تلك القضية قد يعطي بادرة أمل لدى الجماهير في تطبيق العدالة على بعض من تجاوزوا الخطوط الحمراء وقاموا بانتهاك حقوق المواطن المصري، وانتهاك حقه في العيش بكرامة داخل وطنه.

[email protected]