سلوى اللوباني من القاهرة: صدر عن دار شرقيات quot;الدليل الى الادارة الثقافيةquot; من إعداد مخلوف بوكروح، حنان الحاج علي، مارينا برهم، وبسمة الحسيني، ويعتبر أول عمل من نوعه باللغة العربية يسعى الى تلبية حاجات عملية موجودة في الواقع العربي، لما تشهده المنطقة العربية منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي من تطور ملحوظ في العمل الثقافي المستقل. تمثل في زيادة عدد ونشاط المؤسسات والمجموعات الثقافية التي تنتج أعمالاً فنية وتنظم فعاليات ثقافية لا تندرج في الاطار التجاري وليست تابعة للاجهزة الحكومية الرسمية، كما شهدت هذه الفترة رواج مفاهيم جديدة تربط بين الثقافة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وإدراكاً أكبر للدور الذي يمكن أن يلعبه العمل الثقافي في بناء الديمقراطية.

وأيضاً لهذا التطور جوانب إيجابية كثيرة مثل تعزيز قيمة العمل الثقافي وربطه بالاولويات الاجتماعية والسياسية وفتح مساحات جديدة للتعبير الخلاق أمام الشباب الذين يمثلون أكثرية المجتمعات العربية وظهور تجارب فنية وأدبية تستكشف أساليب وتقنيات جديدة. وفي الوقت نفسه تمثل تحدياً كبيراً للعاملين في المجال الثقافي من حيث نقص الموارد المادية والبشرية المطلوبة لدعمه وضمان استمراره، وشكل النقص المعرفي والمهني بمجال الادارة الثقافية تحدياً خاصاً فلا توجد برامج تدريبية أو تعليمية في هذا المجال داخل المنطقة العربية إلا في حدود ضيقة في المغرب، وهناك غياب كامل للكتب والمراجع المتاحة في هذا الموضوع باللغة العربية.

وكما جاء في الدليل أن الادارة الثقافية على وجه التحديد تتطلب بالاضافة الى الدراية الكافية بالادارة، معرفة جيدة بالمجالات الثقافية المختلفة، مثل الموسيقى والمسرح والسينما والادب والفنون التشكيلية وبالعوامل الاجتماعية والسياسية والقانونية التي تؤثر في هذه المجالات، وبالمؤسسات المحلية والاقليمية والدولية الفاعلة في مجال الثقافة، وخبرة بطبيعة الممارسات السائدة في العمل الثقافي، وطبيعة العاملين في الفن والثقافة، وتنوع إنتاجهم والمستفيدين من هذا الانتاج والمشجعين والداعمين له.

لذلك أرتأت مؤسسة المورد الثقافي أن تلعب دوراً فعالاً منذ أن بدأت عام 2004 في دعم وتطوير مجال الادارة الثقافية في المنطقة العربية، ووضعت خطة تهدف الى بناء كوادر تدريبية داخل المنطقة العربية يمكنها نقل المعرفة بالادارة الثقافية الى المشتغلين الجدد بهذا المجال، وإيجاد مصادر معرفية باللغة العربية يمكن أن يعتمد عليها المدربون والعاملون للاجابة على التساؤلات التي يطرحها العمل الثقافي في الواقع، والجدير بالذكر أن هذه الخطة
دخلت حيز التنفيذ في ربيع 2005 ببرنامج لتدريب المدربين في مجال الادارة الثقافية، تم تطوير منهجه بالتعاون مع المؤسسة الثقافية الاوروبية، وبالاستعانة بمتخصصين من صربيا وكرواتيا، شارك في البرنامج الذي تكون من ثلاث دورات مترابطة مجموعة من المدراء الثقافيين ذوي الخبرة الطويلة والمتنوعة من بلاد عربية مختلفة، ونتج عنه تخرج 12 متدرباً، وتزامن البرنامج مع بحث وحوار شارك فيه المتدربون حول الدليل الى الادارة الثقافية شمل موضوعات الدليل وطرق تناولها ونتج عن هذا الحوار مشاركة ثلاثة من الدربين في تحرير الدليل.

قدم الدليل أمثلة لانتاجات فنية وثقافية والخطوات الرئيسية لتنفيذها، كما قدم نماذج لمؤسسات وجمعيات ومراكز تعتمد في الكثير من نشاطاتها على مبدأ التشبيك بين الافراد والمؤسسات والفضاءات في العالم العربي، إضافة الى برنامج مقترح لورشة تدريبية في الادارة الثقافية وهو مصمم لاستخدام مؤسسات ثقافية عربية مستقلة، ويستهدف تدريب العاملين المبتدئين في الادارة الثقافية أي من أمضوا فترة لا تزيد عن ثلاثة أعوام في العمل في هذا المجال، وهدفه تعريف المشاركين بأهم أدوات الادارة مع تقديم معلومات أولية عن موضوعات أساسية مثل التمويل والاعلام وتشجيع المشاركين على البحث في هذه الموضوعات.