أحمد خضر من دبي: فاتن سيف الدين فنانة لبنانية وناقدة فنية متخصصة ومخرجة أفلام وثائقية حول الفن تعرفت على الفن في المغرب الأقصى عن كثب، وهي تتحدث اللهجة اللبنانية مع اللبنانيين، والمغربية مع المغاربة، وهذا لقاء معها.

* بم يختلف الفن التشكيلي في المغرب عن مثيله في المشرق؟
-في بداياته مختلف لأن الفن التشكيلي في المغرب تراثي، ما قبل الإسلام وحتى ما قبل ذلك كان الفن الشعبي المغربي دائماً من النوع التجريدي، ولما بدأت الحركة الفنية في الخمسينات فإن الفنانين الأوائل ومنهم محمد المليحي كانت لغتهم تجريدية، وهي قريبة من التراث المغربي البربري أو الإسلامي.
في السبعينات صار هناك تقارب مع الفن المشرقي خاصة العراقي والسوري والفلسطيني وحصل نوع من التأثيرات على الفنانين المغاربة الشباب وتقارب أكبر من قبل النقاد.

* كيف وجدت الإبداع الفني في المغرب.. بخصوص الحداثة؟
ـ مستوى الإبداع في المغرب جيد، والفنانون مستواهم عالمي، والدليل على ذلك إقامة المعارض على مستوى العالم، وفي الوطن العربي، وللفنانين المغاربة وجودهم في المعارض والمتاحف العربية والأوروبية وغيرها.

* ما الاتجاهات الفنية للحركة التشكيلية المغربية؟
ـ بما أن الفن التشكيلي بحد ذاته إن كان في المغرب أو في أي بلد عربي آخر تم تعلمه في المدارس الأوروبية، إذن كان لا بد أن يكون هناك تأثير كبير، وفي المغرب توجد اتجاهات عديدة، فقبل الاستقلال كان هناك تشجيع من قبل الاستعمار الفرنسي للفن الساذج أو الفطري، فقد كان الاستعمار يعتبر أن سكان البلاد الأصليين لا يستطيعون إلا تقديم الفن الساذج وهو ما أدى إلى ردة فعل لدى الفنانين الرواد فتمخض عنهم الفن التجريدي. ثم تطورت الأمور وحدثت فروق بين مدرسة الدار البيضاء، ومدرسة تطوان، فالمدرسة الأولى متأثرة بالفن الفرنسي، أما فن تطوان فأكاديمي إسباني لأنها في الشمال، وفيها فن تشخيصي أكثر أو سريالي، أما مدرسة الدار البيضاء ففنها تجريدي أكثر. ومنذ بداية الثمانينيات حدثت عودة إلى التعبيرية، وهناك تواجد لاتجاهات عديدة.

* على ماذا تركزين في تجربتك بخصوص الأفلام الوثائقية حول الفن؟
ـ الفكرة راودتني حين حاولت تدريس مادة تاريخ الفن في المعاهد العليا، ووجدت أنها مهمة صعبة جداً بسبب الأمية البصرية للشباب حتى لو جاؤوا في مستوى جامعي، فعندهم جهل تام بتاريخ الفن. وقد حاولت أن أوصل بفترة قصيرة هذه المعرفة، وفضلت الأفلام الوثائقية حول الفن لأنها تصل لعدد أكبر وبفترة أقصر وبزخم أكثر.

* ما رأيك في الكتابة الصحفية حول الفن التشكيلي؟
ـ هناك خلل أو نقص في نقد الفن التشكيلي ، لكن لاحظت من خلال الندوات شكوى الفنانين من الفنانين حول هذه الظاهرة، وهي أن كثيراً من الصحفيين يكتبون حول الفن لكن لا يوجد نقاد بمعنى الكلمة.

* كيف يمكن أن يتحول الفن التشكيلي من النخبة إلى فن جماهيري؟
ـ بانتظار أن يكون جماهيرياً من خلال النخبة، لأنه جاء من الخارج، فهذا الفن بدأ نخبوياً لكن بعد أن تتواجد المتاحف، ويتم تعليمه في المدارس وإيجاد التربية البصرية سيكون فناً جماهيرياً. وأسرع طريقة لكي يتحول الفن التشكيلي إلى فن جماهيري هو التلفزيون، وهو الذي يقرب شيئاً فشيئاً هذا الفن لأكبر عدد ممكن من الجمهور، لأن المعارض والمجلات وغير ذلك لم تستطع القيام بذلك فمثلما استطاع التلفزيون توصيل مايكل جاكسون للناس يستطيع توصيل المبدعين من الفنانين التشكيليين.

* ما مواصفات النقد الفني ، وهل توجد مجاملات أو جرأة في أقلام النقاد؟
ـ توجد مجاملات في النقد، بعض الشعراء يكتبون كلاماً جميلاً، لكن لا نستطيع تسميته بالشعر بقدر ما هو نص حلو، إضافة إلى النقد الصحفي الذي يتحدث عن مسرحية أو حدث ثقافي آخر، حيث يسمح الصحفي لنفسه أن يقيم عمل فنان بطريقة مزاجية. الناقد الفني يجب أن يكون عنده تكوين ثقافي أو مستوى جامعي معين في تاريخ الفن ومعرفة بصرية وممارسة مع الفنانين إذ لا يكفي أن يقرأ الفنان كتباً بل لا بد من معرفة كيفية عمل الفنان، وألا يكون الوضع عبارة عن عملية شعرية أو أرشفة قلم صحفي.