الانحياز للسينما في بيروت بعد الحلاقة والايام الحلوة

عبد الرحمن الماجدي من روتردام: مايجمع بين فيلمي بيروت بعد الحلاقة للمخرج اللبناني هاني طمبة والايام الحلوة للمخرجة جزائرية المولد مريم ريفاي وفاؤهما للحكاية الدرامية بعرض مكثف ابتعدا فيه عن التطويل غير المبرر الذي تشهده معظم الافلام الروائية العربية الطويلة والمصرية تحديدا.

ومايجمع بينهما ايضا، وهي صدفة جميلة، اعتمادهما على ذات الحبكة الدرامية التي يشكل الموت محورا رئيسا فيها. ففي quot;بيروت بعد الحلاقةquot; وهو عنوان ذو بعد سوريالي يعيش الستيني ريمون في قصره الكبير في

من فيلم بيروت بعد الحلاقة
بيروت منذ الحرب الاهلية منعزلا مع ذكرى زوجته الميتة والتي تزوره صباح كل يوم تحاوره وتتدخل في تفاصيل حياته التي تتداخل احيانا مع الواقع باسلوب سينمائي ذكي.
في ذكرى زواج ريمون يقرر الخروج للعالم فيحلق لحيته التي يقدمها المخرج كرمز لانسحاب ريمون من الحياة خارج قصره المليء بطيف زوجته. ولانه ثري يرسل لحلاق الحي الذي فقد محل حلاقته في الحرب الاهلية ايضا حيث ستتغير حياته بعد زيارة السيد ريمون الذي يقرر الظهور ويسعى لمشاعدة ساحة النجمة التي شهدت اول لقاء مع زوجته لكن الموت الذي اخذ زوجته اخذ بيده صوب زوجته التي كانت تنتظره بثياب العرس فيغادران بمباركة ملاك الموت المدينة والحياة تاركين ورقة يانصيب فائزة هدية الهية للحلاق الطيب.

quot;بيروت بعد الحلاقةquot; اتسع لاشراك تفاصيل اقصر لقصص اخرى تعكس حياة سكان الحي بأداء كوميدي احيانا؛ انجزها المخرج بوفاء للفعل السينمائي في 22 دقيقة هي مدة الفليم. أما فيلم quot;الايام الحلوةquot; وهو أول فيلم

فيلم الايام الحلوة
المخرجة الشابة مريم ريفاي فكان اشد تكثيفا وابلغ حزنا اذ يخلو من اي مشهد كوميدي ويدور حول ارملة ستينية ايضا تفقد زوجها واختها الوحيدة والاقرب لروحها وتعيش على ذكراها وحلمها بزيارة باريس التي تقيم فيها السيدة الستينية حزينة للغاية تتبادل الحديث مع اختها هاجر التي لاتكف عن الحلم مانحة اختها ماتطلبه منها حتى لو ادى ذلك لوفاتها غرقا وهي تجلب لها قوقعة بحرية.
تنقلنا المخرجة خلال 15 دقيقة بين مكان نشأة البطلتين وباريس دون تفاصيل كثيرة لافائدة منها مكتفية بحديث الذاكرة للسيدة الستينية المعتمد على تمثيل الاختين اذ تتوالى المشاهد بذكاء لعرض قصة درامية بطلها الموت.

الفيلمان عرضا في مهرجان الفيلم العربي في روتردام وحضيا بتقدير المتابعين بسبب ابتعادهما عن الترهل في الحوارات او المشاهد. ويبدو ان لدراسة المخرجين في اوربا لندن وباريس دورا في نجاحما في تقديم فيليمين خاليين من اي اسفاف تشهده غالبية الافلام الروائية الطويلة. وهما مثل افلام روائية قصيرة اخرى شاركت في المهرجان مثل القطعة الاخيرة للسعودي محمد بازيد والغسالة للسوري المقيم في النرويج هشام الزعوقي تجاوزت الكثير مما عرض في ايام المهرجان الخمسة من افلام روائية طويلة استطردت كثيرا في المشاهد الرتيبة وخلت من ابهار المشاهد باستثناء فيلم بابا عزيز للتونسي ناصر خمير المشغول بحرفة وبلاغة سينمائية عالية.

فيلما quot;بيروت بعد الحلاقةquot; و quot;الايام الحلوةquot; كانا وفيين للسينما كفن يعتمد على عرض لحكاية مفترضة باكبر قدر من الصدق. ونجحا في ايصال حكايتهما بأمانة للمشاهد. وأكدا على بروز جيل من السينمائيين غير المصريين يمكن ان يؤسس لسينما عربية مغايرة للسائد الذي تمثله السينما المصرية بافلامها الروائية الطويلة والقصيرة اليوم.

ولد المخرج هاني طمبة في بيروت عام 1961. درس التصميم الغرافيكي في لندن للمدة من 1977 إلى 1982، حيث عمل لاحقاً لمدة عشر سنوات كرسام مستقل للرسوم التوضيحية. ثم إشتغل كمصصم للإعلانات التجارية، وأفلام الرسوم المتحركة. أخرج عدداً من الأفلام الوثائقية من بينها quot; entitled Beyrouth: les barbiers de cette villequot; عام 1988. ثم تبعه بعدة أفلام قصيرة quot; مبروك ثانية quot; 1999، و quot; Du poil de la becirc;te quot; 2002، و quot; بيروت بعد الحلاقة quot; 2004. فاز فيلمه quot; quot; Milleur court Meacute;trage بجائزة السيزار الفرنسية عام 2006. وينكب حالياً على إنجاز فيلمه الروائي الطويل quot; ميلودراما حبيبي quot;.

اما المخرجة مريم ريفاي فقد ولدت في الجزائر عام 1976 ودرست في باريس كتابة السيناريو والاخراج واكملت تدريبها مكتسبة العديد من الخبرات في فرنسا وتونس كمخرجة وممنتجة للافلام. وفيلم quot;الايام الحلوةquot; هو فيلمها الاول.