ألعاب سوريالية (1)
أن يجتمع ثلاثة أشخاص في غرفة تتوسطها مائدةٌ عظيمةٌ مليئة باللحم المشوي والسمك المجفف والسلاطات وقناني الفودكا وباقي المشّهيات من توابل حيدر آباد التي يحبّذها، عادة، شعراء ليس لهم رصيد في البنك. يتم اختيار حوالي 66 كلمة مراد تعريفها. تُكتب مرقّمةً من 1 إلى 66، على كاغد طوله متر ونصف، ثم يُعلّق على حائط. يُعطى لكل شخص 22 وريقة وقلم مميّز اللون. يسجل كل لاعب، خفية، على إحدى الوريقات التي أعطيت إليه كلّ ما يطرأ على ذهنه، وهو يتحدث، يضحك أو يأكل، من جملة يظنها مفيدة. بعد الانتهاء من كتابة الوريقات الـ66الملفوفة على شكل سيجارة، تخلط الأوراق كلها في سلة (دون أن يعرف واحدهم ما كتبه الآخر)،ويبدأ السحبُ حسبَ التتابع المقترح بينهم ndash; من هو أول، ثان وثالث ndash; حتى تفرغ السلّة. إن الورقة الأولى التي سُحبت هي تعريف للكلمة التي تحمل رقم واحد، الملصوقة على الكاغد المعلّق، والورقة التي يسحبها الشخص الثاني هي تعريف للكلمة التي تحمل رقم 2 والثالث للكلمة المرقمة 3، وهكذا دواليك.
ها هنا 66 كلمة انتهزت فرصة لقاء غير مألوف، شبه مخبول، بين سعدي يوسف (اللون الأحمر) وسركون بولص (اللون الأزرق) وعبد القادر الجنابي (اللون الأسود)، في شقة الأخير: لقتل اليوم الأول من اكتوبر 1991 بالاستماع إلى نداءات مُنزّلة، من الساعة الواحدة والنصف ظهرا حتى السابعة مساء، علّ انعتاقا من قيود quot;الحداثةquot; المحافظة يتمّ، وعندها يكون لكل كلمةِ حقُ الانطلاق في هواء المعنى السارح شعرا في كل ما لايتفطّنه شعراءُ المؤسسة والإنشاء.
في لعبة شعرية تلقائية التفكير كهذه، يمنع منعا باتا تصفح مجلة أو كتاب، وإلاكف شيطان الشعر تلطم موهبتك الشعرية. ذلك أن موسيقى الأفلام، الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز (لم تكن ثمة، وإلى اليوم، اسطوانة عربية واحدة في شقة الجنابي، رغم وجود 6 آلاف سي دي) لهي خلفية إيحاء جد ضرورية لتحرير كلمات محفوظة عن ظهر قلب كشرطي في ثكنة... (عبدالقادر الجنابي/ فراديس عدد 4 / 1992)
الثورة:
نارٌ بلا ماء، ماء بلا نار.
القراءة:
من كان نعجة أكله الذئب. وكذلك: هل تلد الحية إلا الحية.
العَلمانية:
وقت لانطلاق مسوخ الرغبة، يمينا شمالا، سُفلا وعلوا، نحو كهف الإحباط.
الاقتصاد:
يحفرون لنا منبتا للسارية.
أوروبا:
لم يبق شيءٌ سواها.
الشطحة:
عجوز شمطاء.
الصوفية:
عاهرةٌ بانتظار زبونٍ برفض المجيء.
البديع:
خيطٌ ذو إبرة.
الاستعارة:
نقلب الطاولة لنجلس.
الموت:
النزيف يأتي بعد انطلاق الحجر.
العقل:
مظلةٌ سرقها جملٌ، جملٌ تأكله مظلّة.
المسدس:
بعبع الرعاة.
الانتفاضة:
كانت تحب جسد الحصان.
الحزب:
عقلٌ يدور حول سياج مستشفى.
الحرب:
ها هو المطر يبدأ بالهطول: المظلة ترفض الانفتاح.
الديالكتيك:
قَبوٌ لتخمير الأفكار.
القارئ:
تبرئةُ ضميرٍ بالسمك المجفف.
النعاس:
قريةٌ ومشعلْ؛ شحاذٌ تترقبه الشوارع.
النهار:
عندما يسمع المينوتور هديل الحمامة يهرب عائدا إلى المتاهة.
الليل:
الأكاذيب هي الحق.
الحب:
ذاك الذي يشيخ بانتظار النص.
الشمس:
الصيف وشيءٌ من شتاء دفين.
القمر:
غالبا ما ينجح المترجم في تقبيل العروس، لكن عبر غلالة.
العراق:
كأنه قصيدةٌ بلا صور.
الانتحار:
حتى الله لن ينقذك...
الوعي:
لابد من أمس...
اللاوعي:
دخان السيجارة حبلُ سرة المنفضة.
المعرفة:
للأكثرية: الكحول. الصحو حالة خاصة بالقلّة.
الشك:
عالمٌ من الأيدي تحلمُ به أصابع.
الخليج:
أي حيوان هذا الذي يبيع الثلج في القطب الجنوبي.
أمريكا:
حتى البذرة تبدأ بالنمو داخل الموت.
الشاعر:
سكّان سيء الأحلام.
الشعر:
غائية الموت الباطنة.
القصيدة:
طفلٌ يتمرأى في أبديته.
التاريخ:
طاعونٌ في بال الخلق.
الحلم:
كم هو ذكيُ! كم هو قرد!
الأدب:
الشاطح والمشطوح وبينهما الخرقة والطريقة.
الثدي:
تريد المرأة أن أَقبـَلها أكثر من أن أُقبـّـلها.
البلاغة:
نُذُر الحمقى.
الفلسفة:
هل يكون العراق الأخير؟
التوحيد:
ما أثقل هذه السحابة.
المعاصر:
حجرٌ متفتّق الأوراق.
الحداثة:
في منعطف التاريخ، رجلٌ مسلح بالعزلة.
الحكمة:
نافذة حمراء على بياض اللانهائة.
الإمثولة:
ثديٌ مضيء تدور حوله الأرض.
الظل:
الأساس ترابٌ، والسقف رصاص.
العين:
فُوهة لإرسال الضحية إلى مصيرها: الجحيم أو ربما الجنة.
الكتاب:
الجبال اريدها قريبة.
المخيلة:
نحن في لحظة فائقة.
الخلاعة:
حيث يكلّف كأس البيرة عشرين جلدة.
التراث:
حمارٌ يضحك مع شرطي.
الرقابة:
الخبز الذي لم نذقه لن نعرف أهله.
النوم:
في حضرة سيّد المُرائين، كيف تُرائي؟
الوطن:
أيُ قلمٍ أحمر هذا الذي يكتب؟
القلم:
لا تَقلْ إني أعرفك.
النفط:
نافذة بلا مصاريع، ثقب أسود لابتلاع الموتى.
الله:
الساعة بلا عقارب، عقرب بلا ساعة.
الدين:
الشجرة لا تسأل، الشجرة تجيب.
الفِراش:
المعطف المقلوب صيفا.
الصورة:
حصانٌ يحدّق في عالم الأرواح.
النار:
الكتب لا تتحدّث.
الجنون:
يدٌ في سكّينة.
الأبدية:
بحر لم يهتد إليه الماء.
الصحراء:
الليل. الليل. الليل. الليل. الليل. الليل. الليل. وبغتةً. أو شيئا فشيئا نهار.
الحبر:
من يقول لهذا الحذاء، كفى؟
الورقة:
شبه جزيرة في صدر امرأة.
لعبة يمكن ان يلعبها الجميع شرط أن لا يأتي اللاعب بجمل محضرة مسبقا... وإنما ان يكتب لحظة اللعب وعفو الخاطر... وأن يأخذ الأمر ببساطة وروح مرحة متزنة ليس فيها إحساس بالعظمة ولا تواضع على الطريقة العربية ولاابداء اي احتقار لما سيبدو أمامه شيئا طفوليا... سنعيد نشر عدة العاب سوريالية تمت مع محمود درويش، أدونيس، سعدي يوسف وشعراء آخرين. |
التعليقات