في البدء كان الطغاة
عندما تنكروا لعمنا الجليل quot;أياquot;
وبعد عويل ونحيب تكاثروا مثل القمل على quot;غودياquot; العظيم
لم يكن ليذبحهم جموعاً وفرادى غير المتجبر quot;حمورابيquot;
quot;حمورابيquot; الذي سيشيّد أحفاده معسكراً مهولاً لصنع الأسلحة
أعيدوا إلينا طغاتنا فنحن أبناء العبيد
وأحفاد العبيد
ملوكنا على الدوام يصبغون أنهارنا بالدم ولا يحصون جثث قتلانا
أعيدوا إلينا طغاتنا كي يفرح المطربون والنحاتون
كسدت بضاعتهم يوم منحتمونا الخلاص
خرجنا من الجحور
الكثير منا كان يئن من العزلة
والجوع والتعب
كلما كاتبنا رسولاً لنجدتنا
وجدناه قتيلاً على أبواب المدينة
لم نتعب من اللهاث
تمضي القرون ونحن نلهث
أبناء الأمهات النحيلات
يسجدن وهن يتطلعن للأبناء على أعواد المشانق
أبناء الآباء المجبولين على الركوع
يتلفتون حولهم في المواسم ويتذكرون الأبناء على سواتر الحروب
أعيدوا إلينا طغاتنا كي يلتحق بنا آباؤنا
الحرب جميلة
والحياة عندنا موسومة بالنبال والسيوف
أيامنا رؤوس مقطعة ومرمية على الطرقات
نهاراتنا رصاص طائش وليالينا قنابل مضيئة
نحن لم نولد إلا لذلك
ولكنكم لا تدركون
ظهورنا تتقوس ورؤوسنا تصاب بالصلع
طغاتنا يجيدون إقامة الاحتفالات الضخمة
ولهذا ننشغل على طوال العام
ينحرون الذبائح في الشوارع فيكثر الجياع
يستقدمون الفرق الموسيقية الجوالة من أنحاء العالم
والراقصات الساحرات
وقناني النبيذ
ونصطف نحن في خطوط طويلة ومزدحمة للفرجة
وبعد انقضاء السهرة
يذهب ربعنا إلى المقاصل بتهم شتى
ولا نأبه
طغاتنا يعتادوننا
ومن المؤكد أننا نعتادهم
أعيدوا لنا طغاتنا كي ننتهي من السيارات المفخخة
فتزدهر من جديد تجارة المشانق
وآلات التعذيب
أعيدوا إلينا طغاتنا كي يرقص الضحايا على وقع الأبواب المزنرة
بعد أن توهموا بطولاتهم،
أعيدوهم كي تعود الشوارب الغليظة،
والبساطيل الحمراء
والأسماء الغريبة
لا نريد من حياتنا سوى النوم في مديحهم
وتقبل مكرماتهم بالتهليل
مكرماتهم التي يغدوقونها علينا في أعياد ميلادهم
وميلاد أبناءهم
وزوجاتهم
ومحظياتهم أيضاً
مكرماتهم الكثيرة
والعنيفة جداً
هي ما يجعلنا نعض على ألسنتنا
نقطعها بلا خوف
فتستقيم حياتنا
أعيدوا إلينا طغاتنا
فلقد تعبنا من الانتظار
ولسنا بقادرين على اجتراح حياة جديدة

شاعر عراقي مقيم في أستراليا