لقد نفذَ التمرُ منِّي
ورحتُ أرافقُ سِربَ نخيلٍ
يفتشُ عن تمرِهِ في البلاد
لقد نفذَ الحزنُ مني
ورحتُ أدقُّ على الصدرِ
أنسلُني كالهديرِ من الماءِ
أنزفُ بغدادَ من كل واد
مواويلُها ميَّلَتْني
واصفرَّ حولي الهواء
تطيِّرني
ريشةً نسيتْ جنحهَا
لا تحطّ
وهل تتعبُ الريح أو تستريح
أدوِّمُ بينَ حبالِ الفضاءاتِ
كل النهورِ لبغدادَ تجري
وأين هيَ الآن حتى
أصبَّ بها دجلةً
هو ذا
ضفّةٌ فقدتْ أختَها
وسالتْ مياهُ الحنينِ بعيداً
إلى آخر الخوفِ و الصلوات..
ومن هو دجلةُ
هل دجلةٌ ماؤه


إذ يمرُّ بنا مسرعاً
نحو شطّ الخليج بلا وقفةٍ أو سلام
أم انّهُ ما حفرَ الماءُ
في صخرِ ذاكرةِ الميِّتينَ
وشكَّلَ مجرىً يُفَسِّرُ ما نزَّلتْه السماء..
أسائلُ بغداد:
هل يعرفُ الموتُ طعمَ السأم
تهزُّ النخيل ولا تتساقط إلا عيونٌ روت ما السأم
هو أن تتعثَّر كلَّ صباحٍ بظلِّكَ
تكره من قادهُ
حين تمشي إلى القوتِ ِمنعجناً بالألم
والألم
هو أن تكتفي بالذي
أكلته عيونك من رعشةِ الموتِ صبحاً
تحنّي عيونكَ بالنومِ ليلاً
وتلقي على القبرِ فوضى النهار
فيهرب هذا النعس
والعراق
أن تموتَ كأنَّك لم تحيا بعد
ترى في الترابِ اكتمالاً
بلا زمنٍ لم تخضْهُ ولا وجعٍ للفراق
وأين تفارقُ
صكَّ هديرُ الرصاصِ المدى
وأين أمانكَ
أين تيمّمُ
-أين تهاجرُ من دونِ منفى؟
فَمُتْ
إنْ أردتَ النجاة
لعلكَ تبصرُ و الموتُ قد ولدَكْ
وتعرف أسبابَ تنـزيلِ آيات خلقك
تعرف حين ترتِّل خلف السماءْ:
وقال إلهي :
{يا أيُّها الحزنُ كنْ
فكان العراق}

سوريا