يهدأ المسرحُ الآن ،
والحاضرون الذين نسوا أن يجيئوا ....
نسوا أن يجيئوا
المقاعدُ غامضة ٌ ..
والستائرُ سوداءُ مثل الفراغ ِ السحيق
الممثلُ يفتتحُ العرضَ ، لا أحدٌ
غيرهذا السؤال ِ الثقيل ِ على مقعد ِ الصمت ِ يرمقهُ
متعبٌ فرط يقظته
إنه الآن ينهضُ مهترئا مثل عمرٍ مضى
وينام ...
الممثلُ يسأله : هل ستتركني في مهب التلفتت
من دون متكيء ٍ
ما الذي سوف أفعله وأنا ... والمقاعد فارغة ٌ
لو تمهلت بعض الدقائق ربتما نلتقي في الحوار ِ
وربتما في الممرات حين نغادر أصباغنا
مثلا ـ وتحدثني عن همومك لا بأس لا بأس ، خذ ما تشاء من الوقت
أقترح الآن كأسين في النصّ كي نتواصلَ حتى الغياب ِ
الممثلُ يفتتح العرض يمتدّ ُ ، يلتمّ ُ ، يرقص ، يصعدُ فوق البياض المفاجيء
يبتكر النصّ َ ، يهوي إلى الأرض ، ينهضُ ، يبكي ، يصفق
يحنو على روحه ِ ، يخفض الصوت ، يهذي
ويفتح نافذة ً ثم يغلقها ، يترددُ ، يستبدلُ الدور ، يدنو
يغني ويصمت ثم يغني، يحدث ضوءا من الكوة المستديرة
يجمد في لحظة الخوف ، يصرخ ، يسأل أشباحه من أنا ؟
المقعد المتحرك ينهضُ ، يفزعه الصوتُ
ثمة صوتٌ غريبٌ يحدثه باسمه
الصوتُ يعلو ، الممثلُ ملتصقٌ بالجدار
الحوار انتهى غير أن الممثلَ يبتكر النصّ ثانية ً
ويعود إلى المقعد المتحرك يلصقه بالجدار المقابل
يلتقط الوقتَ من وسط المسرح ، الآن يبحث عن جملة ٍ للنهاية ِ ....
كان السؤالُ وحيدا على المقعد المتحرك
يلتفّ ، يرمي على جهة الصمت عكازه ويقوم طليقا ومزدهيا بانهيار الممثل ِ
يدفعه راجعا للجدار وملتصا حدّ أضلاعه
حدّ لم يبق في وجهه رمقٌ
حدّ صمت ٍ يغطي الفضاءَ ويطلع منه أنين السكون ِ
يقول الممثلُ إني مللتُ الإقامة َ في النصّ
ينهضُ ، ينفضُ عنه غبار الكلام ِ
ويبحث عن مقعد كان قبل قليل هنا
غير أن الستارة أسدلها ومضى ......
يهدأ المسرحُ
ليس ثمة َ آت ٍ ولارائحُ
غير رجع صدى في الكواليس يبتعدُ
لا يميز هل ضاحك هو أم نائحُ ....