أديب كمال الدين:

وصف
الى صالح زامل

( 1 )
سقطتْ دمعةُ الشاعرِ على الورقة
فرأى فيها أخوةَ يوسف
وهم يمكرون ويكذبون
ورأى دمَ الذئب
ورأى أباه شيخاً وحيداً يتمتم:
ياأسفي على يوسف، ياأسفي.
ثم نظرَ مرّة أخرى
فرأى نارَ أبراهيم
ورأى صليبَ المسيح
ورأى الموتى ينهضون
والعميان يتشبّثون
ببعضهم ، يصرخون .
ثم رأى موسى
يعبر بحراً من الرعبِ والموت
ورآه وهو يقول : ربي .
فَيُقالُ له :
لن تراني
انظرْ الى الجبل
فإن استقرّ مكانه
فسوفَ تراني.

( 2 )
هكذا في دمعةٍ واحدة
رأى الجبلَ ينهدّ هدّا
وموسى يستغيثُ: أنا أول المؤمنين.
ثم رأى عاداً وثمود
ورأى أصحابَ الأخدود
ورأى صحارى محمد وأصحابه عند بدر
ثم رأى رأسَ الحسين
يحُمَلُ فوق الرماح
فوق خيول الخونة
لِيُنقَل بين مدن الكَفَرة الفَجَرة.

( 3 )
هكذا في دمعةٍ واحدة
أضاءتْ له الدنيا جميعا
فاحتارَ الشاعرُ كيفَ يبدأ، كيفَ يقول
ثم رأى أن يصفَ المشهدَ ليس الاّ!

****


مفيد عزيز البلداوي:
هموم ناقة صالح
لك شمعدان من الحزن يا صالح زامل وأنت ترقد في غيبوبتك

أجزم أنك كنت تحلم بوطن آمن
وأن ملائكةً كانت ترفرفُ على سطح دارك
ترمي أجنحتها لأطفالك الملتحفين بنسمة دجلةْ
لكنهم كانوا مثلك
يداعب رئاتِهم شميمُ غبرة الوطنْ
الوطن الذي تحول إلى مسحوقٍ خانق ْ
الأولاد حزموا أحلامهم وهاجروا إلى حبشة الله
زوجك لم تقبل بسلطة قريش فهاجرتْ
الحزن الذي يتقاسمه الآن أصدقاؤك عليك
سيكون أسرتك القادمةْ
قل لي بحق حروقك :
كيف لك أن تحب بلاداً من لهب ؟
كيف لك أن تدندن في غيبوبتك ( موطني.... موطني )؟
يا صالحُ....
الوطن لم يعد صالحاً إلا لنزهة الموتْ


.......

عادت إليك هموم ناقة صالحٍ،
عقروا يديكَ،
وكنت ترفو سترةَ الوطن الممزق ْ

عادت......
وكنت تحوّل النقد الحديثَ إلى حديثٍ عن قناني الغاز،
والعبوات،
والموت المسرّب للهواءِ،
وصورة العمر الملفقْ

عادت...
وهاجر من سطوح الدار ريش أبيض
الله...يا الله....يا الله
عبد الله... أعني صالحاً.. أعني النبيَّ
تفحمت رؤياه
قل للموت : كن ليكون،
لكن سمه هربا إليك،
فأن حزن الفقد إلم ترحم الباقين أعمق