أمطار كان لم تعق المشي على البساط الأحمر

أميركا واليابان وإيران تتعرى في "كان"

أحمد نجيم من كان: شهدت ميدنة "كان" ليلة أمس الثلاثاء تساقطات مطرية مهمة، واستمر تهاطل الأمطار طيلة ليلة الثلاثاء الأربعاء، غير أن هذه التساقطاتلم تعكر الجو الاحتفالي الكبير التي تشهده المدينة منذ انطلاق الدورة 58 من مهرجان كان يوم 11 مايو المنصرم، إذ احتفظت الإدارة بكافة الطقوس الاحتفالية الكبيرة، وأهمها المشي على البساط الأحمر والتقاط صور النجوم أمام المسرح لكبير لوميير بقصر المهرجان. حالت الأمطار الخفيفة نسبيا، دون تجمهر عشاق النجوم أمام مدخل المسرح لكبير. ليلة أمس الثلاثاء لم تختلف كثيرا عن ليالي كان الساهرة، إن نظمت السهرات الخاصة في فضاءات مغطاة على الشاطئ، ربما تأثير الأمطار كان مقتصرا على متتبعي أفلام "سينما الشاطئ"، إذ حالت الأمطار دون تنظيم عرض ليلة الثلاثاء الأربعاء. كانت هذه التساقطات مناسبة بكثير من سياح المهرجان لإظهار مظلاتهم المختلفة. وحاول بعض اللصوص المحترفين استغلال هذه الأجواء المطرية والاحتفالية في المدينة للسطو على مجهورات الأغنياء والنجوم، وأعلنت الجريدة الجهوية "نيس ماتان" في عددها ليوم الأربعاء أن الدرك الفرنسي ألقى القبض على عصابة متخصصة في سرقة مجوهرات الاغنياء وبحوزتها 20 كيلوغرام من المجوهرات الذهبية، ما ثمانية كيلوغراات في "مدينة المهرجان"، أفادت الصحيفة أن العصابة التي ألقي عليها القبض كانت توظف الأطفال والنساء للاطلاع على الفيلات المستهدفة، واعترف أحد أفراد لعصابة، حس المصدر نفسه، أنه كان يقوم بثلاثة عمليات سطو سرقة في اليوم الواحد، وأن تلك السرقات نقلت إلى يوغسلافيا السابقة غبر إيطاليا.

الصحافة أول المستفيدين من توقيعات النجوم
تتحول نهاية الندوات الصحافية اليومية المنظمة مع مخرج وممثلي الأفلام المشارة في المسابقة الرسمية، إلى ما يشبه حفلا لجم توقيعات النجوم، إذ يتجمهر الصحافيون على الفريق المشارك في الندوة ويضطر النجوم إلى الامتثال إلى رغبات الصحافيين، وعلل صحافي من البرازيل رغبته في جمع أكبر عدد من التوقيعات إلى عشقه للنجوم السينمائيين ورغبته في تخليد ذكرى كان "حضور هذا الحدث السينمائي مناسبة لن تتكرر لصحافي قادم من البرازيل، لذا أستغل هذه الفرصة لجمع توقيعات النجوم، ربما لن أعود إلى المهرجان في دوراته المقبلة وأفضل أن أحتفظ بهذه الذكرى" يحرص هذا الصحافي على المجيء يوميا قبل الندوة الصحافية بأكثر من نصف ساعة "هناك ندوات صحافية تعرف حضور عدد كبير من الصحافيين، وتغلق الأبواب على نسبة منهم، لذا أفضل أن أكون من الأوائل لولوج قاعة الندوات ثم للجلوس في المقاعد الأمامية"، هذا الصحافي واحد من عشرات الصحافيين الذين يجمعون توقيعات النجوم للذكرى.


إيران وأميركا واليابان تتعرى في كان
قدم مساء الثلاثاء الماضي العرض الأول لفيلم فرانك ميلر وروبر رودريكيس "سان سيتي" المستمد من قصة مصورة تحمل الاسم نفسه للكاتب الأميركي فرانك ميلر، يصور الفيلم عالم الجريمة بكل أشكالها في مدينة "سان سيتي"،أربعة شخصيات تصارع في هذه المدينة المظلمة، فهارتيكان، بروس ويليس، يقسم بحماية الطفلة "نانسي"، جيسيكا ألبا"، و"ماف"، ميكي روك"، مهمش قاسي يقرر الانتقام من مقتل حبه "كولبي"، أما "دايت" الذي يجسد دوره كليف أوين، فيسعى لحماية مومسات المدينة من جاكي بوي، بينيسيو ديل تورو. الفيلم له سمات مشتركة مع فيلم كوين تارانتينو "كيل بيل"، مشاهد قاسية لشخصيات قوية وعنيفة تعيش في مدينة شديدة الظلمة، يجمع الفيلم بين أفلام التنشيط والأفلام العادية، شخصيات وكأنها رسمت تقوم بأعمال عنف، كثير منها يرعب المشاهد. وخلال العرض الأولى غادر بعض الصحافيين القاعة بسبب العنف الذي غطى على مشاهد الفيلم. فيلم "سين سيتي" قد ينال جائزة الإخراج في الدورة الحالية لمهرجان كان، كما أنه أحد الأفلام المرشحة للسعفة الذهبية، إبداع سينمائي يكشف عن تعطش الإنسان إلى الإجرام.
تعرية الواقع المجتمعي كان حاضرا في الفيلم الياباني "إيلي إيلي لينا شاباستاني" للمخرج أوياما شينجي، يغوص الفيلم المشارك في مسابقة "نظرة ما" في اليابان 201، حيث ارتفاع نسبة الانتحار، هذه الظاهرة لن تجد لها علاجا غير الموسيقى التي تستمد إيقاعاتها من أصوات الطبيعة، يتسم الفيلم بالبطء حد الملل، ويغوص في الشخصيات الإنسانية بطريقة شاعرية. طول مشاهد الفيلم تخلق للبعض نوعا من الملل.
وخلال أمس الثلاثء قدم المخرج الإيراني، في المسابقة نفسها، فيلم "ليلة" للمخرج نيكي كريمي، في هذا الفيلم يكشف الليل، من خلال بطلة الفيلم، عن التحولات التي تشهدها إيران، تخرج فتاة شابة من العمل لتفرض عليها أمها مغادرة البيت لأنها ستستقبل صديقها، تقضي ليلها بين شوارع مدينة طهران، تلتقي ثلاثة رجال يعبرون عن ثلاثة عقليات، الأول من الضواحي يغريها كي يقضي معها ليلة، ويتخذ من الدين مبررا لفعلته، أما الثاني فدكتور قضى سنوات في أميركا يعيش رفقة أمه، يكشف عن الوجه التقدمي في هذا البلد، ثم الثالث عاشق متفتح اكتشف خيانة زوجته مع صديقه فقتلها وحملها معه في سيارته. "ليلة" فيلم إيراني ترك انطباعا جيدا في "كان". المخرجون الثلاثة من أميركا وإيران واليابان عروا واقع بلادهم في "كان" أمس الثلاثاء، وقدموا أعمال سينمائية نالت استحسان النقاد.

أفارقة يطالبون باسترجاع تراثهم السينمائي من فرنسا
بينما أثار مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل نقطة أخرى متعلقة بالذاكرة المغربية خصوصا والإفريقية على وجه العموم "تراثنا منذ السنوات الأخيرة في القرن ما قبل الماضي وإلى حدود استقلال المغرب في العام 1956 موجود في فرنسا، آنذاك كنا نمنع كمغاربة استعمال الكاميرا للتصوير، كان ت صورنا حكرا على فرنسا" لذا دعا إلى التفكير في محاولة استرجاع هذا التراث، وتساءل "هل نحن مجبرون على احترام القوانين في موضوع غاية في الأهمية متعلق بذاكرتنا" في إشارة إلى حقوق تأليف شركات إنتاج فرنسية ك"باتي" على الأفلام المصورة في المغرب خلال الحقبة الاستعمارية.
دعا مسؤول من منظمة اليونسكو إلى الحفاظ على أفلام المنتجة في الدول الجنوبية، وقال في ندوة "حماية أفلام سينما الجنوب" على هامش مهرجان كان 2005" "هذا موضوع يحظى بأهمية خاصة عندنا، ويجب أن نبحث عن الحلول لإيجاد الدعم الكافي لأرشفة التراث السينمائي بالتقنيات الرقمية"، ولم يطرح إجراءات عملية بل اكتفى بالقول "نحن في حاجة إلى تضامن دولي، وإلى اهتمام حكومات الدول المعنية بهذا الموضوع الهام".
واحتج مخرجون وسينمائيون أفارقة على ارتفاع أثمنة أرشفة التراث السينمائي الإفريقي في لمعهد الفرنسي المتخصص المعروف ب"لينا"، فثمن الدقيقة الواحدة للأرشفة الرقمية في هذا المعهد يتراوح بين 500 و800 أورو". وانقسم المشاركون على هذا الموضوع، فممثلو وزارة الفرنكفونية الفرنسية و"لينا" واليونسكو تطرقوا لموضوع الأرشفة الرقمية لتراثهم، بينما أثار سينمائيو الجنوب، خاصة الأفارقة موضوع الذاكرة الجماعية الإفريقية المتواجدة في أوربا مطالبين باسترجاعها ثم بالدخول في شراكة مع مؤسسات فرنسية.

الصايل : مهرجانات عالمية تريد تخصيص يوم للسينما المغربية

قال نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي ورئيس الوفد المغربي إلى مهرجان "كان"2005 أن المشاركة المغربية بعشرة أفلام في "سينما العالم" خلفت استحسانا كبيرا من قبل المشاركين في المهرجان، وأوضح في تصريح خاص أن "هناك مهرجانات سينمائية كبيرة الكبندقية وسان سباستيان وتورنتو بكندا ونيويورك عبرت عن رغبتها في إعادة تجربة "كان"، بتخصيص يوم للسينما المغربية.
وعبر عن سعادته بالمشاركة المغربية، إذ تمكن الوفد السينمائي من خلق علاقات مع المنتجين والسينمائيين العالميين، وأضاف "هذا يساعد على ترويج السينما المغربية عالميا، كما يدفع السينمائيون المغاربة من الاحتكاك بالسينما العالمية. وبخصوص إمكانية إنشاء رواق مغربي في "سوق المهرجان" عبر الصايل عن تحفظه الرواق لا ينفع السينما دائما، فهو مكلف جدا، ثم إننا نشارك برواق إذا كان لنا ما نقدمه من إنتاجات سينمائية إلى المشاركين، فيجب أن ننتج أفلاما كثيرة وبصفة منتظمة.
وكان الحضور المغربي قويا في الدورة 58 من المهرجان، إذ شارك بثلاثة أفلام طويلة لكل من عبد الرحمن التازي "باديس" وجيلالي فرحاتي "ذاكرة معتقلة" وياسمين قصاري "الراكد" بالإضافة إلى سبعة أفلام قصيرة في القسم المحدث هذه الدورة في كان "سينما الجنوب"، ويتعرف الصحافة الخميس المقبل على فيلم ليلى المراكشي "ماروك" المشارك في المسابقة الثانية من حيث الأهمية "نظرة ما".

الإخوة داردن أوفياء لنهجهم للسينما الواقعية والأميركي جارموش يقدم تحفة سينمائية

سار المخرجين البلجيكيين جون بيير ولوك داردن في فيلمهما الجديد "الطفل" المشارك في المسابقة الرسمية ل"كان"، على نهجهما السينمائي الذين تعرف عليهما الجمهور في أفلام "بروميس" و"روزيتا". فاختارا موضوعا اجتماعيا يهتم بالمهمشين في بلجيكا. يتطرق الفيلم لقصة الشاب برونو، 20 سنة وصديقته سونيا الذين يرزقان بطفل صغير "جيمي"، يعيش برونو على السرقة بتعاون مع طفلين صغيرين، ورغم وضعيته المادية والاجتماعية يحاول إن يتعايش مع هذا الوضع، غير أنه سينهار ليقرر"بيع" مولوده لمن يتبناه ويدفع، هذا التصرف الطائش سينعكس على علاقته بصديقتهأم "جيمي"، تسترد مولودها وتقطع علاقتها ببرونو. علاقة هذه الشخصية تظل موزعة بين النهب والسرقة للعيش، ولما ألقت الشرطة القبض على طفل من أحد معاونيه، سيتقدم إلى الشرطة، بعد محاولة يائسة للقاء سونيا. الأجواء نفسها التي عرف بها المخرجا، حتى طريقة التصوير المعتمدة على اللقطات المكبرة التي وظفها المخرجان في "روزيتا" أعيد توظيفها في "الطفل".
بل إن بطلة الفيلم ديبورا فرنسوا، التي جسدت "سونيا"، لم يسبق لها أن وقفت أمام الكاميرا، شأن الفتاة التي جسدت "روزيتا" في آخر أفلام الإخوة داردن لتنال السعفة الذهبية لأحسن دور نسائي في العام 1999. لم يوظفا المخرجان الموسيقى، بل اكتفيا بموسيقى الفضاء والأشياء.
الحدث السينمائي ليومه الثلاثاء كان العرض الخاص بالصحافة لفيلم "ورود ممزقة" للمخرج الأميركي جيم جارموشنال الفيلم تصفيقات الصحافة أثناء عرضه في القاعة الرئيسية لقصر المهرجان قبل أن ينال مدحهم في كتاباتهم، يحكي الفيلم قصة كهل أعزب يعيش لوحده يدعى "دون" جسده باقتدار كبير بيل موري، يتوصل برسالة مجهولة تخبره أن أب لشاب يبلغ 19 سنة، ليبدأ "دون" بحثا بمساعدة جاره "وينستون"، جيفري رايت، تسافر "دون" إلى ولايات مختلفة يلتقي صديقاته الأربع عله يهتدي إلى صاحبة الرسالة والأم، جسدت شارون ستون وفرانس كونري وجيسيكا لانج وتيلدا وينستون، دور
النساء الأربع.
اجتمعت كل عناصر النجاح ل"ورود ممزقة"، ممثل بارع بيل موري، جسد بقوة وعمق كبيرين الشخصية وأعطى للفيلم عمقه وتجاوب الجمهور معه، ثم مشاركة النجمات ستون ولانج وكونري ووينستون، كانت مكملة للوحة الفنية التي رسمها جيم جارموش. من نقاط قوة الفيلم الحوار، إذ كتب بفنية كبيرة.
يغوص الفيلم في الشخصية الإنسانية بفنية كبيرة. هذا الفيلم عينة من التحف السينمائية التي تعتمد على إمكانيات محدودة لتقدم للمشاهدين إبداعا سينمائيا لن تمحيه السنون، وزادته نهايته الغامضة سحرا آخر.