خبران، لم أقدر إلا أن أعلق عليهما، الأول أبكاني، والثاني جعلني أتقيأ. ولأنني أعيش في جزيرة معلقة بكعب الأرض، سأبدأ بالثاني، فأحضروا الحوامض، والمحارم، واقرأوا:
طفلة من البحرين، عمرها 9 سنوات، زوجها والدها لزوج عمتها، أي (الأونكل)، ووافق على زواجها القاضي، دون أن يردع هؤلاء المشوربين الثلاثة ضمير.
ولكي أتأكد من حجم (الطفلة) العربية، التي يقولون عنها، أو بالأحرى يتقولون، بأنها ذات جثة كبيرة، تصلح للزواج ولممارسة الجنس مع أي رجل كان، حتى (الأونكل)، طلبت من مساعدتي في المعهد الذي أعمل به، بالإضافة إلى تدريس اللغة العربية، مشرفاً على تهذيب الأطفال، أن تجلب لي ست فتيات بعمر التاسعة، فذهبت إلى الصف الثالث إبتدائي، وجاءتني بنصف دزينة من الملائكة، ما أن تطلعت بهن حتى أجهشت بالبكاء، ولعنت الآباء، وأزواج العمّات، وجميع القضاة، إذا كانوا على شاكلة من اقترفوا تلك الجريمة البشعة.
ولكي يبقى يومي تعيساً كالعادة، بسبب مطالعتي للأخبار العربية، سأطلعكم على الخبر الأول، وعلى إحدى الفتاوى التي جننتني، ورفعت ضغط دمي إلى أعلى مستوى، فتفضلوا معي:
عذب، حد الموت، والد سعودي ابنته البالغة من العمر 8 سنوات، لأنها تشاجرت مع إبن الجيران، فقام بصفعها على خدها، ولأنها لم تقبل الذل، ردت له الصفعة ببراءة الأطفال، وما أن رآها والدها حتى جن جنونه، وراح يتفنن بتعذيبها، وهي تستغيث به دون جدوى.
الخبر مزعج للغاية، ولكن الأزعج منه هذه الفتوى الصادرة عن رجل لا يعرف الشفقة أيضاً، فلقد برر تعذيب الأب لابنته بهذه العبارات القائلة:
البنت في الثامنة من عمرها، أي أنها أصبحت بعمر الزواج، ومن حق الوالد أن يضربها، كونها لمست خد إبن الجيران، بعد أن لمس خدها، وهذا يعتبر نوعاً من الزنى، قد يمنع زواجها في المستقبل، لأن لا أحد سيتزوجها إذا عرف أنها لمست خد شاب آخر، ولهذا ثار أبوها وقام بضربها.
يا أمة ألله.. بالإذن من الفنان اللبناني أبي سليم الطبل.
يا خير أمة أخرجت للناس..
يا بشر..
يا سامعين الصوت.. هل منكم من سيوافق على جريمتين ارتكبتا بحق طفلتين صغيرتين في أواخر هذا الشهر الفضيل، شهر الصوم والتقوى، لأن القاضي وافق على ذلك، ولأن أحد المهووسين اعتبر الصفعة مداعبة على الخد؟
قبل أن تعلّقوا على الموضوع، تطلعوا بأطفالكم، راقبوا تصرفاتهم، فلسوف تجدون أن الولد والبنت في عمر الثامنة والتاسعة لا يختلفان عن بعضهما كثيراً، فالجسدان متشابهان، والصوتان متشابهان، والألعاب متشابهة، إلى أن يبدأ النمو بعد الثانية عشرة من العمر، عندئذ تظهر ذقن الشاب، ويشمخ صدر الفتاة، وتتغير الأصوات والرغبات. فكيف يزوجون طفلة بزوج عمتها، وكيف يعذبونها لأنها صفعت طفلاً آخر، دون أن تتغيّر قوانيننا المتخلفة الجاهلة المريضة، وتسن قوانين صارمة تنقلنا من عصر الظلام إلى عصر النور والحق.
أخيراً، أحب أن أعترف لقرائي، أنني، في قرارة نفسي، كنت أعيش حالة غريبة، وأعاني من غصة قاتلة منذ 12 سنة، كوني لم أنجب أطفالاً، أما الآن، فاسمحوا لي أن أصرخ بملء فمي: أشكرك يا رب.. لأنك أنت العليم، وأنت المدبر، فلو كنت أستأهل هذه النعمة، نعمة الإنجاب والتربية، لما حرمتني إياها، فأرجوك أن تحرمها لكل من لا يحترم الطفولة ويقدسها، وأن لا تمنحها إلا لمن خلقوا لها.. شرط أن يكونوا بمستواك.
- آخر تحديث :
التعليقات