لن أجيب على هذا السؤال مباشرة، وسوف أحيل الإجابة عليه لمجموعة من الوقائع والأحداث التي أصبحت خبرا يوميا في الضفة والقطاع في السنوات الثلاثة الأخيرة من الفترة التي عرفت بـquot;انتفاضة الأقصىquot;، التي شهدت استعمال السلاح ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اليهود، مقارنة بالانتفاضة الأولى التي عرفت لمدة ثمانية سنوات بـquot;انتفاضة الحجارةquot;. وهذه الوقائع والأحداث مأخوذة كلها من وسائل الإعلام الفلسطينية وتحديدا من صحيفة quot;دنيا الوطنquot; الإليكترونية. ومن المهم الانتباه إلى أن هذه الوقائع حدثت خلال الأسبوعين الأخيرين من ديسمبر لعام 2005 فقط، وهذا يعني أن هذه الأحداث لا تشكل أكثر من واحد بالمائة من الأحداث المشابهة التي شهدتها مناطق السلطة الفلسطينية في الأعوام الخمسة الماضية.....والآن إلى هذا العرض المحزن والمخجل من الجرائم التي سوف تظل صفحة سوداء في تاريخ النضال الفلسطيني، ومن المؤكد أن عظام شهداء فلسطين تتحرك ألما في قبورهم منها:

أولا: (مسلحون يسيطرون على مكاتب الانتخابات والشرطة تتصدى لهم تتصدى لهم في خان يونس).

ثانيا: (مسلحون يقتحمون مبنى السرايا في غزة لإطلاق سراح سجين وإحراق سيارة للشرطة).

ثالثا: (كتائب شهداء الأقصى ومجموعات الشهيد أبو الريش تقرران إغلاق كافة مقار لجان الانتخابات التشريعية الفلسطينية).

رابعا: (هاجم مسلحون من كتائب شهداء الأقصى مكاتب رئيس بلدية بيت لحم القريبة من ساحة المذود، احتجاجا على عدم تقديم السلطة مساعدات مالية لناشطين فلسطينيين).

خامسا: (اشتبك عدد من المسلحين مع قوات الأمن الفلسطينية بعد أن اقتحم المسلحون مبنى دائرة الحج وسط قطاع غزة. وقال عبد الكريم القططي نائب رئيس مكتب هيئة الحج والعمرة في وزارة الأوقاف: quot;واجهنا مشكلة مع مواطن أراد تسجيل زوجته لأداء فريضة الحج، ولكن موعد التسجيل كان قد انتهى، وفوجئنا به يهدد الهيئة ثم أرسل مجموعة من المسلحين حيث اقتحموا مبنى الهيئة... وأمام هذا الوضع حضرت الشرطة وحاولت دخول المبنى لإخلاء المسلحين ولكن المهاجمين أطلقوا النار على قوات الشرطة ودارت اشتباكات حتى تمكنت الشرطة من السيطرة على المبنى وإلقاء القبض على المسلحينquot;.

سادسا: (أعلن محافظ شمال غزة، إسماعيل أبو شمالة، عن التوصل إلى اتفاق تهدئة لمدة عشرة أيام بين عائلتي الكفارنة والمصري في بلدة بيت حانون شمال القطاع لحقن الدماء وعودة الحياة المدنية إلى طبيعتها في البلدة. وأشار المحافظ إلى أن الاتفاق تم توقيعه من قبل العائلتين وكفلائهم من وجوه العائلات المشاركة في الجاهة الكريمة لمدة عشرة أيام، وتلتزم فيه العائلتان بما يلي:
1. إنهاء المظاهر المسلحة لأبناء العائلتين ووقف أعمال الملاحقة والمطاردة من كلا العائلتين.
2. إزالة الحواجز المعيقة للتنقل والمرور داخل المدينة وعدم اعتلاء المسلحين من العائلتين للسطوح والأماكن المرتفعة.
3. يسمح للنساء والأطفال بالوصول إلى البيوت المتداخلة التي تم إخلاؤها من الطرفين دون تحرش أو إعاقة من أي طرف.
4. يتم فتح المدارس لأبناء العائلتين.
5. يلتزم أبناء العائلتين بعدم الذهاب للمدارس خلال هذه المدة حتى يتم إعادة أبناء العائلتين إلى مقاعد الدراسة بمعرفة لجنة المتابعة من الجاهة الكريمة.
6. إذا التقى أي طرف من أبناء العائلتين مع الطرف الآخر في سيارة نقل واحدة فعلى من حضر مؤخرا ترك السيارة منعا للاحتكاك.
7. كلّ من وجهاء العائلتين مسؤول عن متابعة قضايا احتكاك النساء وعدم التجمهر والاستفزاز من أي طرف للطرف الآخر.).
ويأتي هذا الاتفاق على خلفية الأحداث التي اندلعت بين العائلتين من الحادي من ديسمبر حنى الثامن عشر منه، وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، وكانت الجهود التي أسهمت في التهدئة شارك فيها رجال الإصلاح في كل محافظات غزة وعدد من أعضاء المجلس التشريعي وفصائل العمل الوطني وبمتابعة الرئيس محمود عباس ووزير الداخلية نصر يوسف ورؤساء الأجهزة الأمنية).

ملاحظة من الكاتب: (يرجى الانتباه إلى أن المشاركين في رعاية الاتفاق أكثر وأهم ممن يديرون ويوقعون الاتفاقات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، كما أن الاتفاق جاء أكثر دقة وتفصيلا من اتفاقية أوسلو التي أهملت وأجّلت القضايا المهمة، كما أن الاتفاق استعمل صفة (التهدئة) بين العائلتين وهي نفس الصفة التي تستعمل مع جيش الاحتلال في حالات يبدو أنها متشابهة، وبالتالي كان ينبغي رعاية اللجنة الرباعية الدولية للاتفاق بين عائلتي الكفارنة والمصري، فكل من وردت أسماؤهم ضمن من رعوا الاتفاق، لا يشكلوا ضمانة كافية).

ثامنا: (أطلق مسلحون مجهولون النار باتجاه مبنى جامعة القدس المفتوحة بطولكرم حيث أصيب المبنى بأضرارمن جراء إطلاق النار).

تاسعا: (اقتحم أكثر من مائة مسلح من حركة فتح اليوم الثلاثاء العشرين من ديسمبر لعام 2005 مقر تنظيم الحركة ومبنى المحافظة في مدينة خان يونس وتمترسوا على نوافذ المقر واعتلوا المبنى وأطلقوا النار في الهواء. وأكدّ عنصر من المجموعة المهاجمة أن اقتحامهم هذا جاء رفضا لسياسة التمييز والعنصرية التي اتبعتها السلطة الفلسطينية في قضية تفريغات الأجهزة العسكرية على الأجهزة الأمنية).

عاشرا: (احتلت مجموعة مسلحة تابعة لحركة فتح مقر شركة الكهرباء الفلسطينية وسط قطاع غزة احتجاجا على عدم تفريغهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وقال ابو أحمد المتحدث باسم المجموعة أن المسلحين إقتحموا المقر إحتجاجا على سحب وزير الداخلية الفلسطيني لقائمة بأسماء 2337 كادرا من فتح، كان من المقرر تفريغهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية).

الحادي عشر: وهو مسك الختام لنهاية العام 2005 (قالت مصادر أمنية فلسطينية وشهود عيان أن مسلحين فلسطينيين اختطفوا بعد ظهر يوم الثلاثاء السابع والعشرين من ديسمبر ثلاثة من الرعايا البريطانيين، وهم والد وأم بريطانيين مع ابنتهم التي تعمل في مركز فلسطيني للخدمات الإنسانية).

ومن المهم التنويه أن غالبية التنظيمات الفلسطينية،كان لها (مشكورة) نصيب من هذه الأعمال النضالية المجيدة، فعل سبيل المثال لا يمكن نسيان مجزرة جباليا التي حدثت في سبتمبر من عام 2005 أثناء عرض عسكري لحركة حماس، إذ إنفجر صاروخ من صواريخها في سيارة محملة بالمتفجرات، مما أدى إلى مقتل ما يزيد على عشرين وجرح حوالي ستين شخصا، وللتمويه على مسؤوليتها عن هذه المجزرة، بادرت حماس إلى إتهام إسرائيل وأطلقت عدة صواريخ على مناطق إسرائيلية، وردت إسرائيل بمزيد من القتل والقصف، وقد أثبت شهود العيان ولجنة التحقيق الفلسطينية أن الانفجار الذي أدى للمجزرة ناتج عن إنفجار صاروخ لحركة حماس في سيارة محملة بالمتفجرات في عرضها العسكري، وأن إسرائيل لا علاقة لها بالحادث. ومن العمليات التي تسجل لحماس قبل هذه المجزرة قيام خمسة من كوادرها المسلحين بقتل الفتاة يسرى العزامي وهي محجبة وفي سيارة خطيبها على شاطئ غزة ومعهما ابن عمها...وذلك حفاظا على الأخلاق والشرف وانسجاما مع عمل جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن مع تطوير العمل فبدلا من استعمال العصي تم استعمال الكلاشينكوف.

وهنا سؤال يفرض نفسه في مواجهة هذه الأعمال المشينة: لماذا كان مرتكبو هذه الأعمال في غاية التهذيب والأدب في زمن الاحتلال الإسرائيلي المباشر لما يزيد على ربع قرن؟؟. ولم يجرؤوا في زمن الاحتلال على القيام بأية جريمة من هذه الجرائم؟. ضمن هذا العرض اللا مشرف للإنسان والنضال الفلسطيني وأرواح الشهداء الفلسطينيين، على القراء والمعنيين أن يجيبوا اعتمادا على ما سبق: هل غزة والضفة مشروع دولة قادمة أم فوضى دائمة، خاصة في ظل السكوت الكامل للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وكأنها فعلا (شاهد ما شافش حاجة)!

[email protected]