ضحكت وشر البلية ما يُضحك وأنا أقرأ تعليقاً كتبه الشيخ الكويتي الصحوي (حامد بن عبدالله العلي)، بعنوان (بارك الله في الجلطات) ؛ يقول فيه بالنص : (كانت الجلطة المباركة أحد ثمار جهاد الانتفاضة المباركة، الجهاد الذي فجـّـر دماغ هذا المجرم، ذلك الدماغ الذي كان ينبوع كيد السوء، و مجمع الخباثة العالمية، وعش الغل والأحقاد).
هذه طامة ورب البيت ! . فأن تصل بك الهزيمة والعجز إلى أن (تصفق) للجلطات، وتكتبُ مقالاً تشكرها فيه، وتعلن تحالفك معها، وتجعل منها مباركة أيضاً، فأنت في التحليل الأخير تشير دون أن تعي إلى نفسية مهزومة عاجزة قاصرة ساذجة وصلت من الإحباط والفشل والإفلاس، إلى درجة أنها لم تجد حليفاً لها في (جهادها) سوى الأمراض؛ وهذا - لو اتسع أفق هذا الشيخ ndash; تصرف يُدينه قبل أن يُدين شارون ودولة شارون وإرهاب شارون . فقومٌ لا يجدون سوى المرض (حليفاً) لهم حَريٌ بهم أن يندحروا وأن ينهزموا، بل وأن ينقرضوا أيضاً؛ فليس لهذه النوعية من البشر مكاناً تحت شمس اليوم!

وهذا المقال يُثبتُ ndash; من زاوية أخرى - ما كنا نقوله ونؤكده ونردده، ومؤداه أن هؤلاء الصحويين الجدد مجموعة سُـذج، بُسطاء، تافهون؛ رؤاهم لا تتعدى أطراف أنوفهم، وأيديولوجيتهم وعنترياتهم ناتجة عن (الإفلاس) و(الإحباط) التي امتزجت بضيق الأفق، فأنتجت هذا الفكر البسيط، الذي لا يستحي حتى من أن يتحالفَ مع (الأمراض) في جهاده، ثمّ يُفاخر بذلك!

شارونndash; أيها الصحوي الشيخ ndash; عدو لكل مسلم، وشارون إرهابي بكل المعايير والمقاييس. و من قال غير ذلك، مهما كانت المبررات، فهو يُغالط الحقيقة .
ولكن غاب عن الشيخ الصحوي بارك الله لنا فيه، ولا بارك لنا في الجلطات، كما غاب ndash; أيضاً - عن مريديه والمصفقين له من البسطاء و السذج، أن شارون لا يُمثل نفسه، وليس مجرد حاكم بأمره، إذا سقط وانتهى، انتهت القضية، وأتى النصر المبين.. فهو يَحكم ndash; للأسف - دولة مؤسسات، ليس شارون فيها سوى سن صغير في ترس كبير، ضمن آلة أكبر. وعندما يغيب شارون سيأتي بعده شارونات . والفرق بين دولة (الفرد) ودولة (المؤسسات) ndash; أيها الصحوي الشيخ - كالفرق ndash; مثلاً - بين (الملا عمر) ودويلة طالبان وبين أي دولة غربية أخرى، وليكن رئيسها من يكون ملاكاً أو شيطاناً.

وحسب ظني نسي الشيخ العلي قبل أن يُعلن عن شكره وامتنانه وتقديره (للجلطات) وحلفه معها، أن حليفته (المباركة) ذاتها هي التي كادت أن تودي بحياة الشيخ سفر الحوالي عافاه الله؛ فكيف يتحالف ndash; غفر الله لنا و له - مع من كانت له ولأصحابه شراً مستطيرا؟ . أم أن التغير و التبدل حسب معطيات الظروف من ضرورات الانتهازية الصحوية؟
والغريب أن العرب لا يتعلمون من أخطائهم. أتذكر عندما سقط جورج بوش الأب امام الرئيس كلينتون، خرجت جماهير صدام في بغداد تهلل بالسقوط الكبير، وتحتفلُ بهذا النصر المؤزر . ظن البعثيون يومها أن سقوط بوش الأب إنتصارٌ لهم، فجاء كلينتون وقصفهم، ثم جاء من بعده بوش الابن وأسقط صدام والبعثيون معه إلى الأبد.. وما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه الصحويين بالبعثيين، فالعقلية هي العقلية، والسذاجة هي السذاجة، ولا فرق في النهاية بين (صدام) الحليق العراقي سابقاً و الملتحي حالياً والشيخ (حامد العلي) الكويتي المُلتحي حالياً وربما الحليق مستقبلاً ، فالاثنان وجهان لعملة واحدة هي التخلف .