اعلموا، هداكم الله، أن quot;فقه الواقعquot; الذي نلتزم به، ونستعين به في جل أمورنا؛ مداره الفهم السليم للأحداث، والمرونة في التغير، والقدرة على المناورة والتحرك المناسب في كل مايخدم مصالح الأمة ويحقق غاياتها. وأن الفرق بيننا وبين غيرنا من الساكنين، الملتزمين بالنصوص، المقلدين للسلف في كل شأن هو معرفتنا العميق، وثقافتنا العريضة، واستشعارنا للخطر قبل وقوعه، وسعينا من أجل استعادة أمجاد الأمة، وإحياء الخلافة المجيدة، ورفعة الإسلام والمسلمين.
في هذه الأيام تتبدل الأمور سريعاً، وتتجدد معطياتها حتى تكاد لاتستقر على حال، ولايظهر لها وجه واحد نستبينه ونعرفه. وفق هذا اقتضت الحكمة المقرونة بالرأي السديد، القائمة على الخشية الشديدة على الأمة، والحرص على تحصين شبابها من الانحراف والفساد، والعمل على ضمان استقامتهم إلى أن تنتهي حقبة quot;العزلة الشعوريةquot;، ويحين وقت الحركة والعمل الميداني الفاعل، أقول اقتضت الحكمة، تبعاً لحاجاتنا الدعوية، وتحقيقاً لمخططنا الدعوي، أن نراجع مواقفنا ونحدّث رؤيتنا حول كثير من شؤون هذا العصر وأدواته بما يتفق مع متطلباتنا الضرورية، ورسالتنا السامية، ودورنا المصيري.
أقرّ أنني وبعض صحبي من النخبة الخالصة، والقدوة الفريدة من أعلام الأمة ورموزها في الدعوة، وقياداتها في الحركة، كنا نحارب الفضائيات، ونهاجمها بلا هوادة، ونعتبر من يشاهدها فيه دياثة، وأنه من الداعين إلى الرذيلة والمساعدين عليها. وأن في هذه المحطات من الزنا البصري مايصل بفحشه وشدة إغوائه إلى درجات الزنا الفعلي، فضلاً عن إفساد أخلاق الشباب وألفتهم لمثل هذه المشاهد، واعتيادهم عليها. ووالله وتاالله وبالله أننا كنا صادقين في ما ذهبنا إليه لكن الأمور تغيرت، وجد في quot;فقه الواقعquot; مستجدات أخذناها بعين الاعتبار سعياً إلى الصالح العام، وحرصاً على انتشار الدعوة حتى داخل معاقل النصرانية وأن استلزم الأمر أن نتغاضى عن بعض من المجون الشائع في المحطات المخصوصة، ونتجاوز عن انحرافاتها الظاهرة والباطنة. وأعلموا أن هذا الأمر لن يدوم فماهي إلا بضع سنوات أو عقود وإذا نحن عليها مسيطرون، ولأخلاقها مبدلون، ولبرامجها مغيرون فنجعلها ذكراً ودروساً وأناشيدا.
لقد قررنا أن quot;إم.بي.سيquot; و quot;إل.بي.سيquot; وquot;دبيquot; من المحطات المعفيات، موقتا، من تهمة المجون والدعوة إلى الرذيلة مادام لأصحابنا فيها صوت، ولهم مكانة. ويجوز، تالياً، لكل مريدينا أن يشاهدوها في الأوقات المخصوصة بالمشايخ، وأن يتجنبوا مواطن الفساد على كثرتها، وأن يترصدوا أوقات المشايخ فقط، ويغضوا النظر إن ظهرت فتاة عارية، ويسدوا آذانهم إذا سمعوا غناءاً مموسقاً غير إسلاموي الكلمة واللحن. أما إن تعرضوا لشيء من ذلك، عرضاً، فعليهم بالدعاء لأنفسهم بالنجاة، والدعاء على الماجنين في المحطة دون المحطة كلها لأن في بعضها الخير مادام صحبنا من الظاهرين على شاشاتها. وأضيف أن بعضنا أجاز النظر للصليبيات فلا حرمة لهن، ومعهن الكاسيات العاريات ممن اللاتي يزعمن أنهن مسلمات، أما أنا فلقد توقفت عند هذه النقطة، والاختلاف في الرأي فسحة فتدبروا أمركم، واختاروا طريقكم.
كما قررنا أنه يجوز للمريدين اقتناء الأطباق اللاقطة لهذه المحطات التي أبدت جانباً من الخير، وأن يتجنبوا القنوات التي لم نسمها تجنباً نهائياً حمانا الله وأياهم من الزيغ والضلال، ونصرنا على أرتال الفاسدين المفسدين اللهم آمين.
إن هذه الخطوة بشارة خير، وعلامة نصر، ودلالة توفيق فلقد حاصرنا الفسقة في دورهم فإن لم يتوبوا استدرجنا جمهورهم المغرر به لنقوده إلى دروب التربية الصالحة الطاهرة فنكسر شوكتهم، ونطفيء نارهم بإذن الله.
ومنعاً لضلالات المنحرفين، ونواياهم الخبيثة في تشويه الدعوة فإني أقول أن للعلماء اجتهادهم فلا تجادلوا فيه بل اتبعوه بإخلاص، واجعلوا قاعدتكم أن ظهور أحد صحبنا في محطة إنما هو لصالح الدعوة بل مراء، فاجعلوها ضمن باقة المحطات المخصوصة. بارك الله فيكم، وأعاننا على القيام بالدعوة، وتحمل الأذى في سبيلها.
[email protected]
التعليقات