أنا سعيد هذه الايام بشكل لا يمكن إخفاؤه، وأصبح هذا يشكل قلقا كبيرا لأصدقائي والمحيطين بي ومن يشاهدوني في quot; السنة مرة quot;
وسعادتي لا تتعلق بالحكم على صدام بالاعدام شنقاً!! لأني- مثل كل المحللين الاستراتيجيين العرب الذين يعلمون بالغيب وما ورائه! عبر تحليلاتهم التي تقوم على أحلامهم، وخصوصا العسكريين منهم الذين دائما يتوقعون النصر لأي جهة يناصرونها- قد توقعت له الإعدام منذ استلامه الحكم وليس فقط منذ القبض عليه في جورته الشهيرة. وكذلك أتوقع لكل الطغاة إما الإعدام أو الموت! فلتهنأ شعوبنا المقهورة إن القدر آتٍ لا ريب فيه ..
وكذلك لا يمكن أن تتعلق سعادتي بالوضع الداخلي السوري لأسباب عديدة منها أني مللت من متابعته، وكذلك لأن الحال على ما هو عليه منذ ... ما يقرب النصف قرن، ولا يوجد قضاء في بلادنا كي يلجأ المتضرر إليه حسب العبارة الشهيرة في الدراما المصرية. والحال السوري لمن لا يعلمه هو:
نظام قوي (مش سائل عن حدا) يزج كل من قال آخ يا راسي في السجون، هو ومن سمعه. ومن كان بقربه ولم يسمعه!!!
معارضون مبددون في مشارق الارض ومغاربها يصفون الخلاقات داخل تنظيماتهم و تجمعاتهم، ويصدرون بيانات تحيي النصر الإلهي لحزب الله، بانتظار ما ستفسر عنه الضغوط الدولية على إيران ومن ثم وثوقهم من انعكاسها على quot; بنية quot; النظام، لأن النظام لم يعد يتعرض لضغوط في الآونة المنصرمة.
سجناء رأي يقضون أحكام quot; عادلة جداً quot; من محاكم quot;عادية جداً quot; ومنظمات حقوق إنسان يتخانق زعماؤها على من هو الرئيس الشرعي للمنظمة وتتحدد شرعية الرئيس بامتلاكه الايميل الاساسي للمنظمة أو الجمعية وليس شيئاً آخر.
ولا يمكن أن تكون سعادتي ناتجة عن الوضع اللبناني quot; الشقيق السابق quot; فـ الرئيس السوري إيميل لحود متمسكاً بالكرسي وعاضاً عليه بنواجذه، وحزب الله الإيراني السوري اللبناني يهدد بقلب الأرض تحت أقدام ( أو فوق رأس) كل من يقترب من سوريا أو رئيسها اللبناني إيميل لحود، وطاولة الرئيس بري لا يمكن أن تسفر عن شيئ (أقول هذا كمحلل غير إستراتيجي) لأن عمرها نصف قرن أو تزيد!!
ولا يمكن أن يكون منشأ هذه السعادة الوضع العراقي طبعاً، لأن الوضع هناك شائك للدرجة التي لم يعد يعرف أي quot;استراتيجيquot; (غير عروبي حصراً: فهؤلاء بصيرتهم واضحة تكشف الماضي والحاضر والمستقبل)، رأس الوضع من رجليه حتى لو استخدم كل أدواته التحليلية من رمي الودع الى علم الحروف الى ضرب المندل quot;وقص الرملquot;.
أنا سعيد (وجداً) بعودة صديقي الجنرال دانييل أورتيغا إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع رغم أنف التلفزيون السوري الذي اسقطه (حسب تحليلي غير الإستراتيجي) قبل ستة عشر عاماً خلت.. وكنت قد كتبت هذا في العام الفارط عبر مقال بعنوان: نيكارغوا ومنها الخبر الأخير (إيلاف 03/10/2005) إلا أن التلفزيون السوري مثله مثل النظام السياسي (العربي ) يقتل القتيل ويمشي بجنازته، ومثله مثل quot;الإستراتيجين العربquot; فاقد الذاكرة ونسي دوره في إسقاط الجبهة الساندينية وعلى راسها أورتيغا، فتراه مبتهجاً هذه الأيام بعودة أورتيغا مذكراً مشاهديه أن أمريكا هي التي أسقطته!!
وابتهاج التلفزيون السوري له ما يبرره إذ يتوقع هذا ( التلفزيون) أن التاريخ يعود تدريجياً الى الوراء، وهكذا ستصبح أمريكا اللاتينية جبهة الصمود والتصدي quot;مجدداquot; ضد الإمبريالية العالمية وحلفائها (الصهاينة) في المنطقة. فكاسترو تعافى من وكسته الصحية وعاد ليجلس الى كرسيه الذي جلس عليه أخوه في فترة غيابه، وشافيز يهدر بصوته الحماسي البعثي مطالباً بإعدام بوش بدلاً عن صدام، ولولا الشيوعي رئيساً للبرازيل، وهاهو الجنرال أورتيغا يعود الى الكرسي- الذي تم تنجيده بكل تأكيد ولم يبق على حاله- عبر صناديق الاقتراع، وهكذا يكتمل الطوق ضد أمريكا الإمبريالية الشريرة وسيحاصر ليس رئيسها بوش فحسب بل نظامها السياسي الاستعماري الذي يهدف الى تركيع الشعوب المناضلة وقياداتها التاريخية، وبدعم (ولا أدري لمن سيقدم الدعم) من جبهة الصمود والتصدي الـ لاتينية هذه سيسقط النظام الأمريكي ويتسنم الحكم فيها أحد المناضلين البعثيين أو اقاربهم في امريكا وهكذا ستعيش الانظمة العربية المناضلة (وأصدقاؤها في العالم) في سبات ونبات وتخلف صبيان وبنات يستلمون الحكم من أبائهم واجدادهم الى يوم يبعثون...
إذاً من حق التلفزيون (السوري) أن يبتهج في هذه الحال... لكن كيف لي أن أكون سعيداً في ظل هذه المؤشرات التي يدل عليها ابتهاج التلفزيون السوري وبكل تأكيد وزير الاعلام (وهو سوري أيضاً)؟!
الحقيقة كنت أضحك وانا أشاهد مذيعو (نعم مذيعو لأن الخبر استمر اياماً وتبدل أكثر من مذيع في نشرة الأخبار) التلفزيون المناضل وهم يتلون بحماس شديد خبر فوز (صديقي ) أورتيغا بشكل ديمقراطي وعبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة مراقبة من جهات أمريكية!! ودولية.
كنت أبتسم لحماسة المذيعين للانتخابات الديمقراطية لأن هذا يوقعهم هم وحزبهم العظيم في تناقض (فكري) فعقيدة حزبنا العظيم تقول بالديموقراطية الشعبية التي لم يفهما احد الى يومنا هذا لان الشعب لم ينتخب أحد يوماً فلم الحماس لانتخابات ديموقراطية؟ ألا يشوه هذا فكر المناضلين الذي لُقنوه منذ أمد طويل أن الديموقراطية لا تعطى لأعداء الثورة ولا حتى لأصدقائها فقط لابنائها من المناضلين العتاة حصراً.
وهذا كان يذكرني بخبر رئيس كان التلفزيون السوري بكل صفاقة وبراءة يتلوه على مسامعنا وهو محاكمة نتنياهو بسبب ابقائه لوحات تشكيلية أهديت له ابان ترؤسه الحكومة في منزله!.. تخيلوا هذا الفاسد الصغير، على وزن برجوازي صغير التي هي من أقسى الشتائم في عقيدة حزب البعث العظيم الذي جعل من كل قياداته برجوزايين كبار لأنهم قادة مناضلين ولا يليق بهم أقل من ذلك
أضحك ملأ شدقي، لقد أجبر صديقي أورتيغا التلفزيون السوري (الذي أسقطه ) أن يتحمس للديموقراطية مرة أخرى ولصناديق الاقتراع مرة أخرى والمرة الأولى هي انتخاب شافيز العظيم.. وأتوقع أن يرسل التلفزيون السوري،كما حاله في كل المنعطفات التاريخية، برقية وفاء معمدة بالدم الى (الجنرال) أورتيغا يعاهده فيها على المضي قدماً جنباً الى جنب (لأنه ليس بعثي فلن يقول له خلف قيادتكم ) في النضال ضد الامبريالية الأمريكية التي تهدف إلى تركيع القيادات التاريخية المناضلة مثلما فعلت مع القائد الضرورة صدام حسين عجل الله بحكمه
[email protected]