مع إحترامي الكبير.... وحبي العميق لمصر وللمصريين.. وليس تقليلا بأي شكل من أهمية الدور المصري في عملية السلام.. إلا أنني أرى وأؤيد أهمية وضرورة إشراك المملكه السعوديه بعملية السلام كشريك عربي يحمل وزنا دينيا هام لإستقطاب دعم الدول الإسلاميه.. وماليا هاما لم يقصّر وبسخاء وكرم للمساعده في كثير من المشاريع التنمويه فى العديد من الدول وخاصة في الأرض المحتله.
إضافة إلى أهمية المبادرة التي أطلقتها في مؤتمر بيروت عام 2001.. وهي ما عرفت بمبادرة السلام العربيه.. والتي وافق عليها وأيدها في ذلك الوقت 22 دوله عربيه.. ومهما قد نختلف في الدوافع من هذه المبادره فإن العوامل المشتركه فيها أكبر بكثير من عوامل الإختلاف..فهي تحمل في طياتها عدة أمور هامه..
الأول: الإلتزام الأخلاقي للدول العربيه للقضية الفلسطينيه..
الثاني: محاولة التخلص النهائي من عبء هذه المسؤوليه الفلسطينيه لخطرها على المنطقه العربيه..
الثالث: الخروج من صفة الإرهاب التي أصبحت ملازمه للعرب والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر النكراء..
الرابع: السعي الإيجابي أن تكون المنطقه العربيه عاملا فعّالا في إنهاء الصراعات والسعي الصادق للسلام العالمي من منطلق المسؤوليه المشتركه للأمن العالمي..
كلها أسباب ايجابيه لخدمة المنطقه العربيه للخروج من النفق المظلم.. و من تخلفها العلمي.. وتزايد نسبة البطاله.. وغيرها من المشكلات الكبيره التي تواجهها.. والتي أنفقت فيها الكثير من مواردها في هذا الصراع بدلا من إستثمارها لتقدم المنطقه... ولا أحد يجب أن يلوم أو ينكر حق هذه الدول في حماية نفسها من الخطر المتزايد الذي يمثّله عدم حل هذا الصراع.. وإستمراره كوقود لتغذية أيدلوجيه متصلبه لا ترى في قاموسها أهمية التطور الحضاري من منطلق التسامح وتمثل خطرا على نفسها إضافة إلى خطرها على الإستقرار السياسي والإقتصادي في العالم أجمع.. بل إن حق الدول المؤيده للمبادره في حماية نفسها من هذه الأخطار يؤهلها لمثل هذه المشاركه لايجاد حل للصراع.
وبالتالي فأن الخبر الذي صدر بالأمس عن أن مسؤولون سعوديون سيلتقوا رئيس الوزراء الإسرائيلي للتفاوض المباشر مع إسرائيل حول مستقبل المنطقه.. قد يكون هو الحافز الأول وإن جاء متأخرا.. لرئيس الوزراء الإسرائيلي لدراسة المبادرة السعوديه.. وقد يكون أيضا الحافز وراء مبادرة وزير البيئه جدعون عزرا الذي بادر بالتصريح خلال لقاء إذاعي عن إحتمال الإفراج عن مروان البرغوتي.. مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي.. وضمان التهدئه..
هذا التصريح يحمل أهمية خاصه حتى وإن كان مجرد إختبار للشارع الإسرائيلي.. يتمثل في كونه يصدر عن وزيرا كان من أكثر الوزراء المعارضين تشددا في السابق لرفض حتى مجرد إحتمال الإفراج عن أسرى قد تلطخت أياديهم بدماء إسرائيليه.. إلى جانب أهميته الأخرى كونه يصدر عن نائب سابق في جهاز المخابرات العامه وأحد أقطاب حزب كديما الحاكم وأول تصريح يحمل عملية تراجع بالكامل عن العقليه الإسرائيليه المعروفه بالتعنت تجاه قضايا المؤبدات والتي يحمل البرغوتي منها حكم 5 مؤبدات..
إضافة هذا التغير إلى ما صدر سابقا من بعض الأكاديميين الإسرائيليين عن ضرورة وأهمية الحوار مع حماس وأهمية إشراكها كطرف في أي مفاوضات لاحقه.. وهو ما أكده خبر في أحد الصحف العربيه في أن لقاء قد تم في لندن بين حماس وإسرائيلييون ونفته حماس لاحقا.. ولكن إحتمالات عقده أو حتلا حصوله الآن يؤكد أمرين في غاية الأهميه..
الأول: محاولة فتح قنوات في العقليه الإسرائيليه الشعبيه لتقبل فكرة إطلاق سراح بعض المعتقلين الفلسطينيين إذا ما كان إطلاق سراحهم يخدم أي مصلحه إسرائيليه.
ثانيا: وهو ما ستكشفه الأيام القادمه. ما قد يكون ثمرة التدخل السعودي الايجابي للخروج من مأزق عدم مرونة حماس..وهو ما قد تعمل السعوديه على تغييره نظرا لقيمتها المعنويه.. وللدعم المادي الذي يقال بأنه السبب في فوز حماس بالإنتخابات الفلسطينيه.. كما وأن السلطه الوطنيه بكاملها قد تنهار بدون الدعم المالي السعودي
الثالث: إن إطلاق سراح البرغوتي وبما عرف عنه أنه أقدر شخصية فلسطينيه على التقريب في وجهات النظر.. إضافة إلى الإحترام الكبير الذي يحظى به من كلا القيادتين. فتح وحماس.. قد يكون عامل تعزيز الوحده الوطنيه الوحيد في هذه الظروف الحساسه.. وقد يكون الخطوة التكتيكيه الأولى لتوليه الرئاسه الفلسطينيه كما حدث مع مانديلا.. مما يمهد لإعطاء قاعده شعبيه ومصداقيه لإنهاء الصراع..
كلا الخطوتين السعوديه والإسرائيليه مهما كانت الدوافع ورائهما.. خطوتين إيجابيتين في الإتجاه الصحيح.. ولا يجب رفضهما مسبقا..
أولا.. للمصداقيه التي تحملها السعوديه في حرصها على خدمة مصلحة الإنسان الفلسطيني.
ثانيا... أنها خطوات تخدم المصلحه الفلسطينيه الحاليه والمستقبليه أكثر بكثير من الزيارات إلى دمشق وطهران... وستخدم مصلحة سوريا أيضا...

أحلام أكرم - باحثه وناشطه في حقوق الإنسان - لندن