بعد العودة الى الكتابة من اجازة اجبارية و كاملة، وجدت ان الاحداث قد تراكمت وتلاطمت، منها القليل الذي يجلب السرور والفرح والكثير الذي يجلب الحزن و الغم والنكد كما هي عادة الاحداث في هذا الزمان النكِد. وقد كانت اجازة كاملة بمعنى انني توقفت عن العمل كما توقفت كلياً عن الكتابة وجزئياً عن القراءة وشبه كلياً عن مشاهدة المدعو التليفزيون وفضائياته. وكانت الاجازة اجبارية لانها اتت في وقت لم اختاره وفي ظروف خارجة عن الارادة والتخطيط، وعلى الرغم من ذلك حمدت الله عليها لانها اتاحت لي الفرصة لكي ابتعد جزئيا عن نكد الاحداث التي تدور في عالمنا الاسلاربي (الاسلامي ـ العربي ) والتي تسرُّ كل عدو ولا تسرُّ أي حبيب. ولان ماوقع من احداث في هذه الفترة التي امتدت الى قرابة الشهر والنصف، كثيرة ولا يمكن حصرها بمقال، ولان الحزن والنكد هو ديدنها والفرح والسرور هو المفقود ، فسوف ابدأ التعليق على تلك الاحداث بما اعتقد انه قد جمع الحزن والسرور في آن، على الاقل بالنسبة لي. اتحدث عن الفقد المحزن لاحد دعائم الامة العربية، بل احد اركان الحكمة في عالمنا المعاصر، ذلكم هو المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الصباح الذي افتقدته وبكته الكويت ومعها العالم العربي والاسلامي اجمع، فقد كان من رؤوس الحكمة في عالمنا المعاصر ورمزاً للاداء المتفاني الناجز المثمر بلاضجيج، الا عليه الرحمة وله المغفرة، والعزاء للشعب الكويتي وكل الامة، وانا لله وانا اليه راجعون. اما المفرح الذي ادخل السرور الى النفس فهو ذلك الاداء الراقي الحضاري الذي تم في الكويت، بعد فقدها الكبير، من نقل للسلطة من امير يحترمه الجميع ويقرون له بدوره، وتحول ظروفه الصحية دون تحمله اعباء الحكم، الى من هو قادر على اداء الرسالة وانجاز المهمة. وان يتم مثل هذا في عالمنا العربي بدون دبابات وبيانات أُولى وجحافل متظاهرين وهاتفين، وان يتم بمثل هذه الطريقة الحضارية الراقيه فهو امر جد غريب وجديد على عالم بني يعرب، وان كانت دول الخليج قد عودتنا على مثل هذه التجارب الراقبة في نقل السلطة من السلف الى الخلف، فقد رأينا كيف حدث ذلك الانتقال الراقي السلس بعد فقدان الرمزين الكبيرين الملك فهد والشيخ زايد. الرحمة والمغفرة لمن فقدنا والعزاء لكل الامة العربية ووفق الله خلفهم لمواصلة المسيرة.
ايضاً من المؤسفات التي حدثت في هذه الفترة غرق العبارة المصرية وفقدان اكثر من الف من الارواح البرية. الرحمة والمغفرة لمن فُقدوا والعزاء لذويهم، وعل ذلك يكون جرس انذار للبحث الجاد عن الاسباب التي تؤدي الى مثل هذه الكوارث والمآسي. ولنا عودة لبقية الاحداث التي وقعت في فترة الغياب.

كاتب سوداني