السيد الحكيم ينتقل اليوم لتهديد أمريكا بالويل والثبور، واحتمال رفعهم السلاح ضد القوات الأمريكية. ما شاء الله من هذا الاعتراف بالجميل! فلولا تضحيات الجنود الأمريكان لما برز فلان وفلان من أصحاب العمائم ليتحركوا ببيارقهم وشاراتهم في أرض العراق ويتسلطوا على البلد، ولظلوا في المهاجر، ما بين أحضان ولاية الفقيه، وبين لندن التي حمتهم وساعدتهم وعائلاتهم وهم يشتمونها الآن.

هيجان مولانا الحكيم يكون مفهوما لو أنه والتنظيمات المتحالفة معه قد قدموا نموذجا رشيدا في الحكم، بدلا من أن تعيث المليشيات المسلحة فسادا وتنشر الرعب والقتل والخطف، في تسابق جنوني مع فلول البعث والإرهابيين التكفيريين. وبدلا من تهديد الأمريكان، الذين يناشدون العراقيين إنهاء الأزمة وتشكيل حكومة للوحدة الوطنية، فإن على أطراف الائتلاف التخلي عن شهوة السيطرة والاستفراد بحجة أن الشيعة أكثرية وكأنهم يمثلون كل شيعة العراق.
إن الوطنية العراقية الصادقة تملي مرونة الجميع، والابتعاد عن الانطلاق من عقدة جرائم صدام وكأنهم وحدهم تعرضوا لها، وكأن حزب الحكيم قدم وحده تضحيات زمن صدام وكل الآخرين سلموا من قبضته. والوطنية الحقيقية تملي تحرير جنوب العراق من الغزو الإيراني في كل الميادين، والكف عن محاربة الأقليات الدينية وحقوق المرأة والغناء والموسيقى والتدخل المستمر في جامعة البصرة.

نعم هناك أزمة من يكون رئيسا للوزراء، وقد خلقت أزمة في بطن الأزمة الأعظم التي تكاد تقود العراق للهاوية. إن أزمة تشكيل الحكومة يجب أن تحل بلا غالب ومغلوب، ومهما كان الرأي في ترشيح الدكتور الجعفري فإن كل قضايا الحكومة القادمة جديرة بالتفاهم لصالح البلد والشعب. فإذا كان مولانا الحكيم يريد كل الوزارات الأكثر مساسا بالأمن والمالية والثروة النفطية، وإذا كان يعتبر ذلك شروطا لا تراجع عنها، فلماذا يعطي لنفسه حق منع القوى الأخرى من تقديم بعض الاقتراحات ومهما كانت؟؟ وأية حكمة يا سيدي في تهديد كردستان بقطع النفط عنها، وكأن النفط ملك الائتلاف لا ملك الشعب كله؟ هل تريدون فرض مطالبكم التعجيزية بقوة السلاح لتزيدوا في تدمير العراق، الذي لا يكاد يبقى منه شئ بسبب جرائم البعثيين وحلفائهم من عصابات الزرقاوي؟ ولماذا كلما أردتم فرض موقف ما على العراقيين لجأتم بعتبة السيد السيستاني حفظه الله؟
لقد فشلتم يا سيدي فشلا ذريعا في الحكم سوى في نشر النفوذ الإيراني، وتأجيج الطائفية، والتناغم اليوم مع الصداميين، كما يتناغم زميلكم مقتدى، باسم طرد الاحتلال. فيا لعبقرية هذه الحكمة ومعذرة عن هذه الصراحة يا سيدنا!