تقول الأخبار: (أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف إسماعيل هنية أنه قدم لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حكومة من 24 وزيرا بينهم إمراة ووزير مسيحي).
وتقول الأخبار أيضاً أن (مشايخ) الصحويين السعوديين ممن ينتمون إلى (حزب السروريين) الذي هو نسخة سعودية لحزب الأخوان المسلمين، قد دبجوا (بياناً) على طريقة الصحويين السعوديين، أثنوا فيه على حماس، وقالوا فيها ما لم يقله قيس بن الملوح في عشيقته ليلى. وكان الشيخ ناصر العمر (سروري متطرف) قد أقام حفل استقبال لوفد حماس الذي قدم إلى المملكة، يتسول الدعم، أو بلغة الأصوليين (المناصرة)، بعد أن بدأ الوفد نفسه زيارات التسول بإيران (أولاً)، وزيارة قبر الخميني، لتأتي السعودية، مهبط الوحي، ومرقد الرسول (ثانياً). الأمر الذي يشير بكل قوة إلى ترتيب الأولويات في أجندة بني حماس السياسية!
المثير للمفارقة، وربما للضحك، وربما للحزن، وربما للشفقة، أن حماس قد أقرت ظاهرتين في حكومتها المقترحة. (الظاهرة) الأولى أنها ضمت مسيحياً واحداً في حكومتها المقترحة، بينما يقول ويكرر ويزايد (الصحويون) السعوديون، الذن طبلوا لحماس، أن الاستعانة بالكفار - والمسيحي لديهم كافر طبعاً - هو (مناف) لعقيدة الولاء و البراء. وقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على حكومة المملكة عندما استعانت (بالكفار) في حرب الخليج، وعدوا ذلك من نواقض التوحيد!!. في حين هاهي العشيقة حماس تضرب بعقيدة (الولاء والبراء) عرض الحائط، و(تولي) وزيراً كافراً ndash; حسب معاييرهم ndash; في بلد مسلم، فكيف سيخرجون ndash; بالله عليكم ndash; من هذا المأزق؟. نحن على أحر من الجمر لكي نسمع من أساطين (البيان) الصحوي الأخير، الذي دعم حماس، كيف سيكون موقفهم من توزير كافر في حكومة إسلامية!.
الأمر الآخر، يصر الصحويون السعوديون بكل ما أوتو من قوة على رفض (عمل المرأة)، والإصرار على أن توليتها ولاية عامة، كأي منصب وزاري مثلاً، مُـحرم في الإسلام، بل يذهبون إلى أن السماح لها بقيادة السيارة هو من (تلبيس إبليس) أعاذنا الله و إياكم منه ومن وساوسه. وأن أولئك (الليبراليين) السعوديين منافقون، لأنهم يزينون للمرأة أن تترك الثوابت، وتلتحق بقوافل العلمانيين قبحهم الله، وتعمل، وتختلط بالرجال!.
وها هي حماس تضعهم في (ورطة)، وتكشفهم للناس تهلهل خطابهم، وتؤكد أن الأمر لا علاقة له بالدين، وأن دعمهم لحماس ما هو إلا موقف سياسي محض. فالمرأة السعودية (المرفوض) لها أن تعمل، ولا حتى أن تقود السيارة، في السعودية، هاهي تتسنم أعلى المناصب في حكومة حماس (الإسلامية) الفلسطينية. فما رأي موقعي بيان الدعم الغير محدود لهذه الحركة الإسلاموية؟... فهل يمكن ndash; مثلاً - القول أن الدين في عـُـرف مشايخ الصحويين الذين وقعوا البيان له علاقة (بالجغرافيا)، وأن الثوابت تتغير و تتبدل حسب أهواء و آراء أساطين المد الصحوي، وتوجهات رياح مصالحهم؟
أتحدى ناصر العمر، أو الصحوي الآخر سعود الفنيسان، وهما من كبار الصحويين السعوديين، الذين يمتطون الدين، ويتذرعون به لخدمة مشاريعهم السلطوية، أن يجيبوا على هذا السؤال: هل ممارسة حماس (شرعية) في معاييركم أم لا؟. أعرف أنكم ndash; أيها السادة - في ورطة؛ فإن قلتم: (نعم)، فأنتم تقرون أن الإسلام يتبدل ويتغير حسب الجغراقبا وعلم الدولة. وإن قلتم: (لا)، فأنتم تثبتون لمريديكم وطلابكم أولاً، ولكل السعوديين ثانياً، أن (ما في الحياله إلا الخشاش)!... فكيف وأنتم (الدكاترة)، تدعمون وتؤيدون حركة حماس وهي تمس أهم عقائدكم، ومرتكز خطابكم: (عقيدة الولاء و البراء)!.
كل هذا يُـثبت سذاجة وبساطة وغباء و غفلة تـُـباع مثل هؤلاء (المتناقضين) من المشايخ، ويثبت في الوقت نفسه (إن ما في الحمض احد). سواء أولئك البسطاء من (الدكاترة) ممن وقعوا بيان دعم حماس، أو من يُصفق لهم، ويمشي وراءهم من (خشاش) الصحوة وغلمانها. وأخيراً، وأمام هذا التناقض، أقول: سلم لي على الباذنجان، و مرتبة (الدكتوراه) في الشريعة!