نبدأ أولا بالقول رحمة الله على كل من سقط في تفجيرات دهب المصرية.
رحمة الله على المصريين، وغير المصريين، من لا ذنب لهم سوى انهم كانوا يحبون الحياة.
رحمة الله على مسلمين ومسيحيين، سقطوا باسم الله والدين.
لا يوجد ما يمكن اضافته اكثر من ذلك سوى الدعاء بأن يتم القبض على الفاعلين في اسرع وقت ممكن، وان يقدموا الى العدالة في اسرع وقت ممكن.
بعد الدعاء اريد ان اسأل:
الأمن المصري يقوم بواجبه ولا شك في حماية الابرياء.
بل هو أمام تحد وعبء كبيرين..
لكن هل أثمرت سياسة القبض على ألاف الاشخاص والزج بهم في السجون، بعد حادثتي طابة وشرم الشيخ.. اقول هل اثمرت هذه السياسة عن شيء مفيد؟
هل كان على الأمن المصري ان يدفع الى السجون حينها بالآف الاشخاص قبل ان يتحقق من المذنب ومن البريء؟
اعرف أن حادثة طابا كانت مؤلمة. اعرف ان حادثة شرم الشيخ كانت مؤلمة هي الاخرى. لكن زج الآف الاشخاص الى السجون أمر مؤلم ايضا.
اقدر أهمية استجواب كل من قد تكون له علاقة بترويع الآمنين.
لكن ذلك لا يبرر ان يزج في السجون بألآف لا ذنب لهم اكثر من أنهم تواجدوا، لحظهم العاثر، في المكان الخطأ، وفي الوقت الخطأ.
لن تؤدي سياسة السجن العشوائي لأي نتيجة. والدليل على ذلك ان التفجيرات الأخيرة في دهب لا تبتعد من حيث الزمان ولا المكان عن تفجيرات شرم الشيخ.
مهمة رجال الأمن توفير الأمن للناس، لا ارهابهم.
ومهمة العدالة توفير العدالة الجميع، لا الخلط بين المذنب والمسيء.
في المغرب حدث الشيء ذاته بعد تفجيرات الدار البيضاء.
الآف سيقوا الى السجون لفترات مجهولة، بلا تهم محددة.
في سوريا تكرر الوضع ذاته مع احداث القامشلي.
أقول ذلك وانا اقارن هنا بين ما حدث في دولنا العربية، وما حدث في لندن من شهر مايو (آيار) العام الماضي،عندما فجر انتحاريون انفسهم في محطات قطارات انفاق، وحافلة، فأردوا اكثر من خمسين قتيلا.
كانت تلك اخطر عملية في تاريخ بريطانيا.
كانت الاكثر دموية من كل تفجيرات الجيش الجمهوري الايرلندي، الذي عانت منه لندن لعقود طويلة.
رغم ذلك ما سمعنا ان الأمن الانجليزي ساق الى السجون آلاف المتهمين.
بل ولا حتى العشرات..
لم يقبض سوى على بضع افراد وجهت لهم تهما محددة قبل ان يساقوا الى مراكز اعتقال مؤقتة.
سيقوا الى تلك المراكز وحقوقهم الانسانية والقانونية تتلى عليهم.
انها مرة اخرى قضية الانسان..
انها للمرة الألف قضية الانسان المهدرة كرامته في العالم العربي.
وانها للمرة الألف قضية الانسان المصانة حقوقه في الغرب.
ذاك الغرب الذي نتهمه بالكفر. الذي نتهمة بالعلمانية. الذي نتهمه بالإلحاد. ونحن كل يوم نمارس الحادنا وعلمانيتنا وكفرنا تحت غطاء الحرب على الارهاب، وحماية الوطن!
اعرف ان هناك من سيقول إن اميركا ترتكب الشيء ذاته، وهاهي جوانتنامو حاضرة امامنا.
لن ادافع عن الخطأ الاميركي. لكني أقول ان اسرى جوانتنامو ليسوا حصيلة تفجير واحد، بل حصيلة حرب. اضف الى ذلك ان الخطأ الاميركي الذي ترتكبه اميركا بحق سجناء جوانتنامو لا ينبغي ان يتكرر في سجوننا..
لكني اعرف انه يتكرر.. وسيتكرر
المسؤولون في عالمنا العربي يعرفون ذلك
ولعل صمتهم، حتى اللحظة، عن حقوق رعاياهم الانسانية في جوانتنامو، دليل على ذلك.
الأمم المتحدة تحدثت، ومنظمات حقوقية في العالم كله تحدثت ودافعت عن اسرى جوانتنامو، ورجالنا صامتون!
لماذا..؟
لأن ما يحدث في جوانتنامو يتكرر هنا كل يوم..
لكننا نسمع ونرى ما يحدث هناك..
ولا نسمع أو نرى ما يحدث هنا..
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات