الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات، وأثناء تزايد الضغوط الأميركية والدولية عليه في منتجع كامب ديفيد، لدفعه للرضوخ والموافقة على quot;خطة كلينتونquot; مقابل مابدى إنه ليونة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، بررّ رفضه بإنه في حال موافقته وفي موضوعي القدس واللاجئين تحديداً، فسوف يقتله الشعب الفلسطيني، وعلى الجميع حينها أن quot;يستعدوا لإستقبال الشيخ أحمد ياسين مفاوضاً جديداًquot;، فردّ عليه باراك quot;ومن جانبنا سوف تضطر للجلوس في المرة القادمة مع الجنرال شارونquot;!.
وحدث ماكان يتخوف منه الجانبان، ويهددان بعضهما البعض ببعبعهما، حيث تصدّر شارون المشهد الإسرائيلي، فضيّق الخناق على الفلسطينيين، وإنتهك ماتبقى من السلطات الممنوحة لهم، فحاصرّ عرفات في رام الله، إلى أن مات بالشكل المعروف للجميع، وإستخدم الحديد quot;لفل حديدquot; حركة quot;حماسquot; والتنظيمات الإصولية الأخرى، فقتل كل من الشيخ ياسين وعبدالعزيزالرنتيسي وأبو شنب وأبو علي مصطفى، والبقية معروفة...
في الحين الذي قفزت فيه quot;حماسquot; على كرسي السلطة في إنتخابات نزيهة، وبرعاية دولية، ليبدأ فصل جديد من الفشل وإعادة القضية إلى المربع الأول، ببروز الخطب العنترية التي لا تغنى ولاتسمن عن جوع، وتحدى نجوم quot;حماسquot; العالم وأميركا حين البحث عن جهات خارجة على القانون الدولي، لشغل مكان الدول الغربية المانحة، ودفع الملايين التي يعتاش عليها موظفوا السلطة الفلسطينية، حيث أن الغرب كان يدفع مامجموعه 70% من ميزانية السلطة كثمن للجم الإرهاب والدخول في مفاوضات السلام. وهاهي quot;حماسquot; ترتمي في حضن نظام الرئيس الإيراني، المنتخب بدوره من جموع الدهماء، أحمدي نجاد، والذي تتكالب عليه القوى الدولية مشكلة نواة تحالف قد تدمر بلده قريباً، وذلك بعد إصراره على تطوير الذرة وتحدي العالم، حيث التلويح والتخويف بنشر العنف في المنطقة، وquot;تحضير 40 ألف إنتحاري، سيتوجهون ل29 هدفاً غربياً لتدميره، في حال تعرض المنشآت النووية الإيرانية للقصفquot; كما قال أحد قادة الحرس الجمهوري الإيراني.
ولأحمدي نجاد هذا قصة غريبة، فهو رجل رجعي يتحدى العالم جهاراً نهاراً، ولايتقيد بأبسط قواعد السياسة والدبلوماسية، فهو مازال يطلق تصريحاته في quot;تدمير إسرائيل ومحوها من على الخريطةquot;، وهي التي تمتلك وبحسب المراقبين مائتي رأس نووية جٌهزت لمواجهة مثل هذه الظروف. فيما تتصاعد الإضطرابات الداخلية في إيران نفسها، حيث تزايدت المواجهات بين الحركات القومية الكردية،العربية والبلوشية المسلحة في الآونة الأخيرة بنسبة 80% ضد قوات الأمن والشرطة الحكومية، ولايمر يوم ولايكون فيه هجوم مسلح يستهدف جنوداً إيرانيين...
وفي العراق، حيث الحرب الأهلية الحقيقية، آلاف القتلى من السنة والشيعة في حوادث قتل متبادلة، والحكومة معطلة منذ شهور طويلة،لإختلاف القوم على توزيع المناصب والسلطات. وصوت الحركات الإصولية يلعلع في جنبات البلاد، وقعقعة سلاحها تصم الآذان، بينما هددّ كل من الجنوب والوسط بعضهما البعض، فقال الأول، إنه سوف يسعى لتأسيس فيدرالية شيعية من 9 محافظات و إلاّ فلديه النفط ليقطعه عن كل معترض، بينما ردّ الوسط بأنه يمتلك ماء الرافدين، ويستطيع أن يمنعه(أو يٌغرق به) الجنوب لوأرادّ ذلك....
في مصر كذلك، والتي جاهّر سماحة مراقب الأخوان المسلمين برأيه في الدولة، حينما أطلق كلمة quot;طزquot; الشوارعية ضد البلد والحكومة، خرجّ أحد المعتوهين، الذي قالت الحكومة الرشيدة إنه مخبول عقلياً، ليقتل ويجرح بضعة مواطنين أقباط خرجوا للكنائس للصلاة، مما أسفرعن إضطرابات راح ضحيتها العديد من الأبرياء قتلى وجرحى. المعتوه، قال إنه بفعلته تلك إنما quot;ينتقم من الدنماركquot; صاحبة رسوم الإساءة لنبي الإسلام محمد بن عبدالله، ويردٌ على quot;الغرب الكافرquot; بقتل مواطنيه!. لعلنا لانأتي بجديد حينما نقول أن هذا الشخص المخبول حضارياً هذا هو نتاج التعليم الديني العنصري في مصر، ونتاج ثقافة الكراهية التي تبثها، وتجتهد في ريادتها، التنظيمات الإصولية المصرية( على رأسها حركة الأخوان المسلمين، صاحبة البلاء الأكبر)، وتلتزم بها مافيوات الإسلاموجية المتغلغلة في الإعلام وقطاع التربية والتعليم. فهذه حادثة قتل من بين عشرات الحوادث التي إستهدفت أرواح المواطنين المسيحيين الآمنين في مصر.وكانت الحكومة quot;تطنشquot; دائماً وتتهرب من مواجهة مسؤولياتها في لجم هذه الكائنات المريضة من قتل الآمنين، ووضع خطط تربوية وتوعوية لغسل أدمغتها من رواسب الإرهاب السلفي العفن...
الشرق الأوسط مازال رهيناً لمجموعات المافيات ومراكز القوى المرتبطة بها، ورغم الضغط الأميركي والغربي في إتجاه إصلاح المجتمعات العربية ودعم مؤسسات المجتمع المدني ودعاة التقدم والليبرالية فيها، إلاً أنّ الإصولية الإسلامية والأنظمة القمعية الفاسدة مازالت تراهن على الإستمرار في الإمساك بزمام الأمور والقيّاد، والتهديد بقلب الطاولة على الجميع في حال المس بمصالحها: كما تفعل إيران ودمشق وحزب الله وحماس وعسكر تركيا الآن، وبكل صراحة...
المنطقة واقعة تحت تأثير قوى وجماعات ممسكة بزمام السياسة والإقتصاد، وحاكمة على جيوش من الشطار والعيارين والبلطجية، وهذه القوى والأجنحة العصاباتية لاترعوي وفي سبيل الحفاظ على مصالحها من إرتكاب أي جريمة مهما كانت العاقبة، فما الحال لو أمتلكت الرادع النووي وطبقت جزءاً يسيراً مما تتوعد به العالم الآن؟.

[email protected]