تعد ايران واحدة من الدول الغنية في المنطقة بسبب امتلاكها للثروة النفطية والزراعية والصناعة التقليدية كالسجاد وغيرها. ولكن بقدر ماهي غنية بقدر ما تعاني شعوبها وأقلياتها القومية من الفقر الذي اخذ يزيد من تفاقم ألازمة الاقتصادية والاجتماعية عاما بعد عام. فحسب ما تؤكده المصادر الرسمية فان دخل ايران اليومي من النفط وحده يبلغ مئة مليون دولار أي بمعدل ثلاثة مليارات دولار شهريا .ولكن على الرغم من كل هذه الثروة الهائلة إلا ان نظام الملالي لم يستطع طوال السبعة و العشرين عاما الماضية من عمره ان يحسن من مستوى الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن الإيراني. فحسب آخر الإحصائيات الرسمية التي نشرتها وكالة أنباء quot;ايسناquot; الطلابية أكدت ان هناك أكثر من عشرة ملايين مواطن ايراني يعيشون تحت خط الفقر ويأتي الإعلان عن هذه الإحصائية متزامنا مع إحصائية أخرى قدمها الناطق باسم السلطة القضائية المدعو quot;جمال كريميquot; الشهر الفائت أكد خلالها ان من بين ثمانية وستون مليون مواطن ايراني (تعداد نفوس ايران ) هناك ستمائة ألف مواطن يدخلون السجن سنويا.ويأتي هذا فيما نشرت وكالة quot;فارسquot; للأنباء دراسة جديدة عن أوضاع الإدمان على المخدرات في البلاد مشيرة الى الانخفاض الكبير الحاصل في أعمار المدمنين. حيث أكدت تلك الدراسة التي أعدها الدكتور laquo;هومان نارنجىzwnj;هاraquo; المتخصص في الشؤون الاجتماعية ان سبعين في المئة من أعمار المدمنين تتراوح بين الخمسة والعشرين والتسعة و العشرون عاما. وأضافت الدراسة ان ستة وستين في المئة من المدمنين هم من سكان المدن وان واحد و أربعين في المئة من المدمنين متزوجين وان من بين مئة وثلاثة وتسعون في المئة من المدمنين هناك ستة وتسعون امرأة مدمنة.
أما بشأن أرقام حالات الانتحار فقد أظهرت إحصائية أعدتها منظمة الإدارة والتخطيط الإيرانية ان عدد المنتحرين بلغ في العام الماضي خمسة الألف وثلاثمائة شخص منهم ألف وثمانمائة واحد وأربعين رجل وثلاثة الإلف وأربعمائة وتسعة وخمسون امرأة.وقد أكدت إحصائية لوزارة الصحة ان معدل عدد المنتحرين يوميا بلغ أربعة عشر شخصا وان أعمار اغلب المنتحرين لا تتجاوز سن التاسعة والعشرين عاما.
وما يزيد من الم هذه المأساة انه وفي اليوم الثاني عشر من ابريل الماضي, وهو ذات اليوم الذي أعلن فيه احمدي نجاد انضمام بلاده الى النادي النووي , كانت وسائل الإعلام الإيرانية قد نشرت خبرا مؤلما للغاية وهو انتحار عائلة بأكملها في مدينة تبريز عاصمة محافظة أذربيجان. وقد بين التقرير الذي أعدته الشرطة القضائية ان الفقر المدقع كان السبب وراء أقدام رب العائلة على قتل زوجته وأبنائه الستة قبل ان ينتحر.
الى جانب الأوضاع الاجتماعية المزرية فان الأوضاع الأمنية التي تعيشها المناطق والأقاليم الإيرانية المتعددة خصوصا في المناطق والأقاليم الأشد فقراء والتي تسكنها أقليات قومية ومذهبية مضطهدة كأقاليم كردستان والاحواز وبلوشستان وغيرها جعلت البلاد تعيش على حافة الانهيار و الفلتان الأمني الكامل. وهذا ما جعل مجلة ألمانية متخصصة مؤخرا من وضع ايران على قائمة الدول الغير صالحة للاستثمار فيها على مدى السنوات الخمسة القادمة .
الأوضاع الحالية في إيران إذا ما قورنت بأوضاع الدول الأشد فقرا في العالم فإننا سوف نجد ان حالة الوضع الإيراني لا تقل سوا عن ما هو حاصل في تلك الدول. ومما يزيد من الأسى ان القادة الإيرانيون يتجاهلون كل هذه ألازمات ويصرون على تنفيذ سياساتهم الفاشلة التي لم تجلب للشعوب الإيرانية طوال الثمانية والعشرون عاما الماضية سوى البؤس والشقاء.
ففي الوقت الذي كانت الشعوب الإيرانية تتأمل ان تنتقل البلاد الى مرحلة جديدة من الاستقرار والانفتاح السياسي والاقتصادي والرفاه الاجتماعي عقب ثمانية سنوات من الحرب المدمرة مع العراق وحرب القمع التي شنها النظام الإيراني على معارضيه في الداخل والخارج نجد اليوم ان أجواء الحرب عادت تخيم على البلاد وعادة طبولها تقرع مهددة بحدوث كوارث لا يعلمها إلا الله. إلا انه و على الرغم من كل هذا فان الرئيس الإيراني احمدي نجاد يخرج متباهيا بقدرة حكومته على التوصل الى انتاج اليورانيوم المخصب لانتاج أسلحة الدمار الشامل غير مدركا ما إذا كان سيحل هذا الإنتاج الجديد من أزمات الشعوب الإيرانية ام انه سوف يزيد من تفاقمها؟.