مغادرة الأستاذ جماز السحيمي لمنصبه، كرئيس سابق لهيئة السوق المالية السعودية، أصبح ضجيجه الإعلامي والعاطفي اقل الآن، وهو ما يسمح بالبحث في حقيقة الرحيل والاعفاء او حتى التعجيل به..
لكن لا يمكن لمنصف آو حتى مختلف مع الأستاذ جماز أن ينكر دوره في انجاز كما مشهودا من الأعمال والمهام، من البدايات الأولى نحو بلورة الهيئة إلى الإعلان عن فصلquot;تداولquot; وتحويلها إلى شركة مستقلة قبل اقل من أسبوع.
عموما رحل الأستاذ جماز وسيبقى خبرة مالية جيدة عاصرت اشد الفترات إثارة للجدل. وحل الأستاذ عبدا لرحمن التويجري بخبرته الإدارية والاقتصادية المشهودة ... مكان مهم في توقيت بالغ الأهمية.
كمراقب إعلامي وبعيد جدا عن عاطفة السوق، اعرض من منظور شخصي ndash;مطلق - ابرز الأخطاء التي عجلت برحيل الأستاذ جماز السحيمي، نتيجة الضغط الشعبي من جهة، مصحوبا بتدني شعبيته بين المتعاملين في السوق إلى اقل مستوياتها...!
الأستاذ جماز أخطأ في اعتقادي بشكل استراتيجي في التعامل مع مسارين بالغي الحساسية، قطبان يصعب العمل بدونهما آو تجاهلهما، آو التقليل من حجمهما وتأثيرهما على كافة المستويات، مهما كان المسؤول ،او مهما كان منصبه وحساسيته وقيمته، بل ان الدول بحجمها وأجهزتها، وحتى بسيطرتها ونفوذها، لا يمكن ان تنفك عن هذين القطبين او تتجاهلهما .. بل تضعهما في حسابها دائما.

الأول: هو الإعلام دائما، فقد بقي محافظ السوق بعيدا شخصيا عن الإعلام، وعن الظهور إليه او فيه، او حتى استغلاله!. والالتقاء به، لشرح وجهة هيئته ونواياها وسياساتها، وخططها وبرامجها.
الإستراتيجية الإعلامية كانت شبه غائبة، وان وجدت فان تقديراتها لم تكن عميقة بما يكفى للجو العام، والتعامل معه، او فهم الشكل الذي وصل صداه، بل ان إخفاق الإستراتيجية الإعلامية، التى لم تستوعب أنها تصطدم بكل ما حولها ، وتوسع مدى المواجهة إلى الانترنت ورسائل الجوال وكل وسائط الاتصال الممكنة.
بل ان المحافظ السابق أحاط نفسه بجهاز إعلامي قد يكون ضعيفا، كما تظهر نتائجه في التعامل مع الجمهور والإعلام والسوق والأسهم..!، حيث برهن بجدارة انه لا يملك خبرة كافية لفهم الصحافة والصحفيين ومسار المعلومات، جهاز ظل يتعامل من برج عاجي كله أرقام ونظريات مع المتلقي والمعني مباشرة ماليا ومعنويا بالسوق.

الثاني: هو انفصال واضح بين قرارات الهيئة والسوق، وهنا اقصد ndash; التجار- اللذين تربطهم بالسوق مصالح قديمة ومعقدة، لم تسع الهيئة إلى جعلهم شركاء في قراراتها، او تمنحهم على الأقل الوقت الكافي للتعامل مع معطيات السوق، ونواياها الجديدة التي لا يمكن التشكيك فيها. إلا ان القضية لم تكن شك من عدمه في النوايا، ومهما تكن النوايا في قمة حسنها، إلا ان سوء الاتصال كفيل باغتيالها.
سوء في الاتصال والتواصل، مع الجميع، والاكتفاء بالاعتماد على الدعم الاداري من وزارة المالية او نحوها.
وهو آمر- أي التواصل بالإعلام، والتجار- لا تدركه وزارة بطبيعة عمل وزارة المالية، ولكن قد تستوعبه وتفهمه وزارة التجارة او الصناعة، ذات العلاقة الأكبر بالتجار والصناع، ولعلنا نتذكر تلك المسلسلات التي تصور لنا quot;شاهبندر التجارquot;.
بعد الإعلام وتغيب التجار... ألغى حتى إمكانية الجدل على إجراءات وقرارات حدثت وعطلت وبقي البعض منها..!
ان تخسر الإعلام، او لا تستثمره بالشكل الأفضل، ويصبح التجار منعزلين عن قراراتك وأجوائك، فتلك أخطاء صعبة لا تغتفر ولا تتحملها دول وأمم..!!

[email protected]