لا اعلم ان كان المنخدعون من أبناء امتنا الذين استهوتهم الشعارات العاطفية بالإضافة الى الطائفيون ممن أدمنوا على التطبيل والتهليل للنظام الإيراني يعلمون بهذه الحقيقة ام لا؟ فإيران كما هو معلوم بلد تشكل الشعوب والقوميات المتعددة الأعراق واللغات والأديان والمذاهب الأكثرية فيه إلا ان قادة النظام الإيراني يعدون خطر إصرار هذه الشعوب غير الفارسية على التعلم والتحدث بلغاتها اخطر من ظاهرة ترويج المخدرات التي تعج بها ايران ويِضعون هذا الأمر في دائرة قضايا الامن القومي. وهذا ما صرح به أكثر من مسؤول ايراني وفي مناسبات عديدة. ومازال النظام الإيراني يسعى دائما على محو هوية هذه الشعوب بكل الطرق لإبقاء ايران خاضعة لهوية لغوية و ثقافة واحدة وهي الهوية الفارسية.
واستدلالا على ذلك يمكن النظر الى القرارات والتصريحات التي تصدر بين فترة وأخرى عن كبار مسؤولي النظام بهذا الشأن والتي كان أخرها القرار العنصري الذي أصدره رئيس الجمهورية الإيرانية محمود احمدي نجاد والذي الزم بموجبه جميع المؤسسات والدوائر الحكومية الى جانب وسائل الإعلام الإيرانية المختلفة بضرورة التقيد بثقافة اللغة و الآداب الفارسية في كتاباتها ومراسلاتها. وهذه ترجمة لنص هذا القرار.
بسمه تعالى
ان اللسان الفارسي حامل للثقافة والحضارة الإسلامية والإيرانية وان متون الفارسية تحفل بالقيم الأخلاقية الإنسانية المتعالية والسلوك المعبر عن الشجاعة والحب والعاطفة والحكمة الالاهية من عرفان وتوحيد ، وتحمل الأمل والصراحة والتلميح وروح تاريخ الشعب الإيراني العزيز و الشريف في آنٍ واحد. ولهذا يجب ان نحافظ على هذه النقطة التاريخية التي تربطنا بالهوية ونروجها لنروي بها ظمأ المتعطشين للثقافة والأدب الحقيقي، أدب العدالة، التوحيد، العرفان والعشق الجمالي في العالم.
وبما ان هذا الواجب الكبير يقع على عاتق جميع المراكز الثقافية وجامعات البلاد، فان على المسؤولين التنفيذيين كذلك ان يأخذوا بنظر الاعتبار روح هذه الثقافية التي تكمن في الخط الفارسي الذي هو الخط الرسمي للبلاد وان يحافظوا عليه ويعتمدوه في مكاتباتهم وخطاباتهم.
فاستنادا الى المادة 15 من الدستور بالإضافة الى ما تأكده المنهاج الأساسية للغة والأدب الفارسي من واجب الحفاظ على قوة و أصالة اللغة الفارسية وترويجها في داخل البلاد وخارجه، لذا فاني الزم الحكومة بوجوب تطبيق مايلي:
1- ضرورة اعتماد الخط الفارسي في جميع الوثائق والمراسلات الرسمية والكتب الدراسية بالإضافة الى اعتماده في الصحف وسائر المطبوعات الأخرى التي تعود الى النظام او تستمد دعمها منه.
2- استخدام المصطلحات الفارسية في المحادثات والمراسلات بدلا من المصطلحات الأجنبية وعلى الأجهزة المختصة واجب تنفيذ هذه المقررات وترويجها في المجتمع والعمل على استخدام جميع الوسائل الثقافية والتعليمية من اجل ترغيب وتشجيع الناس على استخدام اللسان والخط الفارسي بالطرق الصحيحة.
3- يتم رفع نتائج الإجراءات المتخذة بهذا الخصوص من قبل الوزارات وسائر المؤسسات الحكومية إلينا.
التاریخ 5 مرداد 1385 ش- ق/ آب 2006م.
***
فإلى جانب هذا القرار الرئاسي العنصري الذي يجبر الشعوب والقوميات الإيرانية غير الفارسية على ضرورة الالتزام باللغة والآداب والثقافة الفارسية. فهناك الكثير من الشواهد الأخرى التي تدل على عمق العنصرية في عقول وأفكار المسؤولين الكبار في النظام الإيراني ومن بين تلك الشواهد يمكن النظر هنا الى ما جاء على لسان ثالث أهم شخصية في الدولة والنظام الإيراني وهو السيد quot; حداد عادل quot; رئيس ما يسمى بمجلس الشورى الإسلامي ( البرلمان ) في رسالته التي وجهها لمؤتمرquot; رابطة نشر اللغة والآداب الفارسية quot; الذي انعقد مؤخرا في مركز الرسول الأعظم (ص) للمؤتمرات في جامعة اصفهان بحضور ما يقارب مائتي شخص من الباحثين وأساتذة اللغة و الأدب الفارسي من مختلفة الجامعات الإيرانية بالإضافة الى مدعوين من اليابان والهند و طاجيكستان وكندا. حيث وصف فيها اللسان الفارسي بأنه يشكل احد أركان الهوية الإيرانية !.
وقد واصل المسؤول الإيراني المذكور رسالته قائلا:إننا عن طريق هذه اللغة القيمة فقط نستطيع ان نوجد ارتباطا ذهني وقلبي مع ماضينا. وبمساعدة هذه اللغة نستطيع اليوم ان نصول كلامنا الى أسماع جميع الإيرانيين ونستمع الى كلامهم ونطلع على مقاصدهم.
وهنا يستوقفنا السؤال الذي يطرح نفسه وهو، ترى ألا يحق لـ 60% من مجموع سكان ايران وهم جميعا من غير الفرس ان يرتبطوا ذهنيا وقلبيا مع ماضيهم بواسطة لغاتهم؟ وبمساعدة لغاتهم الخاصة بهم ينقلون أحاديثهم الى أسماع أطفالهم ويستمعون الى كلامهم ويفكرون بلغاتهم القومية الخاصة بهم؟
و يضيف رئيس البرلمان الإيراني:إننا بمساعدة هذا اللسان الفارسي نستطيع ان نتواصل مع منهم خارج الحدود من المتحدثين بهذا اللسان في أفغانستان وطاجيكستان. ونتواصل قلبا ولسانا مع من لديهم دراية ومعرفة باللغة الفارسية في الهند وغيرها من مناطق العالم الأخرى.
والسؤال الذي يوجه الى السيد حداد عادل: ترى الا يحق للعربي والكردي والبلوشي والتركماني والاذري وغيرهم من أبناء الشعوب والقوميات الإيرانية الأخرى ان يتواصلوا قلبيا وذهنيا مع من يشاركونهم نفس اللغة والثقافة والآداب في الوطن العربي وتركمنستان وأذربيجان وأفغانستان وغيرها من مناطق العالم الأخرى؟
في جانب آخر من رسالته يقول رئيس البرلمان الإيراني: اليوم هناك طوفان جارف يهدد هوية الشعوب القديمة في العالم. لذا فان الاهتمام بترويج اللغة والأدب الفارسي يحظى بتقدير كبير واني أرى من واجبي ان أتشكر من جميع الأساتذة المحترمين الذين شكلوا هذه الرابطة والقائمين على هذا الاجتماع المؤثر.
نقول له فعلا اليوم هناك طوفان جارف يهدد الهوية القومية للشعوب القديمة ولكن عليك ان تعلم ان ايران هي أيضا واحدة من هذه الدول التي تسعى الى محو هوية الشعوب القديمة الأخرى.
فاليوم العرب والتركمان والبلوش والأكراد و الاذاريين في ايران لا يحق لهم ان يكتبوا بلغتهم كما لا يحق لهم أيضا ان ينتخبوا أسماء أبنائهم حسب أرادتهم.
ويواصل حداد عادل كلامه قائلا: في هذه الفرصة التي تحققت ببركة اجتماع الأساتذة والتي تم فيها التعرف على الصعوبات والموانع التي كانت تقف عرضة في طريق دائرة ترويج اللغة والأدب الفارسي، لذا يجب ان يتم التوصل الى الطرق المناسبة من اجل التغلب على هذه الموانع والصعوبات ورفعها وان تضع هذه الحلول بين يدي الجامعات والمؤسسات التربوية والتعليمية ومجامع اللغة والآداب الفارسية.
أذن ما دمتم تريدون رفع الواقع التي تحد من انتشار لغتكم أليس من الأولى ان ترفعوا اولا العوائق التي تضعونها في طريق تعلم غير الفرس من الإيرانيين بلغاتهم؟ هل تسمحون لأستاذ جامعي واحد ان يقول لكم أيها الرئيس ان في ايران هناك لغات مختلفة وان نظامكم يعمل بعزم قوي على قتل هذه اللغات ومحوها؟.
علما ان اللغة والثقافة الفارسية هي لغة وثقافة واحد من الشعوب الساكنة في ايران فقط ٬ ومن هنا يأتي احترامها وقيمتها عند هذا الحد وحسب. فاللغة الفارسية لم تكن يوما من الأيام عامل وحدة بين الإيرانيين ومظهر هويتهم. كما إنها لم تكن ولن تكون لغة لأياً من الشعوب الإيرانية ماعدا الشعب الفارسي.
وليعلم السيد رئيس البرلمان الإيراني ان بلاده وبسبب الفتح الإسلامي والغزو المغولي قد سادتها ولمدة عشرة قرون تقريبا اللغة العربية والتركية قبل ان يظهر الصفويون ويعيدوا للغة الفارسية سطوتها ويجعلوها اللغة الرسمية لدولتهم الطائفية.
وأخيرا نوجه سؤالنا الى من يهم الأمر، أهناك ابعد من هذه العنصرية؟!!!!.
التعليقات