هزني كثيراً ما تطرق إليه الدكتور شاكر النابلسي، عميد الكتاب الليبراليين في مقاله المنشور بإيلاف يوم 28/4/2006، وتحدث فيه عما وصفه بثورة الأقباط البيضاء، والتي أسهب فيها بشرح مظاهر مدى تأصل الكراهية للأقباط من قبل المتاسلمين، كما أوضح باستفاضة حجم المعاناة التي يلاقيها الأقباط وواقعهم المؤلم، والأمر الأكثر إثارة للأسف والإحباط في هذا السياق هو أن هذا الواقع نتيجة سياسات خططت لها الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ انقلاب العسكر 1952، وتورط في هذا الوضع القاسي ضد أبناء مصر من الأقباط قادة رسميون أصروا على نشر أجواء الكراهية بين أبناء الوطن، وحرضوا المسلمين ضد الآخر عموما والأقباط خصوصا.
ولعله ليس تكراراً للوضع المتردي الذي يعيشه الأقباط، بقدر ما هو توثيق لمعاناتهم كما أوجزها الدكتور شاكر النابلسي وهي باختصار :
ـ اعتبار الأقباط خونة وليسوا جزءاً أصيلاً من أبناء الوطن
ـ حرمان الأقباط من تقلد الوظائف الحساسة مثل أمن الدولة والمخابرات ورئاسة الجامعات والمناصب العليا في الجيش و الشرطة والقضاء.
ـ تسليم ملفهم لجهاز أمن الدولة كأنهم خطرين على أمن الوطن.
ـ الاستهزاء بعقيدة الأقباط في الإذاعة والتليفزيون والصحف والمجالات بواسطة حملة المباخر الأزهرية سليم العواء ومحمد عماره اليساري السابق والإخوانجى اللامع الان، وطارق البشري وزغلول الفشار و فهمي هويدى وكثيرين في كل قطاعات الدولة المختلفة علاوة على الكراهية الشديدة للأقباط في أدبيات وكتابات الإخوان المسلمين من مرشديهم السابقين واخيراً مهدى عاكف (صاحب الطزات الشهيرة) الذي يفضل ماليزيا لحكم مصر.
ومضى الدكتور النابلسي إلى حد إدانة شيخ الأزهر شخصيا متهماً إياه بالتناقض الواضح فى الصورة المملوءة بالحب أثناء لقائه مع البابا شنودة الثالث مدللا ( اسمع كلامك أصدقك أشوف أعمالك استعجب)
ورغم التحليل المتميز للدكتور النابلسي، غير أن الصورة أسوأ كثيراً مما تفضل مشكوراً بتسليط الضوء عليها، لان معاناة الأقباط تتنامى وتتضاعف، حتى اصبح اضطهاد الأقباط في كافة مناحي الحياة والسبب ببساطة هو رئيس الجمهورية شخصيا وليس غيره.
أقول ذلك لأن دول الشرق الأوسط تحكم ديكتاتوريات تصنع من الحاكم نصف إله لا يحمد على مكروه سواه، ويعلم القاصي والداني أن مصر تحكم بطريقة One Man Show ولا توجد في العالم العربي دولة واحدة ديمقراطية بل إنها ديكتاتوريات وصدق القول على طريق الحاكم في المنطقة العربية ( من القصر إلى القبر ) وكل الشعوب العربية تضع كل أمالها في التغير على عزرائيل المنقذ الوحيد.
إلا أن بنظرة ثاقبة للمستقبل تؤكد أن هناك ثورة للأقباط قادمة لا محالة ولن تكون بيضاء بل ستكون ثورة حمراء لان الاضطهاد والإذلال الذي يعانيه الأقباط قد زاد بدرجة لا تطاق واليك الأمثلة.
حرمانهم من ترميم وبناء كنائسهم ( التي تبنى بأموالهم الخاصة وليست مثل المساجد التي تبنى بأموال الدولة ومشاركة 35 % من دافعي الضرائب الأقباط ) وحوادث الاعتداء على الكنائس كثيرة جدا من سنة 1971 ديسمبر حادث حرق كنيسة الخانكة في عهد الرئيس المؤمن ! محمد انور السادات مرورا بالعياط ثم توالت الأحداث على سبيل المثال لا الحصر.
يوليو 1980 حرق كنيسة العذراء قصرية الريحان بمصر القديمة تماماً
يونيو 1981 تفجير كنيسة العذراء بمسرة ومقتل سبعة أشخاص على الأقل
يونيو 1981 مذبحة الزاوية الحمراء بالقاهرة ونجم عنها 1 قتيل طبقا لتصريح اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية في ذلك الوقت
مايو 1990 مذبحة الإسكندرية مقتل القس شنود حنا عوض وزوجته تريزة اليأس بشاي وخمسة آخرين
مايو 1992 مذبحة ديروط مقتل 13 من بينهم طفل صغير وفلاح عجوز
مارس 1994 مذبحة دير المحرق بأسيوط مقتل اثنين رهبان وثلاثة آخرين
فبراير 1996 مذبحة عزبة الأقباط بالبدارى مقتل ستة أشخاص وإصابة آخرين
فبراير 1997 مذبحة أبو قرقاص بالمنيا مقتل تسعة شبان أثناء اجتماع الصلاة بالكنيسة
مارس 1997 مذبحة بهجورة بنجع حمادى مقل ثمانية أشخاص بينهم عجوز عمره 70 عاما
يناير 2000 مذبحة الكشح مقتل 21 بينهم طفلان وامرأتان
أبريل 2006 مذبحة الإسكندرية شخص عجوز وإصابة 15 آخرين
يأتي هذا فضلاً عن خطف القبطيات القاصرات لاسلمتهم مثال ( ماريان وكريستين نادر من البحيرة ) وهابدي صليب من شبرا ونيفين ماهر من الإسكندرية وكل هولا دون الثامنة عشر بل أن ماريان كان 16 سنة وكريستين 14 سنة ونصف مع وضوح ودور أمن الدولة في عملية الاسلمة القسرية، وصمت كافة المؤسسات الرسمية وحتى الأهلية عن هذه الممارسات.
وإذا عرف السبب ظهر العجب لكل هذه الماسي والآلام، فقد أشار محللون كثيرون إلى اتفاق غير مكتوب بين النظام الحاكم في مصر وجماعة الأخوان المسلمين خاصة خلال الانتخابات الأخيرة .
المزايدة بين الدولة والإخوان على كسب الغوغاء ( الشارع ) باضطهاد الأقباط
سطوة الإسلام السياسي ماليا بعد تدفق عائدات البترول على دول الخليج ومن إيران
اختراق المتطرفين والإخوان المسلمين للقضاء المصري.
استخدام الإسلاميين كفزاعه للغرب بعد حوادث ( مدريد وبالى ولندن والفلبيين وروسيا )
لصرف الشعب فى الحروب الداخلية لاستمرار الفساد والسرقة والنهب.
والنتيجة الطبيعية الحتمية للاضطهاد والإذلال هي ثورة الأقباط ولن تكون ثورة بيضاء بل ستكون ثورة حمراء بالدم وبالطبع هذا لن يحدث في عهد مبارك لان مبارك سيزول بقوة وغدر الإخوان الذين أخشى أن يكونوا قد اخترقوا كافة قطاعات الدولة، واصبحوا القوة الحقيقة في مصر ومبارك لم ولن يتعلم من سلفه السادات، ويعي الدرس القائل (اللي يلعب بالنار لابد من حرقة، وطباخ السم لابد أن يذوقه) سيدرك مؤخرا أن التقية الإخوانيه شيطانية والاتفاق معهم مثل من يتعامل مع ثعبان سام أو ثعلب ماكر، ومهما حاول ألان الحد من سطوة الإخوان بالأساليب البوليسية فلن يفلح لعدم رجوع الساعة.
ولن يفلح أيضا في منع حدوث ثورة الأقباط الحمراء كنتيجة طبيعية للإذلال والاضطهاد المستمر والدائم والمتزايد.
اللهم أبلغت اللهم فاشهد.
وفى المقالة القادمة نوضح كيف ستكون ثورة الأقباط حمراء ؟
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات