*قبل إدانة هاله سرحان أدينوا المجتمع لإغلاقه أبواب الرزق الحلال وتصريحه للجوع الكافر بأن يعربد فى الطرقات.
* هناك إختراع إسمه ريموت كنترول يستطيع من خلاله المشاهد العذراء صاحب الأحاسيس المرهفة أن يغير المحطة.
* كل المشكلة أن عاهرة إتهمت ضابطاً بمساومتها على ليلة متعة.
أثناء فترة الإمتياز فى مستشفى الحوض المرصود إندهشت حين عرفت أن المستشفى كانت تمنح التراخيص للعاهرات حتى أواخر الأربعينات، وذلك بعد إجراء الكشف الطبى عليهن وإثبات خلوهن من مرض الزهرى!، وبعد هذا الإعتراف الإجتماعى بالدعارة ndash;وأقول إعترافاً وليس قبولاً - بعدها بستين سنة تصلنى رسالة إليكترونية على النت تطالبنى بالتوقيع على عريضة إحتجاج تطالب الوليد بن طلال بفصل د. هاله سرحان لأنها ستعرض برنامجاً عن فتيات الليل!، رحلة بين عصرين ومجتمعين مدتها قرن كامل، مجتمع قديم متسامح متصالح مع نفسه، معترف بأنه مادام هناك رجل وإمرأة فى هذا الكون، ومادام هناك مجتمع، ومادام هناك إستغلال، ومادمنا فى مجتمع بشر لاملائكة، فالدعارة كانت وتكون وستكون وتعيش مادام هناك نفس يتردد على هذه الأرض، منذ كليوباترا أقدم عاهرة فى التاريخ باعت جسدها مقابل السلطة وحتى نفيسة بطلة quot;بداية ونهايةquot; بنت الفقر الدكر التى باعت جسدها من أجل ريال يلقى إليها من عابر سبيل، ولايعنى هذا بالضرورة أن هذا المجتمع القديم مجتمع الطرابيش واليشمك كان موافقاً ومروجاً للدعارة، ولكنه يعنى أنه كان مجتمعاً صادقاً مع نفسه، واثقاً من أن الحل النهائى والحاسم للقضاء على الدعارة هو أن نخصى الرجال وننزع أرحام النساء، كان مجتمعاً متأكداً من أن فتيات الليل قلة وإستثناء مهما بلغ عددها، وأن مراقبتها فى النور يحد من خطورتها، والمدهش أنه عندما تم الضحك على النفس فى مجتمعنا الحديث، وإدعاء أننا مجتمع خال من بيوت البغاء يرفل فى ثياب الفضيلة، عندها فقط تحولت تجارة الرقيق الأبيض إلى ظاهرة، ساعد فى إنتشارها مجتمعات أخرى مجاورة تدعى إحتكار الشرف والأخلاق، يأتى رجالها من هجير صحراء الخليج مطاردين بعصا المطوعين، هاربين من كبت جنسى خانق يدفعهم هناك إلى الشذوذ الجنسى، يأتون مضمخين بالمسك والمسواكات والريالات والدينارات والفيزا كاردات ليمارسوا الدعارة المقننة بزواج مراهقات قرى محددة بعينها تبيع لحم بناتها، أو الدعارة المستترة فى ظلام الشقق المفروشة وسمسرة البوابين وطناش الجيران وخرس وطرش المجتمع كله الذى منتهى أمله الآن للأسف أن يصبح مثل هذه البلاد التى تتغطى بقشرة الفضيلة الزائفة التى تغطى جوهراً متعفناً وخراجاً مليئاً بالقيح والصديد، إنه مجتمعنا الجديد الذى أدمن إرتداء الأقنعة السميكة التى تخفى الملامح الحقيقة تحت ماكياج صارخ يحولنا إلى مهرجين وبهلوانات فى سيرك الحياة، مجتمع أصبحت فيه دعارة الجسد أقل صور الدعارة خطراً، أقل من دعارة الكلمة ودعارة السياسة ودعارة الفكر ودعارة القلم ودعارة الميكروفون... الخ.
أكثر الأشياء كراهية عندى هو الإستغلال، وأبشع صور الإستغلال هى الدعارة، تجارة الجسد من أجل المكسب، وممارسة أرقى غريزة بشرية ممارسة الحيوان والروبوت، بدون روح، بدون إحساس، بدون إنسانية، مايحكمها فقط هو الحاجة والطمع والفقر.. فقر الجيب والروح والفطنة، إمرأة هى مجرد مرحاض بشرى يقضى فيها جائع مسعور حاجته!، كل ماقلته هو توصيف ولكن ماهى الأسباب التى تؤدى للدعارة هذا هو مايجب أن نبحث عنه ونجيب عليه؟، ومافعلته هاله سرحان هو مجرد أنها بحثت ولم يخدعها جبل الجليد الطافى، بل بحثت فيماهو فى القاع والذى هو للأسف يمثل معظم كتلة هذا الجبل الضخم، ناقشت موضوعاً بل الغريب أن الإعتراض جاء على مجرد البرومو أو الإعلان عن الحلقة، أى ان سياسة القطيع هى التى تحكمت، ولم ينتظر أحد هل روجت الحلقة وحثت على الدعارة؟، أم أنها أدانت وحاولت بحث الأسباب والدوافع وكيفية القضاء عليها!!.
من حقنا أن نختلف مع هاله سرحان بل من واجبنا ولكن ليس من حقنا ذبحها والمطالبة برأسها، وأنا شخصياً إختلفت معها حول بعض الحلقات، ولكن إختلافى كان على أسلوب مهنى جانبه الصواب فى فقرة، أو جملة حوار لم تخدم الموضوع، وهذا وارد لأنها بشر تخطئ وتصيب، وتعمل فى إستوديو وأمام كاميرات لا فى معمل أمام أنابيب إختبار، ولكن عندما أعترض على موضوع أسأل نفسى هل هذا الموضوع يحدث فى المجتمع أم لا؟، هل هو ينتمى إلى الفانتازيا والخيال العلمى أم أنه ينبض بالحقيقة والصدق؟، هذا هو الفيصل الوحيد، لكن أن أقول هذا الموضوع يجوز وهذا لايجوز فهذا ليس من الإعلام ولكنه إظلام ، ولاينتمى إلى فن التليفزيون ولكنه ينتمى إلى فرمانات المعسكرات والسجون والكتاتيب، بإختصار لاقداسة لموضوع ولكن القداسة لصدق الرصد والتحليل، وكل الموضوعات مباحة بشرط التناول الإعلامى والمهنى الصحيح، وهنا لاأدافع عن هاله سرحان فهى كفيلة بالدفاع عن نفسها وخرجت من مطبات أكثر وعورة من هذا المطب، وماأعرفه عنها وهو كثير وماأعرفه عن شخصية الوليد بن طلال وهو يسير يؤكد لى أنه لن يطردها أو يفصلها من روتانا، بل على العكس سيأمر بترقيتها، إذن المسألة ليست خوفاً على هاله سرحان ولكنه خوف على الحقيقة التى نتخفى كالنعام من مواجهتها والبوح بها، وهذه هى مشكلتنا الحقيقية المزمنة، إنها فوبيا مواجهة الحقيقة، وإدمان خداع الذات، وصناعة مرايا الملاهى التى لاتعكس لك حقيقتك المخجلة وتجاعيدك القبيحة وعوراتك المشينة.
quot; إننا لانستطيع جمع المال من البورصة أو البنوك، ليس لدينا شئ نبيعه سوى أجسادنا quot;... قالتها بطلة قصة جى دى موباسان، quot;عيش أشق من المنية، وإنتظار كالفناء / مات الضجيج وأنت بعد على إنتظارك للزناة /تتنصتين فتسمعين /رنين أقفال الحديد يموت فى سأم صداه /الباب أوصد /ذاك ليل مر / فإنتظرى سواه quot;.... قالها الشاعر بدر شاكر السياب فى قصيدته المومس العمياء، وأعتقد أن ضيفات برنامج هاله سرحان صرحن بنفس المعانى، فتاة عضها ناب الفقر فمارست أقدم مهنة فى التاريخ، وأدمنت بعدها المال حتى وصلت إلى عشرة ألاف جنيه فى الشهر، قبل إدانة هاله سرحان وإتهامها أدينوا المجتمع وإتهموا إغلاقه لأبواب الرزق الحلال وتصريحه للجوع الكافر بأن يعربد فى الطرقات، فتاة أخرى يغض ضابط الشرطة الطرف عنها ويطنش على مهامها السرية لقاء ليلة متعة!، أعتقد أن السؤال والإدانة لابد أن توجه للمنحرفين فى هذا الجهاز الحساس قبل أن توجه لهاله شو!، أنا لاأبحث عن مبررات للدعارة، ولكن من حقى ومن حق كل إنسان مهموم بالبحث عن الحقيقة أن يتعرف على الأسباب لكى يجد الحل، والسؤال الذى يفرض نفسه من الذى أعطى هؤلاء حق الوصاية علينا وتعليمنا أصول الأدب؟، من الذى منحهم حق توزيع صكوك الغفران وباسبورتات جنة الأخلاق؟، من الذى عينهم رقباء على ضمائرنا ومفتشين فى نوايانا؟، هل هم يجهلون حتى هذه اللحظة أن هناك إختراعاً إسمه ريموت كنترول يستطيع من خلاله المشاهد العذراء صاحب الأحاسيس المرهفة والذى يدمى الحرير بنانه أن يغير المحطة؟!، وهناك إختراع أخطر أدلهم عليه وهو زر إغلاق التليفزيون لو لاحظ أن برنامج هاله سرحان يلاحقه مع كل ضغطة زر ويطارده على كل الموجات والترددات.
ليس مصادفة أن يطلب رأس هاله سرحان على مقصلة الشرف الرفيع فى نفس توقيت رحيل نجيب محفوظ أكبر وأهم من كتب عن الداعرات ووصف فتيات الليل فى قصصه، بل إعترف فى مذكراته لرجاء النقاش أنه زار بيوت البغاء فى شبابه!، وليس مصادفة أن يصلنى إيميل الإحتجاج على البرنامج أثناء قراءتى لخبر إنتحار أم ورضيعها من على كوبرى إمبابة لأنها ببساطة لاتستطيع الصرف عليه مثلها مثل الأم التى ألقت بإبنها من مجمع التحرير لنفس السبب!، صحيح أن كلاً منهما إنتحرت ولم تأكل بثدييها، ولكن من المؤكد أن ألآفاً غيرهن فضلن الأكل بأثدائهن على الموت، إنها إختيارات وأدعو الله ألا يعرض أحداً منا نحن المساتير لتلك الإختيارات المرة التى تذبح الحرافيش وبنات العشوائيات وساكنات المقابر والأرصفة وماتحت الكبارى والجسور.
خطأ بل خطيئة هاله سرحان أنها شاهدت وشافت أكثر من اللازم، ونحن لدينا جرعة محددة ومقننة من المشاهدة والشوفان، وسقف اللازم عندنا منخفض جداً يجعلنا نطاطى ونوطى حتى نصبح أقزاماً، وعندما يرتفع السقف نجد أن عمودنا الفقرى قد تعود وتكلس على هذا الوضع، كالطائر المحبوس زمناً طويلاً لايستطيع الطيران أو التحليق بعد فتح أبواب القفص، برغم وجود الأجنحة إلا أن جاذبية القفص تجعله يفضل أسواره فيدخله ثانية ليستلذ بالدفء الزائف، لأن الحرية ثمنها باهظ ومكلف ومجهد، وصدقنى عزيزى القارئ الحقيقة ستطاردك رغماً عن أنفك ومش حتقدر تغمض عينيك!.
إنتف نفسك وقل أنا وليه قبل أن تنتفك وزارة الداخلية!
قديماً قال فلاسفة الإغريق quot;إعرف نفسكquot; وحديثاً يقول فلاسفة الشرطة المصرية quot;إنتف نفسكquot;!، فحادثة الشاب أمجد فى كمين الزعفرانه والتى كتب عنها الأستاذ عادل حموده والتى نتف فيها النقيب quot;المرازقىquot; شعر عانة quot;أمجدquot; بعد خلع بنطلونه، أثبتت بمالايدع مجالاً للشك أن وزارة الداخلية المصرية هى خير من يطبق الشرع فهى حريصة على تحقيق خصال الفطرة ومن أهمها نتف شعر العانة أما شعر الإبط فكل مواطن مسئول عنه تحقيقاً للفصل بين الشعيرات أقصد السلطات، وبرغم إصرار سيادة النقيب على أن يبوس أمجد أقدام العساكر ويقول quot;أنا وليه quot; فقد قام بدور الماشطه والبلانة والمحففه برغم تأكده من ذكورة أمجد بدليل وجود زوجته إلى جواره، وقسم نتف شعر العانة بالوزارة قسم هام وخطير لابد أن ينقل خبراته لبوليس السكوتلاند يارد والإف بى أى حتى تعم الفائدة الجميع، وفلسفة نزع شعر العانة فى الوزارة تقوم على أنه خير وسيلة لمحاربة الإرهاب، فكما فقد شمشون قوته عند قص شعره فسيفقدها الإرهابى عند قص ماتحت بطنه، وبدلاً من صرف الملايين على الأسلحة والعصى المكهربة والقنابل المسيلة للدموع، ماعلى الضابط من إياهم إلا أن يحمل مقص وارد الصين أو موس جيليت جى تو وخلصت القصة بكسر القاف أو القصة بفتح القاف، ولهذا أطالب الحكومة بتغيير إسمها من وزارة أحمد نظيف إلى وزارة أحمد نتيف، وأهو التنتيف نوع من التنظيف برضه، فإذا كنت صديقى المواطن ممن لايطبقون الشرع ولايحافظون على خصال الفطرة فالشرطة فى خدمة النتف أقصد فى خدمة الشعب، ومن حقك بعد الآن إذا أردت أن تنتف فلاداعى لإغلاق باب الحمام عليك ماعليك إلا أن تتجه إلى أقرب قسم أو أقرب كمين من بيتك، وستجد من هم من عينة المرازقى مستعدين لتنظيفك وتنتيفك وتنفيخك وتسليكك وتوليعك، تطبيقاً لمقولة سيادة العميد ديكارت quot;أنا أنتف.. إذن أنا موجودquot;.
كوتيشن أعلى الصفحة :
اعلن المجلس الأوروبي لصادرات الأزياء والنسيج ارتفاع صادرات دول الاتحاد الأوروبي إلى السعودية والأمارات من الملابس الداخلية بمايقدر بثلاثة وسبعين مليون يورو!! أى مايساوى أكثر من نصف مليار جنيه، وهذا يفوق ضعف ميزانية وزارة الثقافة المصرية، ولذلك أقترح على الفنان فاروق حسنى والدكتور زاهى حواس أن يتم بيع الملابس الداخلية لجميع أسر الفراعنة لتسديد ديون مصر.
khmontasser2001@yahoo. com
التعليقات