من يتخيل أن مسلما كرديا يلاحقه النظام البعثي القاتل في سورية، ويتجول في بلاد العرب والمسلمين فلا يجد دولة تقبله وتقدم له الحماية؟ كل بلاد المنتمين شكلا للإسلام البعيدين عن روحه وأخلاقه مضمونا!. وعندما انقطعت به السبل جاءه الفرج والأمن والأمان من بلاد من يسميهم الجهلة والضالين (الكفار الملحدين)، وهاهو من شهور قليلة يتنفس الراحة ويشعر بالأمن في بلاد ورثة الفايكنج، في المملكة النرويجية حماها الله ونصرها على أعدائها وأعطاها المزيد من الثروة والطمأنينة. هذا المسلم الكردي هو الشيخ مرشد الخزنوي إبن الشهيد الشيخ محمد معشوق الخزنوي الذي قتلته المخابرات السورية علنا في العاشر من مايو لعام 2005، بطريقة علنية واضحة في بشاعتها ودمويتها، فقد كان المرحوم ذلك اليوم في مكتب واحد من المسؤولين السوريين عندما جاءه اتصال هاتفي، طلب الشيخ الإذن من مضيفه للذهاب لموعد طارىء، وخرج المرحوم ولم يعد إلا يوم الأول من حزيران 2005 جثة هامدة، بدت عليها آثار التعذيب بشكل واضح. هل يمكن أن يخرج الشيخ للقاء مع مجهول؟ الواضح المكشوف أن ذلك الاتصال جاءه من شخصية سورية هو يعرفها لذلك خرج للقائها وهو مطمئن ناسيا أن تلك واحدة من طرق البعثيين القتلة في سورية، القتلة الأغبياء الذين أعلنوا أنهم وجدوا جثته وأنه قتل على يد مجموعة إسلامية إرهابية بسبب أرائه الدينية التجديدية!!!. وبعد ذلك لمزيد من التمثيل أعلنت السلطات أكثر من مرة عن اشتباكات وهمية في المزة و جبل قاسيون مع إرهابيين لتغطي على إرهابها بأنها هي أيضا مستهدفة من إرهابيين إسلاميين، وكانت ذروة الثمثيليات المفضوحة الهجوم على السفارة الأمريكية حيث فجروا سيارة وقتلوا من فيها على بعد أمتار من السفارة دون أن يجرح حجر من سورها، وتكشف بعد ذلك أن المخابرات السورية هي التي دبرت تلك التمثيلية عبر وضع متفجرات في صندوقين في سيارة لواحد من العاملين في الجهاز، وطلبوا منه وأربعة من زملائه أن يوصلوا هذه الوثائق في الصندوقين لمكتب من مكاتب المخابرات في المنطقة التي تقع فيها السفارة الأمريكية، وعلى بعد أمتار منها كان فني من الجهاز ينتظر السيارة، ففجرها عن بعد وعناصر أخرى قامت بإطلاق الرصاص على السيارة بعد أن قتل الموظفون الخمسة وهم لا يعرفون شيئا عن هذه التمثيلية التي أراد النظام القاتل أن يقول للأمريكان من خلالها: تصوروا نحن أيضا مستهدفين من الإرهابيين فكيف تتهموننا بأننا ندعم الإرهاب في العراق؟. وقد أكدّ ت عائلات ثلاثة من الذين قتلوا في الانفجار كذب رواية السلطات السورية، وأن أولادهم الذين قتلوا يعملون في جهاز المخابرات السوري من سنوات!.
الشيخ محمد معشوق التنويري
كانت فرصة عظيمة التي التقيت فيها الشهيد محمد معشوق الخزنوي في أوسلو أسابيع قبل اغتياله الهمجي، إذ أدهشني بنظرته وفكره الإسلامي المتحرر من النظرة الظلامية السلفية التي تسيء للإسلام وتضعه في مواجهة مع العالم أجمع،وعلى هذا الطريق يسير نجله الشيخ مرشد، فهو من منفاه الآمن في مدينة (إستافنجر) النرويجية، يقول لصحيفة (إستافنجر بلاد):
(السلطات السورية لا تحتمل نوعين من النشاط المعارض: المعارضة الدينية والقضية الكردية، ووالدي كان يمثل الحركتين معا... الكرد في سورية مضطهدون ومحرومون من حقوقهم وعندما عبر الكرد عن رفضهم لتلك السياسة في انتفاضة شعبية كبيرة عام 2004، ردت السلطات السورية على هذه الانتفاضة بيد من حديد وعنف لا مثيل له وراح ضحية ذلك قرابة أربعين شهيدا من أبناء الكرد). كيف ينظر الشيخ مرشد للإسلام السياسي؟ يقول: (نحن نريد فصل الدين عن الدولة وعندنا دراساتنا وأبحاثنا في ذلك، وعندما أمارس عملي كسياسي لا أتعامل معه من منظور إسلامي، أنا أصلي لله تعالى وفي نفس الوقت أقبل علمي.... صحيح إن الإسلام يحتوي على مبادئ وقيم وأخلاقيات سياسية لكن هذا لا يرتقي إلى الزعم أنه لدينا إسلاميا برنامجا سياسيا متكاملا)، وهذه في حد ذاتها نظرة تنويرية جريئة من الشيخ مرشد الخزنوي، تأتي في الوقت المناسب حيث يحاول البعض أن يعيد أي شيء في العلم والاقتصاد والفيزياء والتكنولوجيا والكون للقرآن الكريم، قافزين عن أن القرآن كتاب في الهداية والأخلاق والسلوك والتعايش القويمين وليس كتابا في الفيزياء وعلوم الفضاء، بدليل أن الرسول (ص) قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ولم يقل (إنما بعثت لأتمم علوم الطبيعة والفيزياء والكيمياء) وفي ذلك أبلغ رد على المشتغلين زورا فيما يسمى (الإعجاز العلمي في القرآن الكريم) فالقرآن كتاب في الهداية والتقوى والخلق الرفيع والسلوك القويم، وليس منطقيا ولا مطلوبا أن نبحث فيه عن آية تفسر ثقب الأوزون، كما ذكّر بعض هؤلاء بقوله تعالى في آية 33 من سورة الرحمن (يمعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان)، وذلك عندما كان الأمير السعودي (سلطان بن سلمان) أحد الرواد في مركبة الفضاء الأمريكية عام 1985 وكأنهم بهذه الهلوسات يخدمون القرآن الكريم !.
مرحبا بك في بلاد السلام والمحبة
بوصولك لمكان آمن في الحضن النرويجي الدافىء، مطلوب منك يا شيخ مرشد أن تعمل بهمة ونشاط لتجذير أفكار الوالد الشهيد محمد معشوق الخزنوي الذي كان يؤمن بالمحبة والسلام ونبذ العنف والإرهاب كما سمعناه وعرفناه في كل أحاديثه وندواته... مرحبا بك تنضم إلينا في هذا الحضن الدافىء كي نواصل معا معركتنا ضد العنف والإرهاب والقتلة أيا كانت هويتهم: إسلاميون أم بعثيون أم قومجيون أم صهاينة.... وأنا على يقين أن الشيخ مرشد سيكون خير خلف لسلفه الشيخ محمد معشوق الخزنوي... فمن يعشق الوطن والحرية والعدالة والمساواة سيرشده قلبه وعقله للطريق القويم..... مرحبا بك يا مرشد!!.
ahmad64@hotmail. com
التعليقات