quot;الأحزان أكثر قيمة من الانتصارات، لأنها تفرض واجبات وتتطلب جهدا مشتركاquot; (رينان)

الجنجلوتية، مصطلح سفسطائي عراقي، بامتياز، يقوم على تداول اللعبة السردية القائمة على (أريد أروح للحمام، الحمام يريد فلوس، الفلوس عند العروس، الفلوس في القاصة، القاصة تريد مفتاح، المفتاح عند الحداد)، وهكذا دواليك، سلسلة سردية لا تنقطع. وهي المعبر عن التداخلات العراقية، فالناس تريد أمن، والأمن عند الداخلية، والداخلية تريد حراس، والحراس يريدون تدريب، والتدريب يريد استقرار، والاستقرار يهدده الإرهابيون، والإرهابيون ملثمون، وهكذا هي اللعبة التي يمكن قلبها وفق الهوى والاتجاه والتحديات والتصورات والميول والرغبات والمفاهيم، ولكن تبقى الأصول واحدة، والحق واحد، فمن يحب العراق؟ ومن يدعي الانتماء للعراق، فليقل، ومن يروم مسميا آخر، فاللحظة الراهنة هي الفيصل، من دون الوقوع في جنجلوتيات و مقولات لا يستبان منها الخيط! المسألة بسيطة، وبسيطة جدا، لا تحتاج إلى تعريفات أو مقدمات، بقدر ما تقوم على العنوان الذي يجب الانطلاق منه، باعتبار العراق الواحد الموحد، من يريد العراق فليقل نعم ومن يروم غير ذلك فليقل (من دون خشية أو استحياء). والواقع أن العديد من القوى قالت قولتها بصراحة، ولم يتبق غير موضوعة الاستفتاء، تلك التي لا يصح عليها غير وصف (قاصمة الظهر)، حين يتم توجيه الحشود في فعالية لا قوام فيها غير تفعيل للشعارات التي تحاكي العواطف والحماس السخين.

أن تعيش من دون حبايب
يطلق فوكوياما، صاحب نهاية التاريخ، سؤاله المباشر (كيف تنجح الديمقراطية؟)، ليجيب وبمباشرة يحسد عليها بالآتي:
1. اعتزاز غير منطقي بالمؤسسة الديمقراطية.
2. اعتزاز بالانتماء إلى الجماعات الصغيرة.
3. أخلاقيات عمل تقوم على الاعتراف الذي توفره للفئات الاجتماعية التي يتشكل منها المجتمع.(نهاية التاريخ، ص 15)
تعالوا سادتي الأحبة (ندير العين،بس وين الحبايب)،كما غنتها راوية بألحان رضا علي، نحن الذين نراقب من دون حول أو قوة، نمعن قليلا، ونحث البصر أو ربما البصيرة في الآتي للمستقبل العراقي، هذا المرتهن والمرهون للقدرية التي لا يستبان منها الملامح،، بعد أن تغيرت الخارطة الجينية فيه، وأصبح كل شيء فيه، يعيش على الشيء الآخر الذي لا تستبان منه الملامح أو التقاطيع. إنه المشهد السياسي العراقي، الذي يحتشد بكل شيء، ويغيب عنه أي شيء.. يكون الوضع العراقي وقد انضوى في دوامة من التشابكات والتداخلات التي تحتاج إلى الأقل القليل، أو الحد الأدنى من فكرة الموقف، من هذا العراق، الذي يزعم الجميع بالانتماء إليه.نعم(يزعم و من دون مزايدة على أحد) فالظرف التاريخي لعراق اليوم بات في أحوج الحالات إلى تمييز المواقف وتحديد الإشكالات والظروف المحيطة، فنحن (كمواطنين عراقيين) بتنا لا نعرف رأسنا من أقدامنا وسط هذا الذي ينذر بالآتي من الأيام باللا معنى و اللا جدوى واللا غاية، سوى غاية ذاك الطرف الذي يتحصن بالضد من الطرف المقابل!
حسنا نعود إلى الـ (نحن) ونقول أين نحن من كل هذا؟ و ما الذي علينا فعله، هل نكتفي، بترداد مفردة (موافج) التي كان يتردد صداها في البرلمان العراقي، حتى باتت نكتة، يتداولها الصغار قبل الكبار، أم حين أعلن صدام مبادئ ميثاق الدفاع العربي المشترك، في ملعب الشعب، والطريقة التي نادت فيها الحشود موافقون على الجملة التي نسي فيها وضع كلمة لا!! ليكحلها و على عادته بـ (عفية)، طبعا (لا)!!! أم أن الواجب التاريخي والوطني، يدعونا إلى تمييز مفاصل الأحداث، ونحدد موقفنا، باعتبار أن الإنسان يمثل موقفا.وكيف يمكن تكييف كارثة التمثيل الشرعي الذي ابتلينا به النحن، حين يجروء البعض الأقل منا لسؤال السياسيين، حتى لينبري لنا أحدهم قائلا ؛ أخي... (ترداد مفردة أخي وتقمصاتها الأخوية العميقة!!!) هذه حكومة تستمد شرعيتها من الانتخابات، إنها حكومة الثورة البنفسجية.(وبالمناسبة هناك إعراض ملفت عن استخدام مفردة البنفسجية تلك).

حين تركوا الأصبع وحيدا
في البحث عن الرمز الذي يمكن له أن يوحد العراقيين، سعى فيصل الأول نحو تعميم غطاء الرأس الذي عرف بـ (السيدارة الفيصلية)، وإمعانا في الترويج لها، تم تداول أغنية (يا حلو يابو السيدارة)، وتميز الشيوعيون باللون الأحمر، وأنشدوا للون الأحمر أناشيدا كثار، والبعثيون تغنوا باللون الأخضر، فيما جاء الديمقراطيون بالإصبع البنفسجي، من دون أن يغني له أحد!!!! الذي تلاشى وغاب، ولم يعد أحد يذكره من قريب أو بعيد. وفي خضم السؤال عن لعبة السيميولوجيا وصراع الرموز، ألا يلفت الانتباه موضوعة عدم الاتفاق على علم واحد يميز البلاد، ولماذا هذا التعطيل والتردد في وضع تصميم للعلم العراقي، هل جفت قرائح الفنانين والمبدعين، أم أن موجها خفيا يحث نحو أمر ما؟
نأتي إلى الجماعات الصغيرة، لنتوقف عند مسألة تداول المعنى لدى العراقيين. فمن هو العراقي اليوم؛ السني أم الشيعي أم الكردي أم الصابئي أم التركماني أم الشبكي أم الأيزيدي، أم المسيحي أم وأم وأم (ومليون ألف أم؟!!) وما الحكاية وما الأمر وما المصير وما الجدوى وما هو الهدف وما هي الغاية من كل ما يجري، هل هي المصادفة التي جعلت من العراقيين يتجزؤون على حين غرة، أين هو العراقي الذي كنا نعرف، ولم نعرفه اليوم، أين أصبح، هل العراقي الصميم والحقيقي، هل مازال في العراق، أم تنحى صوب المثلث السني والمثلث الشيعي والمثلث الكردي، في لعبة تحويل المكان إلى متواليات هندسية. ومتى تفجرت في رأس العراقي رزايا الطائفية وتبعات العرقية والعنصرية، هل هو الإرث التاريخي الطويل، أم الصراع العثماني الفارسي، أم تركات الإدارة العثمانية،أم إدارة الانتداب البريطاني، أم تبعات العهد الملكي، أم الجمهوري أم الصدامي أم الديمقراطي؟!

سلطة المكان لدى محمود أبو العضلات

ما أكثر جماعاتنا الصغيرة، وما أكثر صدوعنا الثقافية والحضارية! فكيف بنا ونحن نعيش حالة الراهن الذي صار فيه الجميع يتحدث فيه بلغة الأخوة، وليس بلغة المواطنة، إنه الحال الذي يذكرنا بموقف الشقي (محمود بن العورة) حين وقف على باب المقهى شاهرا قامته(نوع من السيوف المحلية الصنع في العراق) متوعدا الجالسين، صائحا؛ ((الذي يسكن قرب بيت أم بدر الخبازة، ومن هذي الصفحة، يبقى جالسا في المقهى، و الباقين يطلعون، وإلا!!!!!!!))، إنها الحدود التي يضعها محمود بن العورة لرسم حدود إمبراطوريته القائمة على العضلات، وهي الحدود التي يتقمصها حمدان أبو الدراهم بناء على مصالحه وعلاقاته، وهي البلايا والمصائب التي ابتلي بها المواطن النظامي، الذي كان يحث أبناءه على الانتظام والأدب والالتزام، (واقرأ بابا حتى تنجح ويصير براسك خير) ليجعل منهم ضحايا وسط شريعة الذئاب.آكلي الكباب،تاركين الناس للعجاج والتراب والإرهاب.ويبدو أن فرص العراقيين لم يتبق منها سوى تقليب الليل مع عميدة الغناء الغجري خالدة الذكر (حمدية صالح) تلك التي قلبت الليل إثنتا عشر (تجليبة) من دون أن تدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية و (هجع)!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية