مع دخول خطة أمن بغداد التي تعول عليها الحكومة العراقية خطوات بناء المستقبل حيز التنفيذ يكون الحديث عن ضرورة نجاحها بمثابة نافذة الأمل الوحيدة المتبقية للحفاظ على النوع العراقي و لضمان الوحدة الوطنية العراقية وسط الرياح العاصفة العاتية القادمة من مختلف الإتجاهات لتعيث في أرض و شعب العراق فسادا و لتجهز على وطن تعاقب عليه السفاحون و القتلة و سقط متاع القوم من الحكام، و لعل نقطة الضعف الملموسة منذ بداية العمليات تتمثل في الإغلاق المؤقت للحدود مع إيران و سوريا، وهو إغلاق لا فائدة حقيقية منه إذا كان مؤقتا ؟ بل ينبغي إغلاق تلك الحدود و المنافذ التي تتدفق منها قوى الشر و الضلالة حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود من فجر الحرية و الأمان و الإستقرار، وقد كثر الحديث مؤخرا عن أدوار مفترضة لنظامي الحكم في طهران و دمشق للتآمر على الوضع الجديد في العراق، و تبارى المتبارون و العملاء و الجواسيس في عرض بضاعتهم الفكرية الرديئة و حججهم الثبوتية المتهالكة، و أجتهد القوم في تبرئة أولي الأمر في طهران خصوصا من شرور ما يحدث من حرب إبادة شاملة ضد البشرية في العراق ولم يخجل هؤلاء وهم يدافعون عن نظام وليهم الفقيه من إعلان عمالتهم و تآمرهم على الشعب العراقي المسكين بحجة الدفاع عن العقيدة و المذهب ؟ وهي حالة مريضة من حالات تدهور الولاء الوطني في العراق و الذي جعل من (جحوش) دمشق و طهران مستنفرة للغاية في الدفاع عنهم و القفز على كل الحقائق الثبوتية و الأدلة الدامغة العقلية و النقلية التي تدين مواقف أجهزة تلك الأنظمة الأمنية و السرية و التي تعمل بنشاط لتنفيذ مشاريع التخريب الفظيعة في العراق و جواره وهنا يجب أن لا ننسى لبنان الصغير الجميل و مايدور فيه من حلقات تآمر مفزعة تحاول تشويش الصورة في المنطقة و خلط الأوراق وحرف مسارات التحقيق ؟ وهي كلها حركات معروفة و مشخصة و لا تنطلي أساليبها المخادعة على أحد!.
الدور التخريبي الإيراني في العراق هو دور سرطاني خبيث قد تغلغل في نخاعات العراق و مراكزه العصبية ومبعث خطورته هو إستغلاله البشع لحالة الإصطفاف و التوتر الطائفي و دخوله للعراق من خلال بعض القوى السياسية التي هي في السلطة حاليا و التي تعمل بوجهين مخادعين أحدهما للإستغلال الداخلي و الآخر للعرض الخارجي وهي قوى نمت و نشأت و تربت في الحضن الإيراني و تمارس أدوارا خبيثة و مخاتلة في داخل العراق و بالشكل الذي سمح للأجهزة الإستخبارية الإيرانية بالتغلغل الفظيع و بث عناصر الحرب الطائفية و نقلها لحرب نظامها الدفاعية ضد الغرب للعمق العراقي ليكون العراق هو خط الدفاع الإيراني الأول في أي مواجهة محتدمة مع الغرب و التي تسعى لها بعض الدوائر الإيرانية المتطرفة عقائديا التي تراهن على ظهور (المهدي) وسط ركام الدخان و الحرائق و الدم و الدماء تكريسا لتلك النظرية الخرافية التي تراهن على حياة الشعوب و دمائها! و ما تلك الهوجة (المهدوية) الخرافية السائدة في العراق إلا إنعكاسا فظيعا و مباشرا لتلكم التوجهات المريضة و المعبئة بكل تخلف التاريخ و طلاسمه الميتافيزيقية!!، و لعل إنهار الدماء الشعبية التي أستبيحت في الهوجات المهدوية الأخيرة التي حدثت في العراق تعطي للمرء قكرة مبسطة عن سيناريوهات الرعب و الدمار العقائدية التي يريد الإيرانيون سوق الناس و البسطاء و المحرومين و المغرر بهم إليها، وهي موجة سرطانية مفزعة تمارسها قيادات تلكم التيارات التي تستغل ظروف الناس البائسة و فشل الأحزاب السياسية في تسيير الشأن العام لتدس تلك المفاهيم الغريبة كل الغرابة عن روح الأسلام البسيطة و البعيدة كل البعد عن عوالم الميتافيزيقيا الشرقية الزاعقة، وهنا تتحمل الإدارة الأميركية مسؤولية كبرى في عرض الوثائق و الأدلة التي تفضح الدور الإيراني من خلال المعلومات التي حصلت عليها من عملاء الحرس الثوري أو من العملاء العراقيين المحليين كقادة جيش المهدي و غيرهم، قولوا لي بالله عليكم ماهو الدور الذي تلعبه أحزاب و مسميات مثل (حزب الله و ثأر الله و بقية الله) و غيرها سوى أن تكون دكاكين بل مخافر متقدمة لتسويق النموذج الإيراني البائس و الفاشل في العراق ؟ و كيف تراجعت التيارات الليبرالية العراقية الحرة أمام تلكم التيارات حتى أضطر بعضها لإعتمار العمامة نفاقا و تزلفا من أجل النفاذ برأسه و العيش وسط بلد إنتقل من حكم الفاشية البعثية لتسلط الفاشية الدينية و المذهبية في واحدة من أبشع المتغيرات في التاريخ ؟ أي عملية سياسية وأي ديمقراطية يمكن أن تبنيها أو تحميها تلكم التجمعات العصابية ؟ إزالة الغدد السرطانية من الجسد العراقي الواهن تحتاج لعملية كبرى لتحرير الإنسان و الإرادة الوطنية في العراق، و لاشيء يضمن نجاحها في ظل وجود الأحزاب و الجماعات المستهلكة التي إنتهت صلاحيتها الفكرية و الوجودية.
أما النظام السوري الذي يصارع الزمن للحفاظ على رأسه وسط مؤشرات تنبيء بقرب الرحيل فإن خياره النهائي و الحاسم كان في الوقوف بجانب الجماعات البعثية/ التكفيرية ومن خلال إيواء العناصر الإرهابية الحاقدة من بقايا السلف البعثي الطالح التي عقدت مؤتمرها القطري و بحضور المئات من إرهابيي البعث العراقي في مدينة حمص في محاولة يائسة لإعادة التاريخ للخلف لمرحلة الستينيات أيام كان البعثيون يعقدون مؤتمراتهم المدعومة من مخابرات الغرب ليهيمنوا بعدها على السلطة في سوريا أو العراق من خلال إنقلابات القصر العسكرية وهي مرحلة ولت و لن تعود، ولكن العجب يتمثل في الضعف البنيوي للحكومة العراقية وهي تعلن مواقف خجولة من أنظمة قررت المضي حتى النهاية في تدمير العراق و الإجهاز على شعبه وإعادة عجلة الأمور للخلف، و أعتقد أن مسؤولية السلطة العراقية كبيرة للغاية في دعم المعارضة السورية في جماعة الخلاص الوطني أو أي جماعة سياسية أخرى دعما حقيقيا و فاعلا من أجل تغيير الأوضاع في دمشق وفتح نوافذ الحرية هناك، و التاريخ لن يرحم العملاء الذين يفضلون مصالحهم الشخصية على دماء شعوبهم، دعم المعارضة السورية بكل الوسائل العملية و الكفيلة بإنجاز مهمتها هو واجب إنساني ملح يجب أن تتبناه القيادة العراقية إن إرادت الإستقرار في العراق! و النظام السوري الحالي لن يستريح إلا وهو يرى النيران تجهز على العراق بالكامل و أعتقد أن الموقف قد تجاوز كثيرا خانة الأقوال و التنديدات و الإستنكار ليصب في المجرى النهائي و الحاسم وهو مساعدة قوى الشعب السوري الحرة في التخلص من جلادي دمشق التاريخيين... فهل يفعلها أهل الحكم العراقي أم أنهم سيظلون في حالة خنوع لسنوات و أيام التخادم السابقة.... السرطان الإيراني و الخبث الإرهابي لنظام دمشق لن ينحسرا بالتمنيات وحدها... من سيحرك عجلة التاريخ المعطلة..؟ تلك هي المسألة....
التعليقات