التطرف الديني والمذهبي عائق حقيقي أمام بناء الدولة المدنية الاتحادية
ما تجاوز حد الاعتدال صار تطرفاً، ولايمكن بأي حال من الأحوال أن يحل الاعتقاد بالإكراه بديلا عن الاقتناع والأيمان، والأكراه باطل لاينتج اثرا وبالتالي فأن كل التزامات يجبر عليها الأنسان لاقيمة قانونية لها، وفي الفكر تشكل عجزا ملموسا في نفسية وسلوك من يقم بتلك الأفعال.
الاديان السماوية حلت لتوحيد النفوس البشرية وجمعها وقيادتها من خلال أيمانها بالخالق العظيم أو بالرسالات التي جاء بها الأنبياء والرسل والمصلحين، وتسعى تلك الأديان لتأسيس مجتمعات تتجسد فيها معاني الخير والمحبة على أساس التعايش السلمي والتسامح والتكافل الاجتماعي وبما يكفل حق الإنسان في الحياة وحماية حقوقه وكرامته، وبهذا فأن المنظور العام لسعي الأديان والحركات الإصلاحية تجسد الغاية لتحقيق المساواة وسيادة القانون والسلام المدني والعدالة الاجتماعية بين البشر، ووفق هذه الغاية يتم احترام حرية الإنسان وحقوقه السياسية والثقافية والاقتصادية والعمل على صيانة كرامته الإنسانية بغض النظر عن جنسه أو لونه او دينه، وشكلت تلك الأسس الحقوق التي يتساوى بها البشر من خلال عالم يضمن حرية الإنسان وعقيدته وتحرره من الخوف والفاقة والظلم، يتناسب مع الحياة الإنسانية كأسمى ما ترنو إليه النفس البشرية، بأعتبارها الغاية الأساس التي يسعى اليها البشر.
وجميع المجتمعات في المنظومة البشرية تعيش وفق أيمانها الروحي والمادي بالديانات التي تؤمن بها، وتتنوع تلك الديانات والمعتقدات وتتعدد، بل وتتفرع تلك العقائد من خلال الاختلاف في الرؤية، غير أنها جميعا تسعى الى أصلاح النفس البشرية وتدعو للتسامح والمحبة وتدعو أيضا للسلام وضمان حقوق الناس، وضمان الحياة الإنسانية وفق قيم الخير والعدالة، ولاديانة ولا حركة أصلاحية تدعو للتمسك بمباديء الشر او الأضرار بالنفس او بالغير، وفق تلك القيم فأن جميع الديانات تتعارض مع مبدأ الغلو والتطرف، وتتناقض مع اللجوء الى القسر والقوة والإرهاب في الممارسات التي يلجأ اليها المتطرف دينيا أو مذهبيا.
كما أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حرية الفكر والوجدان والدين أو المعتقد الذي يختاره الإنسان، وحريته في أظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفردة أو مع الجماعة، إمام الملأ أو على حدة ( المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 في 16 كانون الأول ( ديسمبر ) 1966.
والدين منظومة أخلاقية تعبر عن معاني روحية تتعلق بالعلاقة بين الإنسان وبين الله، والديانات التي انتشرت في كل زمان ومكان جميعها تسعى وفق هذا المنظور الى رسم الأطر التي يعيش بها البشر بسلام ومحبة وصفاء وأنسجام، هذه المنظومة لايمكن لها إن تميل أو تتطرف لأنها تفقد وسطيتها وتعارض حيادها، وتبتعد عن مبادئها الأخلاقية العامة التي تؤكد عليها سواء في نصوصها المقدسة أو في الأحاديث المقدسة أوفي التعاليم المرسومة التي خطها الأولياء والمفكرين.
التطرف استلاب لحق الأخر وخرق فاضح لحقوق الإنسان ويشكل عائق حقيقي وخطير إمام تأسيس وبناء الدولة المدنية الاتحادية، والتطرف لاتكمن خطورته في عقل من يمارسه أنما من خلال عملية فرضه على الآخر قسرا، وبهذا فأنه يتجاوز على حق الإنسان في الاعتقاد وأنتهاك صارخ لإنسانيته، بالإضافة الى إن خطورة التطرف الديني والمذهبي تكمن في توسعه من خلال رد الفعل الذي يمارسه الطرف الأخر، ويتناقض بشكل خطير مع سعي الأديان لإحلال المحبة والسلام والتعايش السلمي بين المجتمعات، ويتعارض مع صيرورة الأديان كمنظومات تسعى لتأسيس حياة تحددها تعاليمها، وتدعو لعمل الخير وضمان الحق والمساواة وتأسيس دولة القانون والحفاظ على كرامة الإنسان.
والتطرف يجد أرضيته منسجمة مع التخلف وانعدام الوعي الثقافي والسياسي، ويشكل انغلاقا فكريا وسلوكا خطيرا يكمن في الانحراف الى أقصى ما يمكن من الاعتقاد المذهبي أو الديني يمارسه المتشدد، ولايمكن إن نتصور التطرف دون وجود مصدر أو منابع لتأسيس ظاهرة التطرف والسعي لتجاوز حد الاعتدال والمقبول، وعندما نتحدث عن التطرف ينبغي أن نميز بين مستويين، مستوى الفكر المتطرف مجردا وهنا يصبح التطرف مرادفا للغلو والتشدد، وبين مستوى الممارسة العملية حيث يصبح التطرف مرادفا للإرهاب.
وكنتاج للتطرف المذهبي أو الديني يتسم العنف الناتج بكثرة وتنوع أسبابه، أذ تترابط وتتداخل العديد من هذه الأسباب ويعود الكثير منها إلى المجتمع نفسه من حيث ممارساته وظروفه ونشأته والسلطات التي مارست قسوتها عليه، كما يكون للعامل الاقتصادي والوضع السياسي والاجتماعي أسبابا مهمة أخرى، ويكون للفهم الخاطئ والمشوش لأسس الدين أو المذهب وتوظيفها لغايات شخصية ومصالح ذاتية دورا أكثر خطورة في هذا المجال، ولهذا فأن التمسك بالطقوس البعيدة عن منهج الدين أو التي تمثل التطرف المذهبي أو الديني يشكل نوعا من التشويش والخطأ في الممارسة الطقسية تدفع لإبراز صور التطرف، بالإضافة الى التحريض والسعي باتجاه كراهية الأخر يشكل خطوة من خطوات التطرف المذهبي أو الديني.
وتأتي مهمة رجل الدين قبل مهمة أي شريحة أخرى في مواجهة التطرف لتجاوزه وإعادة الاعتدال والقواسم المشتركة في بناء حياة الناس، ضمن المهمة الإصلاحية والحيز الإنساني الذي رسمه الدين له.
من الممكن إن يكون هناك دورا مهما لرجل الدين ضمن الحياة السياسية، ولكن الأمر سيبدو خطيرا حين يتم خلط الدين بالسياسة، أو بمعنى أخر توظيف الدين لخدمة السياسة، واستخدام المفردات المقدسة لرسم التطرف في العقل البشري، واستغلال تلك الوظيفة أو المركز الذي يحتله رجل الدين لهذا الأمر.
ويأتي التطرف من خلال سحق تلك القيم التي تضمن حرية العقيدة والمنهج، وحق الإنسان في الاختيار، وبالتالي إرهابه فكريا ونفسيا من خلال تلك الممارسات المتطرفة والخطيرة في الحياة.
لرجال الدين حرمتهم ومكانتهم ودورهم الإصلاحي والتنويري في المجتمع، وكانت لبعضهم أحيانا آراء في السياسة يعبرون عنها كمواطنين حين يتجردون عن دورهم الديني، فهذه الآراء تعبر عن فكر الشخص ولا تعبر بالضرورة عن موقف الدين من السياسة، ونأى رجال الدين عن المطالبة بتسلم السلطة أو احتراف العمل السياسي في الغالب، باعتبار إن المهمة التي القيت على عاتقهم تتعارض مع الخلط بين تلك المفاهيم، فلرجل الدين واجباته الروحية والأخلاقية في وعظ الناس ودعوتهم للخير والصلاح والأخوة والمحبة والتمسك بأسس الدين وفق مفاهيمه الإنسانية، وحثهم على تجسيد تلك القيم الخيرة في الممارسة والسلوك اليومي.
يعتمد بعض من المسلمين على فتاوى فقهاء الدين التي تيسر لهم حياتهم والتزاماتهم وتساهم في حل إشكالاتهم الفقهية منها والعملية، ويلتزم منهم وفق ما ترسمه تلك الفتاوى فعلا وقولا، ولرجال الدين الفقهاء الدور الأساس والمهم في تبسيط تلك الفتاوى والمسائل، من خلال الدراسات التي تبسط أمور الدين،وتبصر الناس في معاملاتهم وقضاياهم الشرعية والمشكل من الأَحكام بما ينسجم مع الإطار الإنساني العام للدين، من خلال الفتاوى والإرشادات التي ينشرها علماء الدين وشيوخه، بالنظر لما يكنه المجتمع الإسلامي من تقدير لتلك الفتاوى التي يصدرها رجال الدين، بالإضافة الى مكانتهم المهمة في بث روح الوحدة ولم الصف والدعوة للمحبة والتآخي والسلام،والإشارة الى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إلا إن استغلال تلك الفتاوى ضمن دائرة التطرف المذهبي والديني يشكل نوعا من الإرهاب النفسي والفكري، فتكفير الآخروأستباحته تطرفا لايقره الدين ولاألاسس التي يقوم عليها، ويتعارض مع كل القرارات التي تنادي بحقوق الإنسان والتي أجمع عليها المجتمع الدولي، ويتجاوز التكفير الى الدعوات الإرهابية لقتل الآخر في صورة تجسد توظيف الدين بشكل خاطئ نحو الممارسات الإرهابية خدمة غير مشروعة للأغراض السياسية.
وعلى هذا الأساس فأن كل من يصدر فتواه بتكفير الآخر مهما كانت فرقته اوطائفته فإنما يزيد النار حطبا ويساهم في إشعال نار الفتنة والفرقة والأحقاد بين المسلمين، وبهذه الفتوى التي لاتقرها الشريعة ولا تدعمها الوحدة ومتطلبات الحوار والتقارب بين المذاهب الإسلامية، تسهم بشكل أكيد في نشر وتثبيت معالم ثقافة الإرهاب واعتماد الوحشية والأساليب المتخلفة في حل إشكاليات الاختلاف في العقائد والأفكار، وتلغي لغة الحوار والإقناع حين يستباح دم الإنسان بجريرة المذهب أوالدين وتحت تحريض واضح وصريح من رجل الدين مهما كان مذهبه ؟ مما يجعل ذلك التحريض جريمة شرعية وجنائية يعاقب عليها القانون.
ولذا فأن موبات التطبيق القانوني تلزم الجهات التي تعمل من اجل حماية المجتمع من الجريمة والمجرم، ان تتخذ الأجراءات القانونية بحق كل رجل دين يصدر فتوى اوتوجيه بالقتل او يدعو الى أي تصرف يحدث ضررا بالآخر، سواء بالدعوة الى القتل أو أجبار أي انسان على تغيير معتقده ومذهبه بالقوة والأكراه أو أجباره على ترك مسكنه ومحل اقامته، مهما كان تبريره واسبابه، وان تقم السلطات التحقيقية بالقبض عليه وأتخاذ الأجراءات القانونية بحقه وفقا للأصول، وعلى أساس ان الدولة القانونية ليس فقط تقوم بتطبيق القانون على الجميع، وانما تقوم بحماية المجتمع من الجريمة والمجرم، وتشكل تلك الفتاوى تحريضا واضحا وعمليا ينتج أثره السلبي على حياة المجتمع.
ويقينا أن الفتاوى المذكورة بصرف النظر عن كونها تشكل تحريضا واضحا وصريحا على القتل، فأنها تشكل دعما للإرهاب الإنساني، ودعوات تهدد السلام الاجتماعي العالمي، وتساهم في نشر الكراهية والحقد بين الناس وتعيق التقدم الإنساني حيث تتوقف عملية البناء مع انتشار تلك الأمراض الخطيرة.
أن الدعوات الدينية والمذهبية المتطرفة تدعو للممارسة والسلوك الذي يتنكر لتلك القيم والمثاليات التي يوجبها الدين، وبالتالي فأنها تعد خروجا عليها وممارسات إرهابية خطيرة. من الواجب الانتباه إلى أن للتطرف الديني أو المذهبي صفة استثنائية وظرفية في غاية الأهمية، أذ يتم غالبا استغلاله سياسيا باستخدام العنف وبالتالي ينتج كل تلك الآثار الخطيرة على وضع واستقرار وحياة المجتمع.
والتطرف المذهبي يبرز من خلال الطائفية وهي سمة من سمات التخلف الفكري والسياسي والديني أيضا، وتعبير واضح عن حجم التخلف واستغلاله من أجل إشعال فتيل الفتنة ونشر وباء التطرف المذهبي لغايات ذاتية المقاصد والأهداف، سواء كان المتطرف رجل دين أو سياسة فهما يتجردان من نبل المقاصد باتجاه الدفع الى التناحر والحقد والكراهية.
ومن اجل وضع الأسس التي يمكن معها معالجة جذور التطرف وتجاوزه، تقع على عاتق جميع القوى السياسية والمثقفين مهمة التنوير ونشر الوعي الثقافي والسياسي من خلال قواعدها، فلا يمكن للتطرف المذهبي أن ينتشر مالم يكن هناك تخلف فكري وانحسار في الوعي الجمعي وتراجع في دور المثقف العراقي، كما لايمكن للتطرف إن يقف أمام دور الدولة، والتي يستوجب الأمر إن تكون دولة القانون، أذ أن أي خروج على القانون قد يؤدي إلى أسوأ أنواع التطرف والإرهاب، ولهذا ينبغي إن تتمسك ويتمسك معها من يريد السعي لمواجهة التطرف المذهبي والديني لتفعيل النص الدستوري الذي يضمن حرية العقيدة ومساواة العراقي مع الآخر إمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي الاقتصادي أو الاجتماعي، وبهذا نضمن تحديد مساحة التطرف التي يقيدها النص وبالتالي فانه يستطيع تجاوزها والسيطرة عليها.
وعلى هذا الأساس ينبغي إن تكون الدولة لجميع العراقيين دون تمييز، ولا تمييز لأحد دينيا أو مذهبيا، وبذلك تنسجم مع نصوص دستورها، ومع لوائح حقوق الإنسان، ومع نصوص أديانها المقدسة، وتبتعد عن عوارض التطرف المذهبي التي يمكن إن تنتج فكرا إرهابيا هجينا وخطيرا، لايوقف البناء فحسب بل يمكن إن يدمر الإنسان فوق ماناله من دمار نفسي في ظل الدكتاتورية وما بعدها.
يجب التأكيد في هذا المجال على أن العمل على مواجهة التطرف وإزالة أسبابه المؤثرة ليس من مهمات الدولة فقط، - وليست مسؤولية الهيئة التشريعية أيضا، بل هي قبل ذلك مسؤولية المفكر والسياسي و التربوي ومسؤولية المثقف ومسؤولية عالِم الاجتماع وعالِم السياسة بالتالي فأن المسؤولية تضامنية من اجل تخليص العراق من وباء الطائفية، لذا يجب العمل على أساس حالة الاعتراف المتبادل والتسامح بين المذاهب والأديان والأقرار عمليا بهذا التعدد الديني والمذهبي.
البطالة وعدم توفر فرص العمل تخلق البؤرة المناسبة لانتشار التطرف المذهبي واللجوء الى تلك الممارسات الإرهابية أذ غالبا ما تجد لها الأرضية المناسبة بين العاطلين عن العمل والعاجزين عنه لأي سبب آخر، كما أن الإحساس بالظلم المفرط وشحذ روح التشفي والانتقام بين شرائح واسعة من المجتمع، غالبا ما تكون شريحة المعدمين والفقراء والذين تقل ثقافتهم ومعرفتهم بالأسس الحقيقية للدين، مما يؤثر عليهم نفسيا وتسهل عملية انقيادهم واستغلالهم، وتلك الشريحة يمكن النفاذ اليها من خلال نشر الثقافة القانونية وتوسيع قاعدة المعرفة الشعبية وبمصاحبة التطوير الاقتصادي لمناحي الحياة الاجتماعية، وتعويض الحرمان والتأكيد على ضمان الحقوق والحريات الدستورية، وإشعار تلك الشريحة بقيمتها ووزنها وأهميتها في المجتمع العراقي.
أن التركيز على الضحايا نتيجة لتأجيج التطرف المذهبي أو الديني في العراق، وتسليط الضوء على حجم الخسائر الإنسانية، وما سينتجه المستقبل إذا بقيت الطائفية والتطرف متلازمة مع الحياة العراقية، ودعوة الباحثين وعلماء النفس والاجتماع لتقديم بحوثهم ودراساتهم في الأعلام، ومحاولة توظيف الأعلام العراقي في هذا الجانب للمساهمة في مواجهة الظاهرة، وبالإضافة الى تشخيص جريء ودقيق لدور الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب والجماعات المسلحة، التي تشكل جيشا مستقلا خارج عن القانون، سواء منها ما تشكلت كنتيجة لرد الفعل أو للمطالبة بأي شعار آخر، فأنها تشكل عنصرا أساسيا وخطيرا في بقاء حالة التوتر الطائفي والمذهبي، مما يوجب الأمر أن تكون المعالجات أكثر جدية وجرأة، ويجب الحد من الممارسات القمعية التي تمارسها الجهات المسلحة التابعة للأحزاب الدينية التي عليها إن تركن الى إدانة تلك الممارسات وردع القائمين بها، وتمكين أجهزة الدولة إن تتخذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبي الجرائم بحق المواطنين، مهما كانت منزلتهم ومكانتهم في تلك الأحزاب، ومهما كان تبرير ارتكاب الفعل المخالف للقانون، واستنهاض وعي المواطن من خلال تعاونه مع أجهزة الدولة في تطبيق القانون واستتباب الأمن أذ لايمكن خلق بدائل عن الدولة، كما لايمكن مخالفة نصوص الدستور في إلغاء حرية المواطن في الفكر والعقيدة والضمير، أو في جميع الحريات التي نص عليها الدستور وضمنتها القوانين النافذة، وان تتحمل القوى السياسية دورها في هذا المجال من خلال موقف وطني جاد لتجفيف جذور التطرف، والتمسك بخطط تتطلبها مواجهته لحماية الإنسان في العراق.
وليس فقط الصدق مع النفس والمصداقية في السعي باتجاه مواجهة التطرف المذهبي أو الديني في العراق، وإنما في إن نكون أكثر جرأة في تشخيص الخلل ومكامن الخطورة في مجتمع تهيمن عليه القيم المتخلفة والازدواجية الناتجة من تسلط الدكتاتورية لفترة غير قصيرة خربت بها منظومة القيم الاجتماعية والنفسية والفكرية.
الطريق السليم في متطلبات مواجهة التطرف ليس في إيجاد سبل إطفاء حرائق الطائفية، لأن هذه السبل مؤقتة مرتبطة بظروفها لا تلبث بعد حين حتى تلتهب من جديد بالنظر لقدرة التطرف على التناسل مع وجود الظروف المواتية لبقائه جمرا تحت الرماد، و الطريق الأكثر ضمانا هو طريق الانتقال إلى الديمقراطية السياسية والاقتصادية العادلة وتطبيق معالم دولة القانون حتى يمكن إن تكون الخطوات التي نواجه بها التطرف ثابتة وعميقة ومؤثرة لاترتبط بظرف معين.
التعليقات