توالى أنباء اضطهاد وقتل المسيحيين في الموصل ومدن عراقية أخرى. آخر هذه الأنباء المفزعة قتل الأب رغيد عزيز وثلاثة من مساعديه في أحد أحياء الموصل بعد إيقاف سيارتهم في الطريق واغتيالهم بكل خسة ونذالة.
إن هذه ليست المرة الأولى لقتل رجال الدين المسيحيين. ففي أكتوبر الماضي تم خطف وقتل الأب بولص إسكندر، وفي نوفمبر اغتال المتطرفون الإسلاميون رئيس الطائفة البروتستانية في الموصل. كما نعرف اضطهاد المسيحيين والصابئة المندائيين في البصرة وبغداد، وحرق الكنائس.
إن العراقيين عموما في محنة كارثية وجحيم، ولكن الأقليات الدينية والنساء هم الأكثر تعرضا للمطاردة وعمليات الإسلاميين السنة والمليشيات الشيعية. إن جحيم هذه الضحايا البريئة مزدوج..
الملحوظ أن هذه الأعمال الوحشية تمر يوميا دون أن نجد من كل المسؤولين في الحكومة والغالبية الساحقة من القيادات السياسية ورجال الدين أية إدانة حازمة، وأي إجراء لوقف نزيف مسيحي حمل معظم مسيحيي العراق للهجرة لبعض دول الجوار العربية.
إنه لا الحكومة ولا القيادات السياسية أعارت انتباها لهذه الظاهرة التي تعني تفريغ العراق من بعض مكوناته الأساسية، ممن سكنت العراق منذ قديم الزمان، وساهمت في قيام العراق الحديث وفي كافة النشاطات السياسية، والفكرية، والعلمية، والاقتصادية.
إن كل حزب حاكم لا يبالي بغير المصالح الفئوية للطائفة أو القومية التي يمثلها، في حين أن محاولة إبادة المسيحيين في بغداد والبصرة والموصل تنطوي على عواقب وخيمة على مجموع شعبنا ومستقبل البلد.
الملاحظ أيضا أن الأمريكان لم يشيروا لهذه المشكلة العراقية الكبرى عند مسحهم للوضع العراقي، وإن تقرير بيكر ndash; هاملتون نفسه لم يشر إليه رغم الإشارة لخطورة الصراع المذهبي الطائفي. وأكثر من ذلك لم تعر القوات الأمريكية في بغداد والبريطانية في البصرة جدية تجاه بدايات اضطهاد المسيحيين منذ الأيام الأولى لسقوط صدام، وقد نقل صحفيون أمريكان في البصرة كيف كانت القوات البريطانية ترد على شكاوى أصحاب محلات الخمور بأنه لا يمكن التدخل في شأن ديني!
ليست هذه المرة الأولى التي نكتب فيها عن هذا الموضوع الخطير والحار، فمن قبل، ومنذ العام الأول، نشرنا مقالات عديدة عنه، كما نشر عدد من الزملاء الكتاب مقالات مماثلة، ولكن الحالة المأساوية مستمرة، والحكومة العراقية، من رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء وبقية المسؤولين، يتصرفون وكأن شيئا ما لم يحدث، غارقين في صراعاتهم وحساباتهم الفئوية، وهذا مؤلم جدا ومؤسف تماما.
إننا ندعو كلا من السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء والسيد السيساتي إلى استنكار عام وحازم لهذه الموجة الظلامية، التي تطال إخوانا لنا في المواطنة ووحدة المصير.