إذلال عربي بجدارة
سأمتاح البحور فجنبيني أذات اللوم واجتنبي امتياحي(جرير)
منذ وقت وأنا أرقب تعليقات قراء إيلاف، لأترصد قياس درجة الكراهية، لدى القارئ العربي، هذا الذي يسفح من وقته الثمين سبع دقائق للقراءة في السنة!!! بحسب آخر الإحصائيات الدولية لقراءة الشعوب، ووسط اللهاث والصخب والصراع، والانقسام المرير، والتوزيعات العرقية والطائفية، والقتل المجاني على الهوية، راح العربي، يفصح عن ذاته عبر منبر الإنترنت، و ياله من إفصاح بين تقذيع وترويع، وتسفيه وتقريع، وتضخم أو تورم للذات.تعليقات ملؤها المزاجية.
القدح والردح
في لحظة تجل كتب أحدهم تحت مسمى ((ناقد) ولا أعلم من أين استقى هذا التوصف الذي نجّل ونقدر، وألصقه بنفسه، تعليقا على موضوع نشرته في إيلاف، تحت عنوان (العولمة وفعالية صناعة المعنى)) وسم نصا لي ((بالهذيان والحكي الفاضي))، وبقدر ما يحمله هذان التوصيفان من قدح وردح وإساءة مباشرة لإنسان، فإنني أحاول تمثل بيت الشعر القائل:
صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كل جبس
الأمر لا يتعلق بالمقال، ولا شخص الكاتب، إنما يرتبط بأخلاقيات التعامل مع منابر النشر، يا أخي الذي أسبغ على نفسه لقب ناقد، ترفق بالناس، واحترم مشاعرهم، إذ لا يمكن أن يتم نقل أخلاقيات المقاهي، والميانة الزائدة، بحق الآخرين، هذا جهد يمكن لك أن تنقده بأدب ووفق سياقات الضوابط الأخلاقية والمعرفية. دعونا سادتي الأفاضل أن نترك مشاعرنا الشخصية جانبا، أي لا يندرج المرء في تسفيه جهد الآخرين،(وهكذا بجرة تعليق،)) لأسباب ربما تتعلق بنهاية علبة السجائر، أو لخلاف دب في المنزل، ليصب جام غضبه على الكاتب.
مسؤولية إيلاف
أما إيلاف فإن دورها يقوم على أهمية التدقيق والتوظيب، وأهمية البعد عن إذلال الكاتب العربي، الذي يعاني من الهول والويلات والمصائب، الموجهة نحو رأسماله الرمزي. فقد بلغت الترهات مداها، حين تتم مهاجمة كتابك يا إيلاف،في استباحة و انتهاك وتهميش وازدراء على مرأى ومسمع منكم، نكتب كي نشعر بوجودنا وحضورنا، لا نكتب كي نهان ونذل من قبل هذا أو ذاك.من قبل أشباح لا نعرف هوياتهم أو رؤاهم، أقول هذا و لا أدعي الكمال والعياذ بالله، إذ لا وجود لإنسان فوق النقد، ولكن أرنو إلى نقد عميق وحقيقي وصادق، يقوم على الشفافية واحترام جهود الناس المتواضعة، فنحن لا نزعم المعرفة، بقدر ما نحن مجرد قراء متواضعين للبعض من الظواهر.
إيلاف نحملك مسؤوليتك الأدبية والثقافية في حماية كتابك من التشهير والتسخيف والإلغاء والتحقير.وإلا فإن في الأمر ثمة أمر لا يخلو عن إثارة وتشويق للقارئ، على طريقة صراع الديوك سيئة الصيت، والاتجاهات المعاكسة، والمواجهات الساخنة، تلك التي لها راغبوها، الشغوفون فيها حد الوله.وهذا مالا نرضاه لأنفسنا، فللكاتب كرامته التي يجب أن تصان.و إلا فمواقع الردح العربية كثيرة والحمد لله، واسعة بسعة الأمراض والاحتقانات والانفعالات والتشوهات والسرطانات والتقمصات المجزوءة، التي ابتلى بها المواطن العربي.
القراءة الناقصة
إليكم سادتي النص الذي اقتطعه السيد ا((لناقد)) أيده الله من علمه، وبأخطائه الطباعية، التي أتحمل مسؤوليتها، لألحقه بتوزيع تنقيطي، على طريقة (اعلم رعاك الله))
((طبيعة التركيز على النشاط الاقتصادي تجعل من العولمة وقد تمثلت فيها حالة الارتباط الوثيق، بما يفرضه المركز المتقدم على حساب الهامش، ومن هنا فإن تركيز التبعية يقود
العولمة وفعالية صناعة المعنى |
وإليك أيها الناقل الهمام، شرح النص وبالنقاط، علها تصل إليك مترابطة، بعد أن أعياك البحث عن الترابط الذي تنشد وتروم. وأعلم حفظك الله من كل مكروه:
1.العولمة تقوم على الفاعلية الاقتصادية، فهي ترتبط بالمركز الغني على حساب الهامش الفقير.
2.ينجم عنه بروز التبعية
3.التبعية تقود إلى خمود ثقافي.
4.القوى الحديثة يفتر دورها فلا تقدر على المبادرة، ليبرز دور القوى المحافظة والرجعية بوصفها الحافظة للقيم.
5.تحالف الرأسمالية التجارية مع القوى المحافظة.
6.تغييب دور الفاعل الاجتماعي، و العمل على تلميع صورة المستثمر.
7.الترويج لثقافة الاستهلاك، وجعل الرفاهية بمثابة الأيقونة المقدسة.
فيا أيها الناقد، ما أراك إلا ظالما، حتى ليصدق قول أحمد شوقي فيك
إن للظالم صدرا يشتكي من دون علّة
قراءة العولمة
القراءة بمجملها اعتمدت على استقراء لجهود؛ سيد ياسين، سيار الجميل، بيير بورديو، سمير أمين، عزمي بشارة، جلال أمين، ألن تورين،(وهذا ما ثبته في أصل المقال)) ولهؤلاء ما لهم من فضل وسبق في درس العولمة، و فيما يتم دمغها بالهذيان، فهذا علمه عند الناقد الحصيف، مما يجعل الأمر ملتبسا، حتى ليظن المرء الظنون في نفسه!! أكتب وأرجو أن يكون مقالي خاليا من التعليقات، لا أرغب برد ولا تعليق، و لا أريد أخذ ورد ومتون و هوامش، وأتمنى من كل قلبي أن تمضي مقالاتي المتواضعة ومحاولاتي البدائية، من دون وضع اللمسات الكريمة من قبل أخونا الناقد و أمثاله، أيدهم الله بنصر من عنده. أرجو وأدعو الله السلام وطيب الخاطر والتصالح مع الذات.من دون احتقانات.فما ذنب المرء أن يصحو ليجد نفسه وقد غدا مدارا للتجريح والإساءة. والقراءات الساخطة والعقد النفسية.كل ما نرغب فيه أن نطرح السؤال، بوصفه نعمة، ولا نزعم امتلاك الإجابة، فما نحن إلا كتاب نسعى في مناكب هذه الأرض، نمضي بعيدا عن السجال وترصد الأنفاس على الناس.
التعليقات