بلغت التعليقات على مقالتي الأخيرة ( أنا وظلامي جاهل في الاتجاه المعاكس ) حتى لحظة اختفائها من الصفحة الأولى ل ( إيلاف ) عدد سبعة وثلاثين تعليقا, الغالبية العظمى منها أيدت موقفي وأفكاري التي قدمتها في البرنامج و زادتها توضيحا في المقالة. خمسة من هذه التعليقات التي كانت بتوقيع: ( عقيل, عراقي صفوي, أحمد الفراتي, أبو صلاح, و علي إمزيع )، هؤلاء القراء الخمسة أعتقد أنهم قوّلوني ما لم أقله, فقد اتفقوا فيما يشبه بيان مشترك ب ( أنني سنّي طائفي عنصري أكره الشيعة وأفتري عليهم )،وقد اعتمدوا أساسا على ذكري لوجود قبر أبو لؤلؤة المجوسي قاتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب و وصفي له ب ( القاتل المجرم )،وأنا أقول: وعندي كل من يرتكب جريمة بحق واحد من الشيعة أيضا قاتل ومجرم, بدليل إدانتي المستمرة لكل الجرائم التي تستهدف العراقيين اليوم أيا كانت طوائفهم، بما فيها جرائم نسف الحسينيات والمساجد.
وأنا أقول للإخوة الخمسة ( سامحكم الله ) فأنا لست هكذا ولن أكون, فأنا في أعماق معتقداتي لا أميز بين مسلم ومسلم, لأنه في زمن الرسول الكريم وأيضا الإمام علي كرّم الله وجهه لم يكن هناك مسلم سنّي و مسلم شيعي، والدليل على معتقداتي هذه أنني دافعت كثيرا عن المظالم الواقعة في أكثر من قطر عربي على المسلمين الشيعة, وكان آخرها مقالتي شديدة الجرأة والوضوح بعنوان ( لمصلحة من الهجوم على المسلمين الشيعة ), والطريف أنه من تعليقات القراء على هذه المقالة من هاجمني لأنني أدافع عن الشيعة وأدين الهجوم عليهم والتعريض بهم وبمعتقداتهم, خاصة لأنني هاجمت بشدّة فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك التي تحرض على الشيعة، وحاججته برأي الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الذي قال فيه: ( إنه لا فرق بين السنّة والشيعة وأن كل من يشهد أنّ لا إله إلا الله فهو مسلم, وأن الخلاف إن وجد فهو خلاف في الفروع وليس في الثوابت والأصول، والخلاف موجود في الفروع بين السنّة أنفسهم والشيعة أنفسهم...و إن كل من يحاول إشاعة الخلاف بين السنّة والشيعة مأجور )،يا من تعتبرون أنفسكم من أهل السنّة ومن أهل البيت أنا مع هذا الرأي لا فرق عندي بين مسلم ومسلم ولن أكون طائفيا منحازا لمذهب دون مذهب، وسوف أدافع عن أي مسلم يتعرض لمصادرة حرياته الدينية ويتم اضطهاده أيا كان مذهبه.
ما علاقة الشيعة العرب بإيران؟
وليعلم الجميع سنّة وشيعة أنني لا أربط بين الشيعة العرب والنظام الإيراني مطلقا, وأنا أتعامل مع هذا النظام كنهج وممارسات سياسية بغض النظر عن المذهب الديني السائد في إيران, ولا أستطيع مجاملة للبعض أن أغض الطرف عن قمع الحريات السياسية والاجتماعية في إيران، ولا أستطيع أن أسكت على احتلال إيران للأحواز العربية والجزر الإماراتية الثلاث, لأنه عندي لا يوجد احتلال جميل نصفق له واحتلال قبيح ندينه ونقاومه، بدليل أنني أدنت بشدة احتلال صدام حسين لدولة الكويت. وهذا التوضيح من المهم أن ينتبه له القارىء الذي علّق باسم ( بهاء ) إذ قال: ( التكفير وتحليل الدم ليس ابتكارا خمينيا أو شيعيا, بل صناعة متأسلمي هذا الزمان سنّة وشيعة ), وللتوضيح فقط أقول: أنني أدنت فقط فتوى الخميني بهدر دم سلمان رشدي ولم أحمله مسؤولية ابتكار التكفير وتحليل الدم. وهكذا فمن يكتب بصراحة ودون مواربة لا يمكن أن يرضي الجميع بدليل الهجوم عليّ من سنّة وشيعة, وأنا مع المسلم أيا كان مذهبه استنادا إلى فتوى الشيخ محمود شلتوت: ( الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه إتباع مذهب معين بل لكل مسلم الحق في أن يقلد بادىء ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة, ولمن قلّد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل لغيره من المذاهب ولا حرج عليه في شيء من ذلك, وأن مذهب الجعفرية المعروفة بمذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنّة, فينبغي على المسلمين أن يعرفوا ذلك ويتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله ). هل هناك أجمل من هذا التسامح في فتوى الشيخ محمود شلتوت التي أنا معها قلبا وقالبا, وكم ستكون حياتنا العربية سهلة وحميمة لو ابتعدنا جميعا عن الطائفية الكريهة وتمثلنا عن قناعة روحية وعقلية مضمون هذه الفتوى.
بوضوح وصراحة للمرة الأخيرة: يا إخوتي وأحبتي أنا لست مع مذهب دون مذهب ولن أكون هكذا.. وللجميع لكم وعليكم السلام, فالله تعالى هو القائل ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ). لا حظوا التوجيه الرباني ( ورضيت لكم الإسلام دينا )، أي لا ذكر لمذهب أو طائفة. إنه بيان للناس كي لانقوّل بعضنا ما لا يقله ولا يؤمن به.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات