تمثل الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس الفرنسي ساركوزي لليبيا العظمى و لقائه الذليل بالقائد الجماهيري الأخضر الذي إجتهد مؤخرا في التأكيد على صبغ شعره الأبيض ليبدو أكثر سوادا و شبابا واحدة من أكثر الحركات البهلوانية و الشقلبانية في تحركات بعض دول الغرب التي تتاجر أبشع متاجرة بحقوق الإنسان و لم تتخل عن ممارسات السياسات الغربية القديمة بدعم الطغاة و المستبدين و التي حسب البعض منا من أنها قد أضحت سياسات قديمة و مستهلكة قد تجاوزها الزمن و الأحداث إلا أن الحقيقة العارية تأبى إلا أن تطل برأسها مظهرة لسانها علينا و ساخرة من كل الشعارات الخادعة التي يغلف بعض أهل السياسة في الغرب نفاقهم بها؟ فبعد سويعات من التآمر الفج و الرخيص على حياة و معاناة أطفال الشعب الليبي الأبرياء من الذين ذهبوا ضحية الإهمال و الفوضى الجماهيرية العظمى بعد أن تسلل فايروس الإيدز لدمائهم و أجسامهم، و بعد بيع لحم الشعب الليبي في سوق النخاسة الدولية بأرخص الأثمان؟ و بعد تسوية قضية المتهمين بتلك الجريمة البشعة وهن الممرضات البلغاريات و تابعهم الطبيب الفلسطيني بطريقة مسرحية فجة و رخيصة رأينا الغرب وهو ينتفض على قدميه و يلهث راكضا و مهرولا صوب الخيمة التاريخية للقائد الأخضر المظفر المنتصر على شعبه المسروق و المحروم ليقدم له ثمن البيع و صفقات الشراء و بطريقة متهالكة لا مثال أو نموذج معاصر لرخصها و سقوطها، و حيث محيت من الذاكرة الغربية المنافقة كل ملفات الإرهاب الدولي؟ و كل معاناة أحرار الشعب الليبي؟ كما مسحت من الأجندة كل سجلات السجون و المعتقلات السرية و حملات الإعدام الجماعية و مطاردة الكلاب الضالة من قبل الكلاب المدللة؟ بل تناسى أهل النفاق و الإنتهازية في الغرب كل صور الطائرات المخطوفة و الجثث المحروقة و معسكرات التدريب و القتل و نشر الإرهاب ليعملوا جاهدين على تحقيق وعد عودة الشيخ لصباه!!! و تنفيذ الصفحات الجديدة من كتاب التآمر على حرية و أرزاق و ثروات الشعب الليبي المحروم و التي بدأت صفحاتها السوداء منذ إنقلاب الفاتح من سبتمبر الأسود الذي كان مؤامرة دولية و غربية واضحة المعالم لتهشيم الشعب الليبي و إستحضار العناصر المشبوهة و المريضة للهيمنة عليه ضمن مخطط تاريخي و قديم وواسع المدى للهيمنة على الشرق الأوسط و تكسيح إرادة شعوبه و هي المهمة التي كانت قد بدأت في العراق في صيف 1968 بإنقلاب حزب البعث الذي دخل لباحة القصر الجمهوري العراقي من قبل ضباط القصر ذاتهم قبل أن يخرج بعد 35 عاما على ظهر الدبابات الأميركية في ربيع 2003؟
ثم جاء إنقلاب جعفر نميري السوداني في مايو 1969 و الذي دخل في تحالف مشبوه مع نظام الضباط الصغار الذي قام في ليبيا و أنهى الشرعية الدستورية و التاريخية للحكم السنوسي المجاهد في الفاتح من سبتمبر/ أيلول 1969 مدشنا عصرا فوضويا مرعبا عاشه الشعب الليبي بعد أن أضحى حقلا لإختبارات التجارب السياسية الفاشلة من وحدوية و إشتراكية و إرهابية و إفريقية حتى العصر الفوضوي الراهن تبددت خلالها كل الثروات الوطنية الليبية على أحلام و مشاريع إنقلابية و كونية خيالية و تحولت ليبيا لمقر و منتجع لكل منافقي الكرى الأرضية من عرب و عجم و برير و هنود حمر يرتعون في أموال الليبين بينما يعيش الشعب الليبي العصر الإشتراكي التعبان و هو عصر إفقار الجماهير و حرمانهم من التمتع بثرواتهم فضلا عن حرياتهم المسلوبة التي صادرتها السياسات الدكتاتورية و الإرهابية لحكم اللجان الإرهابية الشعبية التي مارست من الجرائم العلنية ما يخجل الضمير الإنساني الذي أعطى لنفسه إجازة مفتوحة عن طريق إغماض العين فكل ما حدث في ليبيا خلال العقود الأربع الأخيرة من عبث جاء ليخدم المصالح الغربية و شركاتها الناهبة المستغلة التي لا تراعي أبدا الشعارات الخادعة المطروحة بل تعمل لتحقيق الربح الفاحش و لو عن عبر الدوس على دماء الليبين و جروحهم المتقيحة منذ أكثر من أربعة عقود عجفاء سوداء !، و لعل الزيارة القادمة التي وعدت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس بالقيام بها صوب خيمة العقيد الأخضر ستنهي لعبة المهزلة الكبرى و الصراع السينمائي الذي كان بين الإدارة الأميركية الجمهورية أيام ريغان و بين الإدارة الجمهورية الحالية التي رتبت كل ملفات المنطقة وفقا لحساباتها الكونية؟ العقيد الأخضر قد كشف أوراق نظامه بعد عقود طويلة و الكرة اليوم في ملعب الشعب الليبي الحر و قواه الحية و الوطنية في الجيش أو في الإدارة فهي وحدها صاحبة الحق في تطبيع الأوضاع؟ وهي وحدها صاحبة الحق في التغيير؟ و هي وحدها التي تقرر مصير و مستقبل الشعب الليبي المجاهد و الصابر على البلوى، لقد حددت جثة صدام المشنوق المعلقة خطوط إتجاه جميع الأنظمة المستبدة أو التي كانت تدعي الثورية الإستعراضية المزيفة التي كشفت عن أوراقها و باتت الحركة الوطنية الليبية اليوم أمام إمتحانها التاريخي الحاسم في كسب المعركة و تنظيف ليبيا من أدران الماضي التعس و مخلفاته و الرد على نفاق الغرب و سخريته من دماء شعوبنا ردا حضاريا يكون لائقا بعطاء و تاريخ الشعب الليبي العريق الحر، ثقتنا عالية بإستمرار همة رجال ليبيا الحرة الذين لا يمكن لهم أن يستسلموا لوطأة النفاق الغربي الكبير... فالحرية لا يصنعها سوى الأحرار وقد جاء يومهم، فالشعب يظل أقوى من الطغاة مهما تفرعنوا و صبغوا شعورهم و ذقونهم!! و سيقدم الشعب الليبي الحر درسا في الحرية المقدسة لكل المنافقين و الإنتهازيين.

[email protected]