كتب ـ نبيل شرف الدين: تبنت (إيلاف) فكرة مبتكرة في الاحتفال بعيدها السنوي، وهي أن تتوجه بأسئلة لرؤساء تحرير الصحف العربية الشهيرة، وكبار الكتاب بها عن رؤيتهم لتجربة (إيلاف) وكيف يقيمونها كواحدة من أبرز المحطات الرائدة على صعيد الصحافة الإليكترونية، وماذا يعجبهم في معالجات (إيلاف) الصحافية، وما الذي لا يروقهم أو يتحفظون عليه، وما إذا كانت لهم اقتراحات محددة بشأن تطوير إيلاف ؟

عبد الله كمال رئيس تحرير مجلة وصحيفة (روز اليوسف)

البداية مع عبد الله كمال رئيس تحرير مجلة وصحيفة quot;روز اليوسفquot;، وهو أحد القلائل من رؤساء التحرير الذين يتابعون تجربة (إيلاف) منذ بدايتها عن كثب، كما شارك فيها بمئات المقالات والتحليلات السياسية طيلة سنوات مضت، ولهذا فإن رؤيته ستكون ذات أهمية خاصة، وقد استهلها بالتأكيد على أن (إيلاف) تجربة صحافية جادة وحقيقية، واستطاعت أن تبلور رؤية جديدة في النشر الإليكتروني، وأن تترسخ كمؤسسة لها ثقلها على الساحة الإعلامية العربية، وتحمل ناشرها أعباءها المالية في البداية بوعي من يدرك أن لكل تجربة رائدة كلفتها وثمنها، وأعتقد أنه الآن قد بدأ مرحلة الحصاد، سواء على الصعيد المهني أو الجدوى الاقتصادية لهذه الصحيفة الإليكترونية.

وعن مزايا (إيلاف) يقول رئيس تحرير quot;روز اليوسفquot;، إنها تجربة ناجحة سواء بالمعايير المهنية أو الاقتصادية، وقد استطاعت أن تملأ فراغاً على الساحة العربية، وتتسم بفريق تحريري متناغم ويمارس مهامه باحترافية واستمرار وحيوية واضحة في التنوع الجغرافي بين بلد وآخر، أو النوعي بين التقارير والتحقيقات والمنوعات والرياضة والاقتصاد والرأي وغير ذلك، ويقرظ كمال اللغة السلسة التي تتسم بها لغة التحرير في (إيلاف)، كما يشير إلى التحديث المستمر وتدفق الأخبار والمواد على مدار الساعة، ويتوقع رئيس تحرير quot;روز اليوسفquot;أن تثير تجربة (إيلاف) شهية الناشرين سواء من القطاع الخاص أو الحكومي لإطلاق المزيد من المواقع، بعد أن أثبتت التجربة أن جمهور الإنترنت لا يستهان به، ، وأن تجربة النشر الإليكتروني لم تعد مجرد مغامرة أو قفزة في المجهول، بل هي تجربة مضمونة، تتجاوز الحدود والقيود، والرقابة والحجب وكل هذه الوسائل التي عفا عليها الدهر، وبالتالي فإن (إيلاف) أصبحت حقيقة أكبر من الرهان على تجاهلها.

نأتي بعد ذلك للتحفظات التي أبداها عبد الله كمال على أداء (إيلاف) الصحافي، وفي الصدارة منها ضعف أو سوء آلية البحث في أرشيفها، مشيراً إلى أنه شخصياً طالما عانى كثيراً حين كان يبحث عن موضوع ما سبق نشره في (إيلاف)، ويدعو القائمين عليها إلى تدشين آلية أبسط وأسرع وأكثر فعالية في البحث، بدلاً من محرك البحث الحالي.

ثمة انتقاد آخر عبر عنه رئيس تحرير quot;روز اليوسفquot; بقوله إن (إيلاف) الآن بعد رسوخها، أصبحت في حاجة إلى تدشين مستوى نوعية وحجم كتاب الرأي فيها، فبدلاً ممن يصفهم كمال بالأقلام التي لا تاريخ لها ويمكن تصنيفهم في لائحة الهواة، ينبغي أن تركز على المتميزين من الكتاب فقط، كما يشير أيضاً إلى أن بعض من اعتبرهم quot;مجهولينquot; يلحون في كتابة مقالات الرأي بشكل لا يخلو من الاستستهال، ويرى أن مكان هؤلاء ينبغي ألا يكون في quot;كتاب اليومquot; بل في quot;أصداءquot; أو غيرها من الأبواب الشبيهة ببريد القراء، لكن الكتاب ينبغي أن يكونوا على مستوى من الاحتراف والموهبة والرصيد المهني الذي لا ينزلق بلإيلاف إلى مستوى الهواة والمبتدئين، على حد تعبيره.

وأخيراً يأخذ عبد الله كمال على (إيلاف) إفراطها في الشأن السعودي، بما يخل بالتوازن الجغرافي والنوعي لصحيفة تتخذ خط quot;البان آرابquot; منهجاً لها، ويعرب عن قلقه أحياناً من quot;سعودةquot; الموقع، ليتحول في نهاية المطاف إلى ما يشبه نوعية اهتمام الصحف المحلية السعودية.

سيد القمني مفكر وكاتب متخصص في الدراسات الإنسانية

د. سيد القمني
انتقلنا بذات الأسئلة إلى الدكتور سيد القمني المفكر والكاتب المعروف الذي أشاد بتجربة (إيلاف) معتبراً أنها أصبحت واحدة من منصات المعرفة المتوازنة في مرحلة من التواصل الإنساني لم تعرفها البشرية من قبل، حيث وجدت كل الثقافات والحضارات نفسها في مواجهة بعضها البعض، وتقريبا انزاحت معظم قيود الجغرافيا والرقابة مع ظهور هذه الأداة الرائعة المعروفة باسم الإنترنت .. وكانت إيلاف فرسها المتمنطق باللغة العربية، ويمكن للمرء أن يقول بمنتهى الثقة إن تجربة إيلاف ربحت الرهان وصارت سيدة الموقف الافتراضي على صعيد الصحافة الإليكترونية المنشورة باللغة العربية.

ويمضي القمني قائلاً، سأتجاوز الحديث عن المزايا ليس فقط لأن الخوض فيها أمر قد ينطوي على شبهة المجاملة، ولكن لأنها كثيرة، ومن هنا سأتحدث فقط عن مآخذ ، أو لنقل بعض الملاحظات والاقتراحات التي أرى أنها ضرورية أن ينظر إليها بعين الاعتبار من قبل إدارة إيلاف ومحرريها، وفي الصدارة منها هو أن إيلاف كبرت لدرجة ربما لا يدرك بعض القائمين عليها منزلتها ومكانتها، وبالتالي فلابد من وضع ضوابط مهنية صارمة على ما ينشر بها، خاصة في مجال الرأي، فإيلاف تنشر أحياناً لكتاب بلا رصيد فكري ولا تراث معرفي كاف، وهؤلاء يعانون من quot;إسهالquot; في الكتابة ومن ثم يصبح هذا الإلحاح مدعاة لفرضهم قسراً على القراء، وينحدر الأمر إلى ملاسنات ومهاترات.

ويرى القمني أيضاً أن quot;الملفات المتكاملةquot; غائبة عن إيلاف، فيقول إن إيلاف عليها أن تفتح كل فترة ملفاً تستكتب فيه متخصصين حتى تعم الفائدة المعرفية، وتحرك ركام اللغة والقناعات السائدة بفعل الإهمال وعدم الحراك الفكري، ويقترح القمني أن تبدأ إيلاف في اقتحام المناطق غير المطروقة أو المسكوت عنها، وتستغل في هذا الطرح سمتين مهمتين تتمع بهما، وهما الإفلات من قيود الرقابة، والانتشار الواسع، ولا تخفض من سقف حريتها التي اكتسبتها quot;بوضع اليدquot; وحكم التطور الطبيعي، مهما كانت مغريات التنازل عن سقف مرتفع لحرية التعبير.

وفي الختام يقترح القمني أن تتوسع إيلاف في الاستعانة بالترجمات من اللغات الأجنبية، كما ينبغي أن تصدر من إيلاف نسخة بالانكليزية أو الفرنسية حتى يرانا الآخرون، ويفهمون أننا لسنا جميعاً أعضاء في تنظيم القاعدة، بل ربما كان غالبيتنا يدفع فواتير ابن لادن ورفاقه أكثر من الغرب والشرق معاً.