عُرِفَت المملكة العربية السعودية - منذ عهد موحدها المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - باهتمامها بكلِّ شأنٍ ثقافيّ وعلميّ وأدبيّ؛ سواءٌ أكان شعرًا أم نثرًا. ومن هنا أُنشِئت وزارةٌ للثقافة، وهيئةٌ للأدب والنشر والترجمة، ووزارةٌ للإعلام، وهيئةٌ عامة لتنظيم الإعلام؛ لتعزيز الفكر والثقافة والأدب، ونشرها بكافة الوسائل.

واُهتمَ باللغة العربية؛ حيثُ أُقر مجمع الملك سلمان للغة العربية للمساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليميًّا وعالميًّا، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية. وأُطلِقَت صالونات أدبية وثقافية؛ تهدف إلى تبادل المعرفة في مجالات مختلفة من العلوم والآداب والاجتماع والاقتصاد، والتعريف بأعلام الأدب والثقافة والفكر، وتوضيح اسهامهم في نهضة البلاد، وتسليط الضوء على النهضة السعودية علميًا وفكريًا وثقافيًا وحضاريًا، وتعزيز ثقافة الحوار في التقارب الفكريّ بين الأجيال، والتأكيد على تأصيل الثقافة السعودية المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه. ومن تلكم الصالونات: إثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة، وأحدية الأستاذ محمد بن عبد الله البابطين، وثلوثيىة عمر بامحسون، وخميسية الشيخ حمد الجاسر الثقافية، وملتقى السيف، وصالون راشد المبارك. وكذلك الدور أو الديوانيات المفتوحة؛ كديوانية الدكتور عبد العزيز العُمَري، وديوانية معالي الشيخ الوالد سليمان الفالح. وقعَ بين يديّ كتاب وُسِمَ بإثنينية الذييب؛ التي اُفتتحت منذُ قرابة الخمسين عامًا في العام 1396هـ؛ تتماشى هذه الأمسية مع تقاليد المجتمع السعوديّ وأهدافه وطموحاته؛ التي ورثها عن أسلافه. تتطرق الأمسية إلى القضايا المعاصرة؛ وذلك بالمناظرة والحوار البنّاء، بالإضافة إلى المحاضرات ذات البُعد الثقافيّ. جاءَ الكتاب في 550 صفحة، وهو نافذةٌ فكرية؛ تطلُ على آفاق الحوار المفيد، وتبادل الأفكار، وتوثيق تجارب المبدعين. يضمُ بين دفتيه نتاجُ 212 أمسية فكرية وثقافيّة من بينِ 425 أمسية قُدّمت على مدارِ السنواتِ العشر الماضية؛ قدّمها مُفكّرون وأدباء وشُعراء. اُختيرت موضوعاتها ومُلقوها بعنايةٍ فائقةٍ مُلبيةً لحاجاتِ المُجتمع ومراعيةً مُقتضَى الحال. وتراوحَ الحديث في الأمسيات في مجالاتٍ وطنيّة وثقافية واقتصادية، وسياسية، وتربوية، وتعليمية. مِن تلكم الأمسيات التي أُلقيَت، ودار الحوار والنقاش حولها: "سيف سلمان والتصدي للأحداث الإرهابية" وكانت لقاء مفتوح. وأُقيمت أمسية عن "الملك سلمان بن عبد العزيز وصناعةِ مجدٍ جديد" كان ضيفها الشيخ عبد العزيز العقيلي. ومن الموضوعات التي دارت في أمسية الذييب "محطاتٌ تاريخية في حياة سمو ولي العهد" وكان ضيفها الشيخ عبد العزيز العقيلي. وكانت أمسية عن "الرؤية المستقبلية 2030.. الأهمية والإنجازات" للدكتور عبد الله الحمود، وعُقِدت أمسية حول "ترميم المخطوطات الأثرية بمكتبة الملك فهد"، وكان ضيفها الدكتور عبد الله الأحمد، وأمسيةٌ عن "الإلقاء ومواصفات المُتحدّث الماهر" للأستاذ سليمان السالم، وأمسية عن "الجمعية العلمية السعودية للأدبِ العربيّ: النشأةُ والعوائق"؛ كان ضيفها الدكتور عبد الله الحيدريّ. وأمّا "الصالونات الأدبية والاجتماعية"؛ فكانَ ضيفها الدكتور محمد المشوّح، وهو خبيرها وربها ومؤسس ثلوثية المشوّح. أمّا الترجمة وما أدراك ما الترجمة، و"دور الترجمة في تنمية الثقافة"، فكانَ ضيفها هيثم الناهي، وهذا الموضوع من المواضيع ذاتِ الاهتمام؛ لاسيما في الحراكِ الثقافيّ السعوديّ، وما تعيشه الجامعات، وما تقيمه عنها من مؤتمراتٍ محليةٍ ودولية. وجاء في الأمسيات الأدبية لأثنينية الذييب موضوعٌ ذو بال عن "اللحمة الوطنية"، وكان ضيفها الشيخ الدكتور عايض القرني. وأمّا الرؤية الوطنية 2030 ذات الاهتمام المُشترك للأجيال المتعاقبة وما نعيشه اليوم من إنجازاتها؛ فقد كانت بعنوان "مؤشّر الأداء في ضوء رؤية المملكة 2030" للدكتور عبد الرحمن المرداسي. وتضمّنت النافذة الفكرية التي انبثقت من أثنينية الذييب أعلام وسيَر؛ وكان من بينها "سيرةٌ عن معالي الدكتور غازي القصيبي -رحمة الله عليه-"، وكان ضيفها الأستاذ حمد القاضي، وسيرةٌ عن "حياة معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر -رحمة الله عليه-"، وكانَ ضيفييّ الأمسية الأستاذ سليمان العصيمي، والدكتور عبد الله الجحلان. ومن الأمسيات مُحاضرةٌ عن "مآثر فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمة الله عليه-"، وكان ضيفها الدكتور عزّام الشويعر... النافذة الفكرية لأثنينية الذييب -من خلال رؤيتها ورسالتها وأهدافها التي وضعها مؤسس هذه النافذة الشيخ حمود بن عبد الله الذييب- ترمي إلى إيجاد حياةٍ فكرية ذات أبعادٍ وأطياف مُشرقة. وتلكم النوافذ الفكرية من ديوانياتٍ وأمسيات تستلزم صبر ومصابرة، وسخاء ماديّ ومعنويّ؛ فهنيئًا لمن سخر نفسه وماله ووقته؛ خدمةً لوطنه وأبناء وطنه؛ إذ هم المستفيدون من مُخرجات تلكم الديوانيات والأمسيات التي يُلقَى فيها ثِمار التجارب والخبرات من خلال مسيراتٍ تُقتدى.