عندما توقفت المطارات والمصارف شعر الناس بأهمية الانترنت ولان النعمة لا يستشعرها المرء الا عند فقدها ادرك العالم كلة دور الانترنت وأهميته وأدركوا المخاطر التي قد تسبب بها.

ساعتين عاش الناس في زمن من أزمنة الجاهلية التقنية. ساعتين كانتا كافيتين لنقف ونتأمل المشهد العالمي ونبحث عن اجابات لأسئلة مطروحة. يشارك معنا هنا عدد من المحللين لاستقصاء الحدث ومٱلاته.

يقول الكاتب خلف العبدلي "الاسئلة جوهرية، وحتى نصل لفهم الحدث، سنتأمل انطلاقة الانترنت عالميا عام ١٩٩٠ حيث كان السؤال مطروح ماذا لو انقطع الانترنت.

في السنوات الاخيرة ذكرت ناسا ان عام ٢٠٢٤ سيشهد انقطاع للنت. هذا الاعلان اعتمد عليه من يعتقد ان الانقطاع تم بناءً على رغبة لدراسة تأثير الانقطاع، وانه لايخرج عن كونه بالون اختبار لدراسة تأثيرة وكيف تفاديه. ورغم احتمالية هذا السيناريو سواء اعلنت ناسا ام لم تعلن، إلا أن الأكيد أن الاعتماد كليا؟ على الاننرت هو خطأ قاتل.

الانترنت اليوم عصب الحياة الحديثة، وهذه الميزة هي نفسها المقتل الذي قد ينهي قطاعات واقتصاديات وأنظمة ويمكن دول.

ومن القرار بأهمية النت تنطلق المخاوف فيما لو انقطع النت، ماذا سنفعل؟

واذا ما صح الخبر من أن هذه الازمة بدأت من شركة حاسوبية امريكية في الأمن السيبراني، عندها قد ندرك أننا نشهد مثال صغير لفهم الحرب الالكترونية المتوقعة. هذا الحدث الذي استمر لساعتين فقط ادى حسب ما تداولته وسائل الاعلام الى خسائر مالية كبيرة من أبرزها شركة مايكروفست، حيث بلغت خسائرها ٦٠ مليار دولار. والارقام اكبر اذا ماكان هناك حصر حقيقي لحجم الخسائر في العالم لكافة الشركات والقطاعات. ناهيك عن الاختراق الأمني الذي يمكن انه حدث خلال الساعتين تلك لمنشئات أمنيه او اقتصادية في بلدان عدة.

فالاضرار ليست كلها اقتصادية. وكيف هو الحال لو ان الانترنت توقف لوقت اطول!

الحرب الالكترونية متوقعة وتأثيرها كبير والجيوش الالكترونية اليوم من الطائرات المسيرة والصواريخ والاقمار الصناعية والفيروسات كلها حقيقة، وتأثيرها كبير ومدمر، ودخلت أرض المواجهة اليوم، لكن ماحدث في ساعتين اوقف العالم في طوابير الانتظار والقلق والذهول. ولحظات لفهم الاسلحة الاحدث في الحروب القادمة."

ويرى الاستاذ عبدالكريم المهنا ان "اعطال كبيرة ستحدث وتتوالى في الأنظمة التقنية التي اصبح العالم يتنفس تحت رحمتها، هذه الأعطال لن تكون هجمات ولن تكون خلل ولن تكون اعطال، بل هي احداث مدروسة وبدقة وما يحدث اليوم هو لهدفين:
الأول تجريبي وبروفة لما سيحدث من البشر والحكومات الغير واعية والغير مشتركة بهذه المؤامرات. الثاني لكي يتعود الناس على ان هذه الاعطال قد تحدث وانها باسباب مختلفة. هنالك حكومات عالمية هي من اوجدت تلك التقنيات، وخططت لطريقة نشرها واشاعتها حتى بالمجان الى ان تصبح هي جهاز تنفس العالم اجمع بعدها يتم التعطيل الكبير والذي بموجبه قد تنهار نصف دول العالم. وتكسد نصف بضائع العالم، وتتوقف حركة الملاحة الجوية والبرية والبحرية. وتستباح الحياة وتتيبس المستشفيات، ويموت جميع المرضى الذين اصبحوا عبء على البشرية قد يكون العطل الأكبر خلال الثلاث سنوات القادمة.

وما حدث اليوم تهيئة لتقبل الناس له. وبروفة على طريقة ادارة الحياة بشكل سلس من قبل تلك الحكومات العالمية (قد تكون) اميركا وبريطانيا وروسيا والصين وفرانسا تعي ذلك جيداً ."

من زاوية أخرى يرى العميد الركن راشد القحطاني "ولو افترضت أن هذا الأمر تم بشكل متعمد على شكل تدريب متعمد وهذا ما أرجحه، وهناك دروس مستفادة من هذا الإنقطاع منها:
١- عدم التسليم دائما باستمرار هذه الأنظمة صالحة وانها معرضة للعطل، وأن العالم مدينة إلكترونية واحدة.
٢-اختبار للأنظمة القائمة وقدرتها على حل المشاكل الطارئة.
٣- اختبار الانظمة البديلة والتي اثبت هذا الانقطاع أهميتها وضرورة توفيرها.
٤- درس عملي عن خطورة الإختراقات الإلكترونية ومدى صلابة الإجراءات الإمنية الإلكترونية. وتقييم استجابة حالات الطؤاري لدى الحكومات والمؤسسات والشركات ذات العلاقة، ودراسة ردود الفعل لكافة الحكومات والمؤسسات والمجتمعات أثناء الإنقطاع وبعده، ومعرفة مستويات الدول والحكومات والشركات في الجانب الإلكتروني.
التأكد من عدم وجود اختراقات فعلية لأن إحداث عطل ثم إصلاحه وعودته بشكل سليم يثبت العكس. وضرورة ايجاد انظمة بديلة بنفس الكفاءة في حال تعطل المنظومة العالمية.

واخيراً نقطة مهمة وهي: قانويناً من سيدفع التعويضات في هذه الحالة."

من جهة أخرى يقول سعادة اللواء عبدالرحمن العطاوي "الدرس الأساسي والوحيد الذي يجب أن نستخرجه ونعمل عليه، ونخطط له، ونقوم بتنفيذه، هو: أنه لا يجب الاعتماد -الاعتماد الكلي- على المصادر التقنية الخارجية في تسيير أمورنا الداخلية والخارجية وقد تنبهت السعودية لذلك منذ وقت مبكر ولله الحمد، ولأن المعلومات نفط المستقبل فمن الضروري على المدى البعيد أن نقوم بتخطيط بنية تحتية ذكية نقوم من خلالها بناء أساس تقني قوي يجعلنا نعتمد على أنفسنا في ضبط الأمور، حتى لا نكون عُرضة للفشل على المستوى الداخلي والخارجي، وتعطيل المصالح الحكومية والشعبية."

وفي نهاية هذا العرض للآراء المختلفة استطيع القول انه يكاد يجمع المشاركون هنا على أن الأنترنت بكل مافيه من ميزات عظيمة يمكنه أن يكون قفصاً مميتاً اذا لم تدرك الدول الواعية طريقها لتجاوز مخاطره. والحديث طويل ومتجدد، ونترك للقارئ الكريم الاستقاضة في فهمه، والبحث عن حلول ناجعة لو توقف الانترنت مستقبلا سواء كان السبب عطلا فيه او بسبب الحرب الالكترونية.

ونختم هنا باعتزازنا الكبير بما قدمته المملكة لتجاوز آثار هذا التوقف. وثقتنا الراسخة بالاجهزة المعنية، التي تدرك مثل هذه المخاطر، ووضعت لها الحلول مسبقاً، في ظل قيادة حكيمة واعية. نسال الله ان يحفظ هذه البلاد وولاة امرنا وان يجنبنا الفتن.