الحريف.. بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات ومعانٍ، تصيبك الحيرة وأنت تفكر في الكتابة عن هذه الشخصية الملهمة. لا تعلم من أين تبدأ، ولا أين تنتهي؟

شعاره المهني.. "الصحافة في دمي، إنْ بورقها وأحبارها أو برقمنتها وشاشاتها".

"أقول. أقول"، دعونا نستعير هذه العبارة الشهيرة للسندباد، لنفتتح بها حديثنا عن السيرة المكوكية لابن المدينة البار، الأستاذ المغامر الذي ترعرع في دهاليز الإعلام، في يده اليمنى قلم صحفي رشيق، ويجمع في قريحته قاموساً من المفردات، يتحول إلى مانشيتات وعناوين، تشعر بها تتحرك على الورق. ذاكرته تختزن مداخل فنون الكتابة. محترف قصصياً، يطوّع الحرف حتى يُخيل لك أنه ينطق، ويحاجيك بالصور السلبية حتى تختفي. خليفة ابن بطوطة. صحفي أكاديمي صعد سلم النجاح خطوة بخطوة. خبير الفضائيات، لا يهدأ إذا دقت ساعات العمل، ترك بصماته في كل الأماكن والأزمنة. يتدخل في كل مفاصل وتفاصيل العمل، يصنع من الخشبة "عجبة".

ضيفي الذي أتشرف بالكتابة عنه اليوم، لا تتنبأ ماذا يحمل في جعبته، تتجدد أفكاره كل ثانية، يميل إلى التمثيل البياني، وفنون الرسوم الكاريكاتيرية وتوظيفها، كنوع من فنون الإبداع الصحفي، في المواقف الخيالية الساخرة والفكاهية، متقن في تقديمها كصور قصصية منفردة بحد ذاتها.

غريب الأطوار، مرة تجده المعلم الصارم، وتارة يقتحم القلوب، من فرط الإنسانية التي تلغي كل القرارات العقابية، خليط من الروقان، والعصبية، تختلف معه أو تتفق؛ النجاح عنده يستحق السهر والمعاناة، ساعات الراحة في جدوله مقننة. تخطت نجاحاته الحدود، حلّق سفيراً إعلامياً فوق العادة، وحقق نجاحات غير مسبوقة. طموحه لا محدود، تاريخ حافل بالإنجازات، وسيرة ذاتية ثقيلة، بالمهام، تنقل بين حبر الورق والمطابع، وصعد للأقمار والقنوات، متقد الهمة، الإعلام يشكّل نبضه، وأيقونة حياة، لا يرتبط بالمكان ولا الزمان.

"محمد بن فرج التونسي".. علم على رأسه نار.