عبد الجبار العتابي من بغداد: يعد المخرج فاروق القيسي من فرسان الدراما العراقية ، واسما مميزا في هذا العالم الفني الجميل ، وله اعمال ما زالت تتدفق في الذاكرة وتتألق بين مثلاتها ، وتجاوزت انجازاته حدود العراق الى الخليج حيث كان عمله الاخير (حبل المودة) في الكويت واحدا من المسلسلات التي نالت مشاهدة واسعة ، مع فاروق القيسي اجرينا حوارا لنتعرف إلى ارائه وافكاره .
ما جديدك حاليا ؟
هناك العديد من الاعمال الدرامية التلفزيونية التي كلفت بإخراجها لصالح عدة محطات فضائية ولكن لم يتم البت فيها وتأجل انتاجها عدة مرات بسبب التمويل او المشاكل الانتاجية التي تجابه كل انتاج درامي ، وايضا لدي عمل درامي / تسجيلي عن المونولوجست عزيز علي سيتم انتاجه بتمويل من دائرة السينما والمسرح من تأليف خالد الخياط .
ما حكاية مسلسل عزيز علي ؟
انه عبارة عن عدة حلقات ربما سيتم ضغطها لتشكل فيلما سينمائيا يتم انتاجه تلفزيونيا ، اي بكاميرا تلفزيونية (ديجيتال) ، وهو يؤرخ للمرحلة الزمنية التي عاشها المونولوجست عزيز علي في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي ، وهو ايضا استعراض للاغاني وللحياة السياسية ، وقد عرضت علي حلقة واحدة منه ، على اساس انه مسلسل ولكن الدائرة ارتأت ان يتم ضغطه ليكون فيلما يستغرق عرضه اكثر من ساعة تلفزيونية او قد يشكل جزء اولا ثم ثانيا ، وذلك من اجل ان يعرض من القنوات الفضائية .
هل تفضل ان يكون فيلما ام مسلسلا ؟
- انا افضل ان يكون مسلسلا لان حياة عزيز علي فيها استعراض للاجواء البغدادية والظروف الاجتماعية التي مر بها البلد خلال النصف الاول من القرن العشرين ، وكان عزيز علي يتناول بمونولوجستاته كل سلبيات المجتمع ويؤلف لها الاغاني وتذاع من اذاعة بغداد ، وحيث لم يكن هنالك تلفزيون ، وكانت كل اغنية تثير مسائل سياسية واجتماعية ، وكان يزج به في السجن بعدها لمدة تطول او تقصر ، بسبب هذه الاغاني و المونولوجستات ، وبصراحة انا متحمس لهذا العمل لكوني كنت استمع حينما كنت صغيرا الى ألحانه ومونولوجستاته التي كان الجمهور يرددها ، وكما قلت انه كان يستعرض في اغانيه مشاكل المجتمع وسلبياته انذاك .
كيف سيتم التعامل مع سيرة حياة الرجل ؟
كما قلت لك سيكون العمل كما اتوقع تسجيليا دراميا ، وهناك يعني استعراضا للاماكن التي عاش فيها مثل (محلة بشار) التي ولد فيها وعاش طفولته ، وكذلك الاعتماد على الصور الفوتوغرافية والتسجيلات ، وعلى ذكر التسجيلات فلايوجد الا شريط واحد لعزيز سجل في الكويت عام 1963، واذكر انني كنت انذاك حاضرا في الاستوديو الذي سجلت فيه ايضا اغان لناظم الغزالي ووحيدة خليل ، هذه التسجيلات ستتم الاستفادة منها ودمجها في الفيلم بصورة فنية ، وانا من المعجبين بشخصية عزيز علي لانه كان وطنيا ومثقفا وفنانا ترك بصمة على الشعب العراقي من خلال هذه المونولوجستات ، وللعلم لم يمر على العراق الا اثنان من فناني المونولوجست هما عزيز علي وعلي الدبو وثالثهما فاضل رشيد ، ولكن للاسف لا توجد صورة واضحة عن حياة علي الدبو وفاضل رشيد ، ومن يدري ربما في المستقبل ستتم كتابة اعمال درامية وتسجيلية عن هؤلاء الفنانين الرواد .
ما اخر عمل اخرجته ؟
احدهما في الكويت (حبل المودة) من ثلاثين حلقة وحاز على اثره الفنان عبد الحسين عبد الرضا على جائزة افضل ممثل كوميدي عربي في مهرجان ، وبعده اخرجت مسلسل (ميليشيا الحب) لحساب قناة الشرقية ، وبعدهما صرنا وما زلنا ندور في حلقة مفرغة من الانتاجات التي ذكرتها والتي تؤجل يوما بعد يوم بسبب الظروف الانتاجية .
برأيك ما أكثر ما يعيق العملية الفنية في العراق ؟
الحقيقة الان الظروف الانتاجية تدور حول التمويل ، كما ان 80 % من ممثلينا تركوا البلد ولجأوا الى دول الجوار ، وثالثا بسبب الظروف التي يمر بها البلد فكثير من معالم البلد تشوهت بالاضافة الى المشاكل التي تجابه المخرج او المنتج من ناحية انقطاع الكهرباء واصوات المولدات وتوفير النواحي الامنية للفنانين ، وعلى سبيل المثال : المخرج يعطي اوامر حضور للممثل لكي يحضر في ساعة معينة من اجل التصوير لكنه يحضر بعد ثلاث ساعات ، وحين يأتي يقول ان الطرق مسدودة ومفارز المدرعات لدول التحالف تقطع الطريق ، وهنا لايمكنك ان تعمل ، بينما في السابق كان هناك التزام من ناحية حضور الممثل ، وهذه مشاكل انتاجية نعانيها ، لذلك ظهرت الاعمال الدرامية في العراق ، برأيي مع احترامي ، مهزوزة فنيا وانتاجيا وتمويلا ، وعلى فكرة ان ما يتقاضاه الفنان العراقي سواء كان مخرجا او ممثلا هو عشر ما يتقاضاه ممثلو البلدان المجاورة ، وحين تناقش المنتج او مدير الانتاج فيقول لك ان ميزانية العمل محدودة ، لذلك تظهر الاعمال الدرامية وهي ليست بالصورة التي نتمناها .
في مسلسلك الكويتي (حبل المودة) اخترت الفنانة العراقية سلامة سالم لماذا ؟
- لقد ظهرت بأسمها الحقيقي (سلمى سالم) ولعبت دور الزوجة الثانية لعبد الحسين عبد الرضا ، وكان اداؤها باللهجة الكويتية وقضيت وقتا طويلا معها ادربها على اللهجة ونجحت في ذلك ، وقد اخترتها لانني كنت بحاجة الى فتاة جميلة الصورة تلعب دور الزوجة الثانية ، وكانت المواصفات تنطبق عليها ، وهي وجه جديد بالنسبة إلى الدراما الكويتية .
اثار مسلسلك (ميليشيا الحب) ردود افعال قاسية لماذا قمت بأخراجه ؟
كانت هنالك رغبة من قناة الشرقية وبالذات من سعد البزاز ان نعطي صورة عن واقع العراق بسبب ظهور العديد من الميليشيات ، وكانت هناك رغبة من القناة ان نشكل دراميا ميليشيا جديدة من نوعها بعيدة عن العنف والارهاب وسميت ميليشيا الحب ، واخذ العمل الدرامي العنوان نفسه ، وهو عمل كوميدي اجتماعي سياسي .
ولكن النهاية جاءت مأسوية وتفككت ميليشيا الحب ، هل كان ذلك مقصودا لاعطاء صورة قاتمة عن الوضع في العراق؟
بعد تعرضهم الى معاناة يعود ابطال الميليشيا الى بيع الغاز وغيرها وهي مهن متواضعة بالنسبة إلى شباب مثقف ومن خريجي الجامعات وبسبب الانفجارات ، هنا انفجار وهناك انفجار ، وجدوا ان (ماكو فايدة) ، وكان تفكيك ميليشيا الحب هو المطلوب كسياسة للقناة وللممول والكاتب والفنانين ، ان يرسموا صورة قاتمة ، وهذا ما نعانيه الان في الصورة التي نعيشها مع الاسف والتي ما زالت قاتمة ، ونطلب الفرج ، ولنا الله ومن الله التوفيق .







التعليقات