يصرخن في الفراغ :quot;أنقذونا من تسلط شقيقنا الأكبرquot;
أربع شقيقات سعوديات يتجرعن العذاب على يد شقيقهم
غادة الزبيدي من الرياض: هن أربع شقيقات تجرعن أشد أنواع التعذيب المر على يد شقيقهن ليل نهار في منطقة عسير جنوب السعودية. تستنجد quot;جميلةquot; الفتاة الجنوبية ذات الست وعشرون ربيعاً والثانية في ترتيب هؤلاء الشقيقات وتقول: quot;لم اعد احتمل! يجب أن أنهي هذا العذاب الذي حل بي أنا وشقيقاتي فكلاً منا تنهار واحده تلو الأخرى على يد شقيقي الذي حمله رحمٌ واحد معناquot;.
لقد بدأت رحلة العذاب منذ خمسة عشر سنة مضت.
تقول quot;جميلةquot;: quot;كنت حينها ابلغ من العمر ما يقارب الحادية عشر وأختي الكبرى ثلاثة عشر وأختان تصغرانا ولا يفارق عمرهما عنا سواء عامين من الفطام، وبداية الرحلة كانت بتذوق طعم الإهانة من سب وشتم من أخي وكان حينها يدرس في المرحلة الثانوية ،وأبي وأمي لا يلقيان لأفعاله بال لأنه فقط رجلquot;. والرجل في منطقة الجنوب كما تقول quot;جميلةquot; يحق له كل شي ويعد له ألف حساب أما النساء quot;لا يعدونquot;. قالتها بلهجة جنوبية خائفة خافته لا ثقة فيها وكأن أخاها لا يزال واقفاً فوق رأسها أو يستمع لها خلف جدران غرفتها.
مواقف العذاب
تتحدث quot;جميلةquot; بعبرة خانقة لم تتمكن إخفاءها من صوتها وتقول: quot;شقيقتي الكبرى كانت من أجمل الفتيات في قبيلتنا وكانت تتميز بشعر طويل جميل منسدل على كامل ظهرها قامت بقصه بيدها وبات يشبه شعر الذكور حتى لا يتمكن أخي من سحبها منه وإسقاطها أرضا وحتى تتمكن من الهرب حين يقوم على مهاجمتهاquot;.
وتضيف بأسى :quot;اما شقيقتي التي تصغرني فهي تمضي جل يومها في النوم جراء الحبوب المنومة والمسكنات التي وصفت لها من العيادة النفسية التي تراجع لديها والتابعة لإحدى المستشفيات الحكومية في محافظة خميس مشيط وسبب مراجعتها لهذه العيادة هو انهيارها عدة مرات من تسلط أخي عليها وضربها ضرباً مبرحا دون أي سبب يذكرquot;.
وتمضي في حديثها قائلة:quot; أختي الصغرى لا يخلو جسدها من علامات الضرب و الإهانة من أخيها وهي تعالج وتتردد على مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لإجراء جراحات تجميله لتشوه في صدرها نتج عن حريق تعرضت لهquot;.
وهنا لم تستطع أن تكمل جميلة الحديث وقطعت المحادثة لأنها شعرت بأن هناك من يتصنت عليها.
لحظات الموت
بعد ما يقارب العشر دقائق عاودت quot;جميلةquot; الاتصال بنا وأكملت حديثها وهي تتنهد: quot;حتى أنا حالي كحال شقيقاتي ففي إحدى الأيام كان والدي يقيم وليمة في المنزل وكنت أعد طعام العشاء في المطبخ فجأة دخل أخي وكان يحاول أن يثير غضبي بكلماته وشتائمه التي لا سبب لها فقمت على التزام الصمت حتى لا تتعالى أصواتنا وتمر على مسامع الضيوف وهنا اشتط أخي غضباً من صمتي مما جعله يمد يده علي ويكتفها إلى الأمام ويضعها على صدري وينظر لعيناي بنظرات يتطاير منها الشرار وقام بدفع جسدي من منطقة الظهر على الثلاجة الزجاجية التي تهشم زجاجها من قوة الدفع ومن ثم دفعني مره أخرى على الزجاج المهشم ولكن إرادة الله جعلتني أتمسك به بكل قوتي حتى لا أتعرض للموت على يديه بهذه الطريقة وبالطبع كانت صرخاتي تتعالى في المنزل كلها وقدم أبي وأمي حتى ينتشلاني من قبضة يديه وهنا قام أبي على طرده من المنزلquot;.
تقول :quot;كانت هذه الكارثة وكأنها صحوة استيقاظ لوالدي على أفعال أخي الذي لطالما استنجدنا به وبأمي من عذابه ولكن للأسف بسبب العادات والتقاليد وكثيرة العيب، كان الحل في نظرهم هو سكوتنا وعدم رفع صوتنا والوقوف في وجه أخيquot;.
مرض والدي
وتكمل quot;جميلةquot;:quot; لم تكن هذه الحادثة فقط صحوة لوالدي بل للأسف كانت أول أيام مرضه بالقلب وعلى اثر هذا المرض أدخل للمستشفى لإجراء عملية مستعجلة حتى يستطيع العيش، ومن ثم بدأ برحلة علاج مع المرض بين المستشفى الواقع في محافظة خميس مشيط وبين محافظة جدة، ومن ثم توالت عليه الأمراض من سكري وضغط في الدم وغيرهاquot;.
ليس أبي وحده الذي لم يسلم من أخي بل حتى والدتي.
وهنا تحدثنا والدة quot;جميلةquot; وتقول: quot;لقد أعطاني الله والدً عاقاً بي وبأبيه وبشقيقاته وبكل أهله في البداية كنا عندما نجده يشتم ويتآمر على شقيقاته نقول أنا ووالده هذا رجل عليه أن يتربى بهذا الشكل يكون كاملاً في الجفاف وفي نفس الوقت كنا نردد على أنفسنا غداً يكبر ويتعلم ولكن بدأ تسلطه وجبروته وطغيانه هم الذين يكبرون فيه ومعه، لدرجة أنه قام على ضربي وكسر أصابع يدي في إحدى المرات أثناء ما كنت أقوم على الوقف بوجهه حتى لا يضرب شقيقتهquot;.
quot;استمر هذا الحال أعوام إلى أن بدأت ألاحظ عذاب بناتي الأربعة فقد أخرجهم من الجامعة بسبب نفسيتهن المتعبة ولم يستطعن إكمالها منه، والكبرى فقط هي من استطاعت إكمال دراستها بعونٍ من اللهquot;.
وسألنا والدة quot;جميلةquot; عن السبب الحقيقي في تصرف أبنها بهذا العنف مع شقيقاته وقالت: أعتقد بان هذا العنف نما لأننا تركناه يتصرف مع شقيقاته كما يحلو له إضافة إلى أنني أشك في سلوكه أو ربما يتعاطى شيء ما يجعله بهذا الشكل.
وعن ما إذا قاما والدا quot;جميلةquot; بالشكوى للسلطات والجهات المعنية كـ أمارة منطقة عسير تقول: quot;نعم لقد قمنا بشكوى ابننا عدة مرات وقد بدأنا باستدعاء الشرطة أولا ولكنه كان يتوقف لساعات قليلة ويخرج في نفس اليوم وحتى الشكوى التي تقدمنا بها لا نعلم ماذا حالها الأن، إضافة إلى أن ابني لديه عدة شكاوى في الشرطة من أهالي الحي الذي نقطنه بسبب مشاكلهquot;.
الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان
تحدثنا مع الدكتور مفلح القحطاني نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان حول هؤلاء الفتيات وقال في تصريح لـquot;إيلافquot;: quot;بان في مثل هذه الحالات تقوم الجمعية بدراسة الحالة أولاً والبحث فيها ومن ثم عمل كل مايلزم من اجلها اما بشكل استشارة قانونية أو بتدخل من الجهات المختصة المسؤولة أو الحماية إن تطلبت الحالةquot;.
أما بالنسبة لطول مثل هذه الإجراءات يخبرنا الدكتور القحطاني بأنها لا تطول ولكن المدة التي تستغرق بعض الوقت هي التحري والبحث ودراسة الحالة ولكن الشروع في الحالة يكون فوري خاصة مع تنسيق بيننا وبين وزارة الشؤون الإجتماعية وغيرها من الوزارات.
التعليقات